دائما ما كانت أطلانتس، المذكورة في حوارات أفلاطون “تيماوس” و”كريتياس – وتمت كتابتها حوالي عام 330 قبل الميلاد- محل إعجاب الفلاسفة والمؤرخين الغرب لفترة قاربت الـ2400 عام، إلا أن الإغريق القدماء انقسموا حول مدى حقيقة أو خيال تلك القصة، فيذكر البعض أنها تاريخ موجود ودولة حقيقية قائمة، في حين يذكر آخرون أن هذه المدينة مجرد أسطورة فقط لا غير.
ويقف موقع قل ودل على القصة الكاملة وراء مدينة أطلانتس الضائعة…
في المحيط الأطلسي
وفقًا لحكايات أفلاطون، فإن أطلانتس عبارة عن دولة جزرية تقع في مكان بالمحيط الأطلسي، وكانت دولة كبيرة مترامية، تشكل قوة بحرية قوية كانت تغزو معظم بقاع العالم حينها، ومملكة قوية ومتقدمة، ولكنها غرقت في ليلة ونهار، في المحيط حوالي 9600 قبل الميلاد، ولكنها لم يبقَ منها إلا أثينا فقط.
في البحر المتوسط أو بالقرب منه
المؤمنون بوجود أطلانتس، اعتقدوا في الافتراض القائل إن مدينة أطلانتس تقع في المحيط الأطلسي، وذلك لارتباط اسمها ارتباطًا وثيقًا باسم المحيط الأطلسي، مما أضفى للموضوع جاذبية خاصة، وغالبًا ما تضع الروايات في الثقافة الشعبية أطلانتس في هذا الموقع تأكيدًا على ما يزعمه أفلاطون في كتاباته، في حين أن معظم المواقع التي تنبئت بوجود أطلانتس، تحدد تاريخيًّا في البحر المتوسط أو بالقرب منه، وفي جزر مثل ساردينيا، وكريت، وسانتوريني، وصقلية، وقبرص، ومالطا.
هزيمة الأطلسيين وغرق المدينة
وحكى أفلاطون، أن تلك المدينة تدمرت، في غمار معركة كبيرة، هزم الأثينيون فيها الأطلسيين وأعادوهم أدراجهم، ويقال إنه في اليوم التالي لتلك المعركة، حدثت كارثة مهلكة تسببت في غرق المدينة بأكملها في المحيط واختفائها من على وجه الأرض.
انفجار بركاني وتسونامي
وألهمت محاولة حل لغز أطلانتس العديد من الدراسات، والبحوث، والكتب، والقصص، والأفلام، لتصبح كلمة “أطلانتس” كلمة متداولة تُطلق على جميع الحضارات المفقودة خلال عصور ما قبل التاريخ.
ويذكر أن السبب في اختفاء تلك المدينة، هو الانفجار البركاني الكارثي والذي حدث ببركان ثيرا، في القرن السادس عشر أو السابع عشر قبل الميلاد، والمتسبب بدوره في موجة تسونامي كبيرة يرجح بعض الخبراء أنه دمر الحضارة المنيونية بجزيرة كريت، مما دفع البعض للاعتقاد بأن هذا البركان هو الكارثة الكبرى المستوحى منها القصة.
أطلانتس المدينة الفاضلة
ظل حوار “الطيمايوس” ومدينة أطلنتس، معروفًا في الحضارة اللاتينية خلال العصور الوسطى، وكان علماء الإنسانيات يشبهون أطلانتس بالمدينة الفاضلة في كثير من كتابات عصر النهضة، ويتجلى ذلك واضحا في كتاب “يوتوبيا” لتوماس مور 1516، وكتاب “أطلانتس الجديدة” لفرانسيس باكون 1624.
وتخيل مور في كتباته، أرضًا خيالية في العالم الجديد، مما يشكل حلقة وصل بين الأمريكتين والمجتمعات الفاضلة، وتم ترسيخ هذه الصورة من خلال كتاب فرانسيس باكون، حيث تخيل مجتمعًا فاضلاً أطلق عليه اسم “بن سالم” يقع على الساحل الغربي لأمريكا.
وفي القرن التاسع عشر، احتوى كتاب إجناسيوس دونللي، الذي يحمل عنوان “أطلانتس.. عالم ما قبل الطوفان” عام 1882، على خرائط لتضاريس قاع المحيط الأطلسي مُدَّعيًا أن مساحات مهولة من الأراضي تحدها من الشرق ما يعرف الآن بجزر الأزور كانت تقع في شمال المحيط الأطلسي.
في الوقت الذي زعم فيه دونللي وجود، وجود جسر بري ربط بين أطلانتس والساحل الشرقي لأمريكا الجنوبية، وأن حضارة الأزتيك وحضارات قديمة أخرى في العالم الجديد هي لأحفاد المستعمرين الأطلسيين.
منتقدو قصة أطلانتس الضائعة
في الجانب الآخر، انتشر اعتقاد سائد، لمئات السنين، بعدم وجود أصل للمدينة الضائعة أطلانتس، كما بحث كثيرون عن المدينة الغارقة في قاع المحيط، دون جدوى ودون دليل، مما جعل فريقا آخر عرفوا باسم منتقدي قصة أطلانتس، يجزم أن القصة ما هي إلا مجرد أسطورة تم ابتداعها لتفسير وجهة نظر الفيلسوف العظيم أفلاطون عن الحرب والفساد.
دليل على وجود أطلانتس الضائعة
في عام 2011، زعم فريق بحثي يعمل على فيلم وثائقي لقناة ناشيونال جيوجرافيك بقيادة الدكتور ريتشارد فروند من جامعة هارتفورد أنهم وجدوا دليلاً على وجود أطلانتس جنوب غرب الأندلس، واستعان الفريق في عملية التصوير من خلال الأقمار الصناعية، بالإضافة إلى رادارات مخترقة للأرض، وكاميرات ذات تقنية تحت الماء، من أجل البحث عن دليل لوجود المدينة الضائعة الأسطورية “أطلانتس”.
وبالبحث المستمر توصل فريق فروند أن المدينة الضائعة أطلانتس، كانت تقع بمنطقة مستنقعات حديقة دونا آنا، والتي كانت خليجًا في العصور القديمة، وتوصل الفريق لهذه النتيجة بعد عثورهم على أنماط دائرية منتظمة تحت السطح لا توجد في الطبيعة بشكل اعتيادي.
أكثر من قطعة أثرية
اكتشف الفريق البحثي، أكثر من 100 موقع أثري بالقرب من المنطقة، والتي تبدو وكأنها منطقة تذكارية لإحياء المدينة المدمرة، بالإضافة لذلك، فقد ذكر أفلاطون وجود معبد مستطيل الشكل في وسط الجزيرة مهدى لبوسيدون، وقد عثر الفريق على شكل مستطيلي غير منتظم في وسط الحلقات تتطابق أبعاده مع الأبعاد التي ذكرها أفلاطون.
رفض مزاعم الفيلم الوثائقي
يفترض الدكتور فروند وفريقه أن أطلانتس قد دمرت بفعل تسونامي مما يعضد من نتائج دراسات سابقة قام بإجرائها باحثون إسبان تم نشرها قبل 4 سنوات، على الرغم من ذلك، فقد رفض الفريق الإسباني، الذي كان يعمل في هذا الموقع منذ عام 2005، مزاعم الفيلم الوثائقي، مدعيًا عدم استناده على حقائق علمية إلى جانب أنه نتاج لتفسيرات خاطئة لنتائج جزئية.
حتى يومنا هذا، تظل أسطورة أطلانتس غامضة، فلا يوجد ما يؤكد وجود مدينة أفلاطون الأسطورية من عدمه، وعلى الرغم من ذلك، فهناك جميع الكتب والروايات التي ترصد تلك القصة، والتي تتحدث عن أطلانتس، راصدة افتراضات ومحاولات لا حدود لها من أجل العثور، واكتشاف الغموض المحيط بتلك الحضارة.