تغير الأعراض السلبية للفصام طريقة تفكير الفرد، مشاعره وتصرفاته وسلوكياته، الأمر الذي يختلف تأثيره من شخص لآخر، بحسب الحالة المرضية ومدى تفاقمها، إذ يعد الفصام من أكثر الأمراض النفسية خطورة، والتي من شأنها الفتك بالشخص المصاب، إن لم يتم التعامل بشكل صحيح مع المريض والأعراض التي تظهر عليه.
تأثير الفصام على الشخص المصاب
تحول أعراض الفصام المريض إلى شخص مضطرب وقلق، يفعل أشياء غريبة ومريبة، بل وقد تمتد أعراض الفصام حتى يبدأ المريض في إظهار بعض التصرفات، التي تبدو مرعبة للعديد من الأشخاص من حوله، وهي المرحلة التي لا يستطيع الشخص المصاب فيها معرفة ما إذا كانت بعض التصورات والأفكار لديه حقيقية أم لا، الأمر الذي يحدث عادةً مع التقدم في العمر.
غالبًا ما يصاب الرجال بمرض الفصام أكثر من النساء، حيث تبدأ الأعراض لديهم بالظهور في سن مبكرة، بين 16-30 عاما، ورغم أن أعراض المرض تكون جَليَة، إلا أن هناك بعض التغيرات التدريجية التي تحدث للشخص قبل ظهور الأعراض الأساسية، الأمر الذي يعرف بمرحلة البادرة.
الأعراض السلبية للفصام
توصف أعراض الفصام بأنها أعراض معقدة ومركبة، حيث تتكون من عدة عوامل تتسبب في تغيير هائل في شخصية المريض، بدءًا بحدوث تغيرات في قدراته، وإظهار بعض التصرفات الغريبة التي لا تتناسب مع الواقع، والبيئة المحيطة به، لذا يكون دائمًا ظهور أعراض الفصام للمرة الأولى مفاجئا، حادا وشديدا على الشخص المصاب، وتتفاوت هذه الأعراض بحسب طبيعة الحالة المرضية، والنوع الذي يسيطر على المرض، وتتقسم هذه الأعراض إلى:
أعراض سلبية
لا يقصد بالأعراض السلبية أنها أعراض تضر المريض، ولكن يقصد بها صعوبة ملاحظتها أو اكتشافها للأشخاص المحيطين، وتتضمن هذه الأعراض:
أعراض سلبية نفسية
- فقدان الشغف للحياة والشعور والاستمتاع بملذاتها.
- ضعف الدوافع والتحفيز، مما ينتج عنه انخفاض رغبة القيام بالأعمال المتجددة.
- معاناة الشخص المصاب من مشاكل واضطرابات وظيفية، تعيقه عن القيام بأعماله في أي مجال، سواء كان ذلك على المستوى الدراسي أو الوظيفي، مما يجعل الشخص عرضة لضياع مستقبله المهني.
- اتخاذ الشخص لوضعية معينة يبقى عليها لفترة، أحيانًا تصل إلى ساعات، وهو ما يسمى بالجمود.
- الإهمال في الصحة الجسدية، النظافة الشخصية والمظهر العام، وهي من أبرز علامات الفصام السلبية، الأمر الناتج عن انفصال الشخص عن عالمه والواقع الذي يعيشه.
- تحول الحالة المزاجية فجأة، إذ تنقلب حالة المريض من الحزن الشديد إلى الفرح، ومن الفرح الشديد إلى الحزن والاكتئاب، بالإضافة إلى عدم قدرته على فهم مشاعره، وتحديد عواطفه ودوافعه.
- التهرب من المسؤولية، وانسحاب الشخص من أي مشاركة أو نشاط اجتماعي، كذلك التجمعات الأسرية ولقاء الأصدقاء، مما يؤثر على علاقته بالبيئة والمجتمع بشكل عام.
- من الأعراض السلبية للفصام الإحساس بمشاعر متضاربة وغير مناسبة للموقف الراهن.
- اللامبالاة في بعض المواقف، التي تستدعي التأثر وإظهار المشاعر.
- انتقال الشخص من فكرة إلى فكرة أخرى، دون أن يستطيع إيصال ما يريد قوله أثناء المحادثة.
أعراض سلبية جسدية
- نقص طاقة الفرد وحيويته، وشعوره بالخمول التام وعدم القدرة على النشاط والحركة، أو إنجاز العمل بنفسه.
- انخفاض القدرة على الكلام، أو تقطيع الكلمات.
- قلة الإيماءات والحركات عند الحديث.
- قلة التواصل البصري مع الأشخاص المحيطين.
- جمود الوجه، حيث تصبح تعابير الوجه خاوية غير معبرة، مما يسمى بالتأثير المسطح.
أعراض الفصام الإيجابية
لا يقصد بالأعراض الإيجابية أنها أعراض تفيد المريض، بل يقصد بها أنها عكس الأعراض السلبية للفصام، إذ تكون ظاهرة عند بدء حدوثها، والتي يطلق عليها أحيانًا الأعراض النفسية أو أعراض الذهان، وتكون واضحة جدًا للطبيب مما يؤهله لسرعة التشخيص والعلاج، وتشمل هذه الأعراض:
الهلوسة
وتنقسم الهلوسة إلى عدة أقسام، هي:
- الهلاوس السمعية، إذ يسمع الأشخاص المصابون بالفصام أشياء لا يسمعها أي شخص آخر، فتكون هذه الأصوات ظاهرة فقط في رأسهم، تحركهم وتطلب منهم القيام بأشياء غريبة وغير مفهومة، ويمكن أن يكون هذا الصوت لشخص واحد أو عدة أشخاص غاضبين ومتذمرين.
- الهلاوس المرئية، في هذا النوع من الهلاوس يرى الأشخاص أضواء، أشياء وأفرادا، خاصة الذين لم يعودوا على قيد الحياة، من الأحباء أو الأصدقاء.
- هلاوس الشم والتذوق، ويشمل هذا النوع من الهلاوس شم الروائح، الجيدة أو السيئة، كذلك تذوق بعض النكهات السيئة باستمرار، بالإضافة إلى أن الشخص المصاب قد يعتقد أنه معرض للتسمم، مما يجعله يرفض تناول الطعام من يد أي شخص.
- هلاوس اللمس، هنا ينشأ لدى الشخص شعور خفي، بأن هناك بعض الأشياء التي تتحرك على جسده، مثل مرور أنواع من الحشرات، أو الشعور بمرور أصابع تتحسس الجسم.
الأوهام
في هذه المرحلة يعتقد الشخص المصاب أن شخصًا ما يحاول التحكم في دماغه، من خلال بعض الأجهزة مثل جهاز التلفزيون أو الراديو، كذلك يراوده شعور بأنه شخص آخر، فيشعر تارة أنه ممثل مشهور، وتارة أخرى يشعر أنه الرئيس للبلاد، أو شخص يمتلك قوى خارقة، وتشمل أنواع الأوهام:
- أوهام مرجعية، يعتقد الشخص المصاب في هذا النوع، بأن هناك بعض الرسائل الخاصة والموجهة إليه فقط، والتي تصله عن طريق أي شكل من أشكال الاتصال العامة، مثل كلمات الأغاني التي يسمعها، أو إيماءة من مضيف تلفزيوني في إحدى البرامج.
- أوهام الاضطهاد، وهنا يشعر الفرد أن شخصًا ما يلاحقه، أو أنه معرض للمطاردة والخداع.
- أوهام جسدية، يتركز هذا النوع على الحالة الصحية والجسدية للشخص المصاب، إذ يعتقد أنه يعاني من مرض فظيع أو مشكلة صحية غريبة، مثل ظهور ديدان تحت الجلد أو إصابته بتلف من الأشعة الكونية.
- أوهام العظمة، حيث يعتبر الشخص نفسه شخصية رئيسية على المسرح العالمي، فنان شهير، أو سياسي معروف.
- أوهام الهوس، يصاب الشخص هنا بحالة تجعله يظن أن أحد المشاهير يحبه بجنون، أو أن شريك حياته يخونه ويخدعه، كما يعتقد أن الأشخاص الذين لا ينجذبون إليه، هم في الحقيقة أشخاص يلاحقونه، ويريدون الإيقاع به.
- أوهام دينية، قد يعتقد الشخص المصاب أن لديه علاقة خاصة مع معبودات في مخيلته، أو أن شيطانًا يستحوذ عليه ويتملكه.
أعراض أخرى
- معاناة الشخص من أفكار مشوشة غير منظمة، وكلمات غير مرتبة.
- عدم القدرة على استكمال الحديث أو النقاش المطروح، والشعور بالانقسام وتشتت الانتباه.
- خروج الكلمات مختلطة وغير منطقية، الأمر الناتج عن صعوبة التركيز، مثل أن يفقد الشخص مساره لما يحدث في برنامج تلفزيوني أثناء مشاهدته.
- يعاني مرضى الفصام من اضطرابات الحركة، بالإضافة إلى العصبية الزائدة، كما يقومون في بعض الأحيان بنفس الحركات مرارًا وتكرارًا.
- وفي أوقات أخرى يظلون ساكنين تمامًا لساعات طويلة، وهو ما يسميه العلماء الجمود، وخلافًا للاعتقاد الشائع بين الجميع، فإن الأشخاص المصابين بالمرض لا يتسمون بالعنف والشر.
الأعراض المعرفية
هنا تعكس الأعراض السلبية للفصام مدى يقظة دماغ الشخص وإدراكه، كذلك تعلمه واختزانه للمعلومات، وكيفية استخدامه لها، إذ يواجه الشخص المصاب بالفصام عدة علامات أبرزها:
- انخفاض حاد في الذاكرة.
- مشكلات مختلفة في التفكير.
- صعوبة الانتباه وتنظيم الأفكار.
- عدم القدرة على اتخاذ القرارات الصحيحة في الأوقات الحاسمة، نتيجة التشويش الذي يملأ ذهن المريض.
- إصدار بعض الجمل غير المفهومة وغير المنطقية، والتي تكون من نسج خيال المريض.
- ذكر بعض الجمل والكلمات التي ليس لها معنى، والتي تكون بعيدة عن سياق الحديث القائم، مما يحد من قدرة الآخرين على التواصل معه.
- فقدان القدرة توصيل المشاعر والأفكار بشكل مباشر وصحيح.
التعامل مع أعراض الفصام
تفيد معرفة الأعراض السلبية للفصام، إلى جانب الأعراض الأخرى التي تظهر بوضوح على الشخص المصاب، في تسهيل طريقة التعامل مع المرض، ومكافحة ما ينتج عنه من تأثير على حياة الشخص وأفعاله وطريقة تفكيره، سواء كان ذلك بالعلاج الدوائي واستشارة الطبيب، أو باستخدام الطرق النفسية.
طرق المعالجة النفسية
لذا إن كنت تعاني من الأعراض السلبية للفصام، أو لاحظت بعضًا منها على أحد أفراد أسرتك، فمن الضروري اتباع بعض الخطوات، التي تساعد على الحد من تفاقم الاضطراب، وإدارة جميع العلامات والأعراض بطريقة إيجابية، توفر حياة خالية من المشاكل والعراقيل، وتتمثل هذه الخطوات في:
المعالجة النفسية عن طريق طبيب مختص
تتم المعالجة هنا عن طريق اللجوء لطبيب نفسي، والذي يقوم بمساعدة بعض الأطباء الآخرين بإعداد مجموعة كورسات، مختصة في علاج الفصام، والتي يكون الهدف منها تقليل حدة الأعراض والتخفيف منها.
المعالجة النفسية الفردية
تكون معالجة الشخص في هذه الخطوة عن طريق إقامة جلسات فردية خاصة، تساعده في التحدث بأريحية والتعبير عن كل ما يشعر به، مما يؤهله لفهم طبيعة مرضه وكيفية التعامل معه بشكل أفضل، الأمر الذي من شأنه ضمان التوافق بين الشخص المصاب ومعاناته، والحد من تقبل الجسم للأعراض، حتى يتم الشفاء من الاضطراب، والتخلص من المشاكل الناتجة عنه بشكلٍ عاجل.
المعالجة النفسية الأسرية
كما أن للطبيب دورا هاما في علاج الأعراض السلبية للفصام، فإن للأسرة والعائلة دورا بالغ الأهمية في تقديم يد العون للشخص المصاب، إذ تسهم بشكل فعال في الحد من الكثير من الأعراض والعلامات التي تظهر عليه، بشكل مباشر وغير مباشر، الأمر الذي يتم من خلال معاونته وتقديم أفضل الطرق له، ضمن خطة علاجية نفسية محكمة، مما يساعده على مواءمة الاضطراب، ويزيد من قدرته على التكيف معه بشكل إيجابي.
التفاعلات الاجتماعية
يعتمد التعامل مع المرض هنا اعتمادًا تامًا على المجتمع، والبيئة المحيطة بالشخص المصاب، ويقصد به عملية التأهيل، التي تتم من خلال التركيز على مجموعة من المهارات الاجتماعية، وبعض النشاطات الجماعية، التي من شأنها مساعدة مريض الفصام على الاندماج مع المجتمع، والأشخاص المحيطين به من أقارب وأصدقاء وزملاء عمل، كذلك التغلب على الأعراض التي يعاني منها، مما يمكنه من ممارسة حياته بشكل طبيعي، ويوفر له بيئة سوية ومناخا آمنا نفسيًا، وهي النقطة الفعالة والأهم ضمن أساسيات التعامل مع أعراض مرض الفصام.