إرنست مورو، ربما لم يشتهر اسم هذا الرجل بالدرجة التي يستحقها، ليس فقط لأنه طبيب بارع ساهم في علاج الكثير من المرضى على مدار أعوام، بل لأنه نجح في إنقاذ حياة آلاف الأطفال الصغار، عبر وسيلة بسيطة لكن إبداعية، تتمثل في شوربة الجزر!
زمن الوفيات
في عام 1874، ولد إرنست مورو في دولة سلوفينيا، التي كانت جزء من الإمبراطورية النمساوية المجرية في هذا الوقت، حيث درس بجامعة جراس النمساوية، قبل أن ينتقل إلى ألمانيا، ويصبح الأستاذ في طب الأطفال بجامعة هايدلبرج.
بينما كان فرع طب الأطفال ما زال في طور التحديث في أوروبا آنذاك، كانت نسب الوفيات لدى الأطفال والرضع تحديدا شديدة الارتفاع، حيث بلغت نحو 25% لأسباب مختلفة، ومن بينها الإسهال الذي كان مرضا قاتلا منذ ما يزيد عن قرن كامل من الزمان، فحصد الآلاف من أرواح الرضع، حتى جاء الطبيب الألماني الشاب بفكرته التي غيرت الكثير من الأمور حينها.
المنقذ إرنست مورو
سعي إرنست مورو إلى مواجهة مرض الإسهال المخيف آنذاك، عبر استكشاف طريقة مختلفة لعلاج ضحاياه الصغار منه، ليتوصل بعد أبحاث ودراسات عدة، إلى حل مثالي بل وعبقري رغم بساطته، يتلخص في شوربة الجزر المقاومة للمرض المقلق.
ابتكر إرنست وصفة خاصة لشوربة الجزر، تحتوي على نسبة من الماء والملح والجزر دون شك، حيث تبين قدرتها على علاج الرضع من الإسهال، حتى وإن كان في أسوأ أشكاله، ليشفى آلاف الأطفال الصغار بفضل اكتشافه الذي قامت الجامعات لاحقا بدراسته من أجل تبين سر نجاحه المذهل.
اكتشف الباحثون فيما بعد، أن نسب السكريات قليلة التعدد، والتي تتوفر بداخل شوربة الجزر، من شأنها أن تمنع البكتيريا من الالتصاق بجدار الأمعاء، ليصبح علاج مرض الإسهال القاتل في هذا الوقت، أكثر بساطة وسهولة، في زمن لم تكن المضادات الحيوية قد اكتشفت بعد.
لم يكن اكتشاف دور شوربة الجزر في علاج مرض الإسهال لدى الرضع، هو الإنجاز الملهم الوحيد للطبيب إرنست مورو، بل نجح العالم المخضرم كذلك في التوصل إلى ما عرف باسم رد فعل مورو، والذي ساعد في تشخيص مرض الشلل الدماغي لدى الأطفال الصغار، كما يعود له الفضل في اكتشاف اختبار جلدي لمرض السل، ظل الأطباء يستخدمونه حتى ستينيات القرن الماضي، علاوة على اكتشافات وإسهامات أخرى يستحق إرنست مورو عليها الثناء، بعدما أنقذ حياة آلاف الرضع في زمن الوفيات.