أحمد حسن الزيات، هو اسم لامع في سماء الثقافة المصرية والعربية في القرن الـ20، حيث جذب الأديب والكاتب الصحفي الانتباه بآرائه وكتاباته، فيما أسس مجلة الرسالة التي كانت المنبر الأمثل لأفكاره الداعية للوحدة والرقي ومحاربة الخرافات، فكيف كانت رحلة الزيات الطويلة في عالم الأدب والثقافة؟
نشأة أحمد حسن الزيات
ولد أحمد حسن الزيات في سنة 1885م بمحافظة الدقهلية، وتحديدا في قرية كفر دميرة القديم التابعة لمركز طلخا، حيث تربى بين أفراد أسرة متوسطة الحال، فيما كان والده يميل للأدب رغم عمل الأسرة بالزراعة، لينجذب الزيات إلى عالم الثقافة منذ كان طفلا صغيرا.
اتسم الزيات بحب العلم منذ الصغر، حيث تلقى تعليمه في كتاب القرية وحفظ القرآن الكريم، قبل أن يلتحق بالأزهر وهو في عمر المراهقة، ليدرس علوم الشريعة على مدار 10 سنوات، إلا أن عشقه للأدب كان دائما ما يدفعه إلى الاستماع لدروس الشيخ المصرفي، كونه كان يركز على شرح مؤلفات أكبر الشعراء والعلماء العرب، مثل أبي تمام والمبرد.
عمل أحمد حسن الزيات
في عام 1908، قرر الزيات الذي كان في مقتبل العمر أن يتجه نحو شغفه، فترك الدراسة في الأزهر، ومعه حفنة من الأدباء الصغار حينها والذين شاركوه نفس الفكر، مثل طه حسين ومحمود حسن الزناتي، ليلتحقوا بالجامعة الأهلية ويحصلوا على العلم على يد كبار المستشرقين بالجامعة، علما بأن الزيات درس الحقوق أيضا في الفترات المسائية.
لم تمنع الدراسة الزيات من العمل في التدريس، وهي المهنة التي أتاحت له فرصة التواصل مع زملاء عمل صاروا فيما بعد من العظماء في الأدب والثقافة، مثل العقاد والمازني على سبيل المثال لا الحصر.
تطور الزيات سريعا في مجال عمله، حيث تم اختياره لتولي منصب رئيس القسم العربي في الجامعة الأمريكية بالقاهرة، قبل أن يسافر إلى بغداد ليصبح أستاذا في دار المعلمين العالية هناك، ليعود بعد نحو 3 سنوات وهو يحمل فكرة إنشاء جريدة الرسالة التي صارت أحد أبرز إنجازات هذا المفكر والأديب.
مجلة الرسالة
شهد عام 1933 النقطة الفارقة في حياة الزيات الأدبية والثقافية، حيث قام حينها بتأسيس مجلة الرسالة، التي أمل من خلالها أن يطور الفكر العربي، مركزا على الأدب الراقي والفن الرفيع، ما تحقق بمرور الوقت على أرض الواقع مع زيادة شعبية مجلته حديثة العهد.
تميزت مجلة الرسالة ببعد ثقافي خاص، حيث ظهر فيها الربط بين الشرق والغرب وكذلك بين القديم والحديث، فيما اهتم الزيات من خلالها بتوحيد الأمة وإثراء الفكر وكذلك إحياء التراث، في ظل التمسك بالأسلوب الراقي والعبارات البليغة في كتاباته.
تحولت مجلة الرسالة في أعين أدباء هذا العصر إلى المنبر الذي يحلم الجميع بالظهور من خلاله عبر ما يكتب، حيث شهدت مقالات لعظماء الأدب والثقافة، مثل العقاد ومصطفى صادق الرافعي وكذلك أحمد أمين ومحمد فريد أبو حديد، علما بأنها ساهمت في ظهور عدد من الكتاب الصغار حينها، مثل أبي القاسم الشابي ومحمود حسن إسماعيل.
كتب أحمد حسن الزيات
صدرت للزيات الكثير من المؤلفات على مدار سنوات وجود مجلة الرسالة، حيث كتب “في أصول الأدب” في سنة 1934، وكذلك “دفاع عن البلاغة” في عام 1945، و “في ضوء الرسالة”، قبل أن يجمع كتاباته في مجلة الرسالة داخل كتاب شهير يدعى “وحي الرسالة”، ليعد الجامع الأبرز لآراء وأفكار الكاتب الكبير، الذي افتقد مجلته بعدما تعرضت للحجب في عام 1953، بعد مشوار امتد نحو 20 سنة.
كذلك كان الزيات مهتما بانتقاء أبرز الأعمال الأدبية الغربية، ليقوم بترجمتها إلى العربية، ومن بينها رواية “آلام فرترت” لجوتة، وكذلك رواية “روفائيل” للفرنسي لامرتين، مستغلا براعته في اللغة الفرنسية التي أتقنها بشدة بعدما عاش في باريس عندما كان يدرس الحقوق.
اتسمت كتابات الزيات بالأسلوب القوي والبيان الواضح، ما استغله في توجيه سهام النقد للحكام والمسؤولين في عصره، مهاجما الإقطاع ومقاوما المحتل، حيث كان دائم التحفيز للشعب على مواجهة الاستعمار الغربي في البلاد، إلا أن ذلك لم يدفعه يوما إلى الانضمام للأحزاب السياسية كما فعل الكثير من الأدباء والكتاب الآخرين، بل ظل متمسكا بالهدوء النفسي الذي تمتع به بعيدا عن صراعات السياسة.
وفاة أحمد حسن الزيات
شهد يوم الأربعاء الموافق 12 من مايو سنة 1968 خبر الوفاة المفجع الذي أبكى أصدقاء الكفاح وأكبر الأدباء حزنا على فراق صديقهم، حيث رحل الزيات عن عالمنا عن عمر يناهز الـ83.
رحل أحمد حسن الزيات بعدما ترك الكثير من المؤلفات والكتابات التي أبرزت فكره الراقي الذي جذب اهتمام الكثيرين في عصره، والذي جمعه بمجلة الرسالة، المولود المفضل للأديب الراحل.