خلق الموت ليكون نهاية لحياة الإنسان فكل واحد منا له عمر محدد يعيشه فلا أحد خالد فيها إلا وجه الله، وبرغم أن الحياة تلهي الكثير مننا وتبعده عن العبادة والصلاة وما إلى ذلك من أعمال تقربنا إلى الله ولكن عندما يحين وقت الموت تتوقف أعمالنا جميعها، ولكن يظل هناك أعمال توصل لنا الثواب.
حيث قال رسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) : ” إذا مات ابن آدم انقطع عمله إلا من ثلاث ( صدقه جارية أو علم ينتفع به أو ولد صالح يدعو له ) “، وبالتالي فإن الصدقة الجارية التي يقوم بأدائها أهلنا نيابة عنا يصل ثوابها لنا، والعلم الذي ينفع الناس يصل لنا ثوابه أيضا وكل هذا يعد قليلا جدا بالنسبة لدعاء الولد الصالح، هنا تظهر فائدة الدعاء للميت بشكل واضح وجلي خصوصا إذا كان الذي يدعو هو الابن.
فأفضل شيء قد يحدث لك في هذه الدنيا هو أن تنجب ولدا صالح فالكل يدعو الله حتى يرزقه هذا الولد الصالح فهو من يكمل مسيرتك ويدعو لك كما في الحديث، وقد أنعم الله علينا بالعديد من النعم ومن أهمها وأفضلها الدعاء حيث أنه الباب المفتوح والواصل بين العبد وربه فحين تدعو الله بأي شيء تبوح له بكل الأسرار وكل ما أخفيته عن بقية عباده، وقد يختلف البشر وتختلف دياناتهم وعاداتهم وتقاليدهم ولكنهم يتشابهون في الدعاء فكلنا بكل اختلافاتنا تلك نحتاج إلى الدعاء دائما.
ما هي واجباتنا نحو المتوفى؟
لدينا عدة أشياء نفعلها لنساعد الشخص المتوفي ومن أهمها الدعاء، حيث أن دعاءنا له يخفف عليه ما هو لاقيه، فالميت يكون مقيدا في قبره ودعاؤك له هو الذي يحرره، إذا صح التعبير فالميت يصبح في هذه الحالة عاجزا عن الصلاة والدعاء وما إلى ذلك من واجبات دينية لم يعد قادرا على أدائها الآن.
والأمر ليس مقتصرا على الدعاء فقط، بل يوجد أشياء أخرى يمكن أن نؤديها للشخص المتوفى كل يصل ثوابها إليه ومنها مثلا “الصدقة”، فالصدقة هي نعمة من الله بها علينا حتى تصير تأديتها ثوابا لنا بعد موتنا، وهي من أفضل الأشياء التي تستطيع أن تقدمها للمتوفى حيث أن ثوابها كبير جدا عند الله.
وبالتالي يجب علينا أن نتصدق دائما ولا نقتصر الصدقة على الأموات فقط أو عند حالات الوفاة فقط، حيث أنها تنفع الحي والميت، ويمكنك أيضا أن تستغفر له دائما فما أجمل الاستغفار حيث أنه يزيد الرزق وييسر الأمور وقد قال تبارك وتعالى في كتابه العزيز ( فقلت استغفروا ربكم إنه كان غفارا يرسل السماء عليكم مدرارا ويمددكم بأموال وبنين ويجعل لكم جنات ويجعل لكم أنهارا ).
فالاستغفار متاح في كل وقت ولكن يجب أن تستغفر الله عند فعل الذنب ومن المستحب أن تستغفر الله بعد الأعمال الصالحة، مثل أن تستغفر الله ثلاثا بعد كل صلاة وبعد أداء الحج، ومستحب أيضا عند الأسحار حيث أن الله تبارك وتعالى قد أثنى على المستغفرين في الأسحار ويساعدك الاستغفار على طرد الشيطان وإبعاده عنك ويزيل ما تحمله من هموم ويجلب لك الرزق ويشغلك عن النميمة ويساعدك أيضا على الإكثار من ذكر الله والقرب منه.
هل العتق والصدقة والحج ينفعون المسلم؟
روى أبو داود وغيره: أن العاص بن وائل السهمي أوصى أن يعتق عنه مائة رقبة، فأعتق ابنه هشام خمسين رقبة، وأراد ابنه عمرو أن يعتق عنه الخمسين الباقية، قال: حتى أسأل رسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) فأتى النبي فقال : يا رسول الله إن أبي أوصى أن يعتق عنه مائة رقبة، وإن هشاما أعتق عنه خمسين، وبقيت خمسون ، أفأعتق عنه؟ قال رسول الله ( صلى الله عليه وسلم ): ” إنه لو كان مسلما فأعتقتم أو تصدقتم عنه أو حججتم عنه بلغه ذلك”، ويؤكد لنا هذا الحديث أن العتق والصدقة والحج ينفعون المسلم.
هل دعاء المسلمين للميت ينفعه؟
مما لا شك فيه أن الدعاء يصل للميت وينفعه حيث قال الله تبارك وتعالى في كتابه العزيز ( والذين جآءو من بعدهم يقولون ربنا اغفر لنا ولإخواننا الذين سبقونا بالإيمان ولا تجعل في قلوبنا غلا للذين آمنوا ربنآ إنك رءوف رحيم ).
وقد قال رسول الله ( صلى الله عليه وسلم): “دعوة المرء المسلم لأخيه بظهر الغيب مستجابة، عند رأسه ملك موكل، كلما دعا لأخيه بخير قال الملك الموكل به، آمين ولك بمثل”، وقد بين لنا هذا الحديث أهمية وفضل الدعاء للغير فكل دعوة بالخير يكون لك بمثلها وذلك تأكيدا على أن ديننا دين يسر وليس عسر فالمسلم يحب الخير لغيره لأنه يعلم أن الله يكتب له خيرا مماثلا لما تمناه لغيره فتكون العلاقة هنا قوية حيث أنها علاقه تبادلية يتبادل فيها المسلم الخير مع أخيه المسلم.
أفضل الأدعية التي تفيد الميت في قبره
* اللهم اجعله في بطن القبر مطمئنا وعند قيام الشهادة آمنا وبجود رضوانك واثقا وإلى أعلى علو درجاتك سابقا، اللهم اجعل عن يمينه نورا وعن شماله نورا ومن أمامه نورا ومن فوقه نورا حتى تبعثه آمنا مطمئنا في نور من نورك.
* اللهم انظر إليه نظرة رضا فإن من تنظر إليه نظرة رضا لا تعذبه أبدا، اللهم أسكنه فسيح الجنان واغفر له يا رحمن، اللهم احشره مع المتقين إلي الرحمن وافدا يا أرحم الراحمين.
شاهد: الفرق بين الاستشارة والاستخارة
ختم القرآن والدعاء للميت
قد تعود البعض على الاجتماع وقراءة القرآن وختمه وإهدائه إلى روح المتوفى ليعطوه ثواب الختمة ولكن لا يوجد تشريع في القرآن والسنة لهذا الفعل حيث أن قراءة القرآن بين المسلمين الذين هم على قيد الحياة مباح ومشروع ولكن لا أصل لقرائته للميت كما أوردنا سابقا، وقد اختلف العلماء حول هذا الأمر فمنهم من أجاز ذلك ومنهم من رفضه، ولكننا نتبع سيدنا محمد ( صلى الله عليه وسلم ).
وسبق أن النبي (صلى الله عليه وسلم) لم يفعله ولم يأمر به وإنما أمر بالدعاء والاستغفار وطلب العفو لأهل القبور وللداعي نفسه، ومما يقوي عدم مشروعية القراءة عند القبور قوله ( صلى الله عليه وسلم): ” لا تجعلوا بيوتكم مقابر، فإن الشيطان ينفر من البيت الذي تقرأ فيه سورة البقرة “.
وكذلك لا تجوز الصلاة عند القبور ولا إلى القبور ولو كانت الصلاة لله تعالى: قال رسول الله ( صلى الله عليه وسلم): ” لإن يجلس أحدكم على جمرة فتحرق ثيابه فتخلص إلى جلده خير له من أن يجلس على قبر” ، وقد بلغنا رسول الله ( صلى الله عليه وسلم) بهذه الاحاديث حتى يبين لنا ضرورة ترك مثل تلك الأعمال حيث اشتهر عند البعض أداؤها.
ولكن يحق لك عزيزي القارئ زيارة قبره والاستغفار له حيث تشرع زيارة القبور لكي يتعظ الحي ويتذكر الآخرة وانه حيث صار القوم صائر فكلنا سنمر بذلك الموقف ولكي يدعو المسلمين عموما ولميته خصوصا فللدعاء فضل كبير كما أوردنا سابقا ويستغفر له والمسلمين جميعا حيث قال رسول الله ( صلى الله عليه وسلم) : ” كنت نهيتكم عن زيارة القبور فزوروها “، وفي لفظ : ” فإنها تذكركم بالآخرة.
وقد زار رسول الله ( صلى الله عليه وسلم) قبر أمه فبكي وأبكي من حوله فقال ” استأذنت ربي في أن استغفر لها فلم يؤذن لي، واستأذنته في أن أزور قبرها فأذن لي ، فزوروا القبور فإنها تذكر بالموت “.
ما هي صيغ الدعاء المناسبة للميت ؟
في صحيح مسلم: أن عائشة رضي الله عنها سألت رسول الله ( صلى الله عليه وسلم) عما تقول لأهل المقابر فقال: ” قولي السلام علي أهل الديار من المؤمنين والمسلمين، ويرحم الله المستقدمين منا والمستأخرين وإنا إن شاء الله بكم للاحقون”، وقد قالت رضي الله عنها: كان رسول الله ( صلى الله عليه وسلم) كلما كان ليلتها من رسول الله يخرج من آخر الليل يقول: ” السلام عليكم دار قوم مؤمنين، وأتاكم ما توعدون غدا مؤجلا، وإنا إن شاء الله بكم لاحقون، اللهم اغفر لأهل بقيع الغرقد “.
شاهد أيضاً : أفضل دعاء للميت من الكتاب والسنة