سيدنا سليمان -عليه السلام- هو نبي من أنبياء الله تعالى، وهو ابن النبي داود عليه السلام، ووردت قصة سيدنا سليمان في مواضع كثيرة من القرآن الكريم، وقد اختصه الله بمعجزات عديدة لم تكن لأحد سواه، فسخر له الجن والطير والدواب والرياح، وحدثت على يديه معجزات كثيرة.. تعرف على قصة سيدنا سليمان.
سيدنا سليمان عليه السلام
كان سليمان عليه السلام ملكا في قومه، ووهبه الله تعالى صفات فريدة لم يتمتع بها أحد غيره من الأنبياء، قال تعالى: “وَوَرِثَ سُلَيْمَانُ دَاوُودَ ۖ وَقَالَ يَا أَيُّهَا النَّاسُ عُلِّمْنَا مَنطِقَ الطَّيْرِ وَأُوتِينَا مِن كُلِّ شَيْءٍ ۖ إِنَّ هَٰذَا لَهُوَ الْفَضْلُ الْمُبِينُ”، والإرث المقصود في هذه الآية هو أن سليمان كان قد ورث النبوة من أبيه داود عليهما السلام، لأن الأنبياء لا يورثون المال.
وسخر الله تعالى لسيدنا سليمان عليه السلام كثيرا من المخلوقات والكائنات من الإنس والجن والحيوانات والطير والجماد والرياح، قال تعالى: “وَلِسُلَيْمَانَ الرِّيحَ غُدُوُّهَا شَهْرٌ وَرَوَاحُهَا شَهْرٌ ۖ وَأَسَلْنَا لَهُ عَيْنَ الْقِطْرِ ۖ وَمِنَ الْجِنِّ مَن يَعْمَلُ بَيْنَ يَدَيْهِ بِإِذْنِ رَبِّهِ ۖ وَمَن يَزِغْ مِنْهُمْ عَنْ أَمْرِنَا نُذِقْهُ مِنْ عَذَابِ السَّعِيرِ* يَعْمَلُونَ لَهُ مَا يَشَاءُ مِن مَّحَارِيبَ وَتَمَاثِيلَ وَجِفَانٍ كَالْجَوَابِ وَقُدُورٍ رَّاسِيَاتٍ ۚ اعْمَلُوا آلَ دَاوُودَ شُكْرًا ۚ وَقَلِيلٌ مِّنْ عِبَادِيَ الشَّكُورُ”.
قصة سيدنا سليمان مع النمل
كان سيدنا سليمان عليه السلام يسير بجيشه ذات مرة، فسمع صوت نملة تنصح النمل بالابتعاد عن الطريق حتى لا يحطمه جيش سليمان، فسمعها نبي الله سليمان وابتسم شكرا لله تعالى على ما أنعم عليه به، قال تعالى: “حَتَّى إِذَا أَتَوْا عَلَى وَادِ النَّمْلِ قَالَتْ نَمْلَةٌ يَا أَيُّهَا النَّمْلُ ادْخُلُوا مَسَاكِنَكُمْ لَا يَحْطِمَنَّكُمْ سُلَيْمَانُ وَجُنُودُهُ وَهُمْ لَا يَشْعُرُونَ * فَتَبَسَّمَ ضَاحِكًا مِّن قَوْلِهَا وَقَالَ رَبِّ أَوْزِعْنِي أَنْ أَشْكُرَ نِعْمَتَكَ الَّتِي أَنْعَمْتَ عَلَيَّ وَعَلَىٰ وَالِدَيَّ وَأَنْ أَعْمَلَ صَالِحًا تَرْضَاهُ وَأَدْخِلْنِي بِرَحْمَتِكَ فِي عِبَادِكَ الصَّالِحِينَ”.
قصة سيدنا سليمان مع الجن
على الرغم من أن الجن مخلوقات لا يراها الإنس، إلا أن الله سخرها لسيدنا سليمان، فكان عليه السلام يتحكم بالجن ويأمره وكان الجن يأتمر لأمره، قال تعالى: “وَحُشِرَ لِسُلَيْمَانَ جُنُودُهُ مِنَ الْجِنِّ وَالْإِنْسِ وَالطَّيْرِ فَهُمْ يُوزَعُونَ”، وقال تعالى: “وَمِنَ الْجِنِّ مَنْ يَعْمَلُ بَيْنَ يَدَيْهِ بِإِذْنِ رَبِّهِ وَمَنْ يَزِغْ مِنْهُمْ عَنْ أَمْرِنَا نُذِقْهُ مِنْ عَذَابِ السَّعِير”.
قصة سيدنا سليمان مع الهدهد
عندما كان سليمان عليه السلام يتفقد جنده ذات مره، لاحظ غياب الهدهد دون أن يستأذنه؛ فأقسم على معاقبته إن لم يكن غائبا بعذر قوي، فلما رجع الهدهد أخبر سليمان أنه كان غائبا لأنه رأى قوما يعبدون الشمس ولا يعبدون الله تعالى، فتبعهم وعرف أخبارهم.
قال تعالى: “وَتَفَقَّدَ الطَّيْرَ فَقَالَ مَا لِيَ لَا أَرَى الْهُدْهُدَ أَمْ كَانَ مِنَ الْغَائِبِينَ * لَأُعَذِّبَنَّهُ عَذَابًا شَدِيدًا أَوْ لَأَذْبَحَنَّهُ أَوْ لَيَأْتِيَنِّي بِسُلْطَانٍ مُّبِينٍ * فَمَكَثَ غَيْرَ بَعِيدٍ فَقَالَ أَحَطتُ بِمَا لَمْ تُحِطْ بِهِ وَجِئْتُكَ مِن سَبَإٍ بِنَبَإٍ يَقِينٍ * إِنِّي وَجَدتُّ امْرَأَةً تَمْلِكُهُمْ وَأُوتِيَتْ مِن كُلِّ شَيْءٍ وَلَهَا عَرْشٌ عَظِيمٌ * وَجَدتُّهَا وَقَوْمَهَا يَسْجُدُونَ لِلشَّمْسِ مِن دُونِ اللَّهِ وَزَيَّنَ لَهُمُ الشَّيْطَانُ أَعْمَالَهُمْ فَصَدَّهُمْ عَنِ السَّبِيلِ فَهُمْ لَا يَهْتَدُونَ”.
قصة سيدنا سليمان وملكة سبأ
عندما أخبر الهدهد سيدنا سليمان بما رأى من قوم سبأ، بعث بكتاب إلى ملكتهم ليتيقن من صدق الهدهد، وكان الكتاب يدعو قوم سبأ إلى الإيمان بالله تعالى وطاعة سيدنا سليمان لأنه نبي من الله، فلما وصل الكتاب لملكة سبأ وعلمت ما به اجتمعت بوزرائها وأكابر قومها لمشاورتهم في الأمر.
أشار أكابر قوم سبأ على الملكة بمحاربة سليمان وقتله؛ لأنهم لم يقبلوا ما كان يدعون إليه، ولكن رأي الملكة كان مختلفا إذ أرسلت إلى سليمان عليه السلام هدية من الجواهر الثمينة لتستجلب مودته وعطفه، ومن خلال هذا الأمر أيضا تعرف مدى قوته وقوة جيشه، وأصرت على إرسال الهدية مع رجال أشداء أقوياء.
ولما وضع الرجال الهدية أمام سليمان عليه السلام رفضها، وتوعدهم بإرسال جيش لشن الحرب عليهم وإخراجهم من بلادهم إن لم يعبدوا الله تعالى وحده ويتوقفوا عن عبادة الشمس؛ فلما علمت ملكة سبأ بذلك أرسلت إليه كتابا بأنها ستكون طوع أمره وتنظر فيما يدعوهم إليه وقررت الذهاب إليه مع جيشها العظيم.
لما علم سليمان عليه السلام بقدوم ملكة سبأ أمر ببناء قصر لها والإتيان بعرشها إلى قصره ليريها مظاهر قوته، وأمر بتغيير القليل من معالم العرش ليرى إن كانت ستعرف أنه هو عرشها أم لا، فلما رأته الملكة قالت كأنه هو لاستحالة نقله من قصرها إلى قصر سليمان، ولما تيقنت أنه عرشها آمنت وقومها بالله تعالى وبنبيه سليمان.
موت سيدنا سليمان
رُوي أن سيدنا سليمان كان قد أمر الجن ببناء بيت المقدس، وكان متكئا على عصا، فمات ولم تعلم الجن بموته إلا بعد سنة كاملة، بعد أن أكلت الأَرَضَةُ (حشرة صغيرة) عصاه، فلما سقط علموا بموته، “فلما قضينا عليه الموت ما دلهم على موته إلا دابة الأرض تأكل مِنْسَأَتَه فلما خَرَّ تبينت الجن أن لو كانوا يعلمون الغيب ما لبثوا في العذاب المهين”.
يقول العلماء إن سيدنا سليمان هو من طلب من الله -عز وجل- أن يُخفي عن الجن أمر موته حتى يدرك الناس أن الجن لا يعلمون الغيب، فلو كانوا يعلمون الغيب ما استمروا في الأعمال الشاقة والعذاب مدة سنة كاملة.
واعلم أن العذاب المهين هذا لم يكن ظلما أو تعذيبا من سيدنا سليمان الذي اتُّصف بالعدل، ولكنه كان يعاقب المذنبين بالعمل في أمور تنفع الناس بدلا من سجن يضرهم ولا ينفع الناس، وكانت هذه الأعمال مثل البناء وشق الترع وغيرها من الأعمال النافعة.