أنهار جليدية تذوب، ومستويات بحار في ارتفاع، في ظل معاناة الحياة البرية والغابات، هذا ما يحدث بصفة مستمرة مع استفحال أزمة الاحتباس الحراري، متعددة الأسباب والمخاطر أيضا على البشر.
الاحتباس الحراري والإنسان
يعرف الاحتباس الحراري بأنه تلك الظاهرة المناخية التي تشهد ارتفاعا مستمرا في درجات الحرارة على سطح كوكب الأرض، ما يحدث نتيجة قيام بعض الغازات المنبعثة على كوكب الأرض، باحتجاز الحرارة بدلا من ترك العنان لها، وهو الأمر المشابه لما يتم بداخل البيوت الزجاجية المستخدمة في الزراعة، لذا عرف الاحتباس الحراري لدى البعض باسم تأثير البيوت الزجاجية.
ظهر ما عرف باسم تأثير البيوت الزجاجية للمرة الأولى في القرن التاسع عشر، وتحديدا في عام 1824 على يد العالم الفيزيائي فرنسي الجنسية، جوزيف فورييه، والذي قام بإجراء حسابات توصلت إلى أن مناخ الأرض في هذا الوقت، كان من المفترض أن يكون أكثر برودة، ليتوصل العلماء فيما بعد إلى تأثير البيوت الزجاجية المعروف الآن باسم الاحتباس الحراري.
ترى اللجنة الدولية للتغيرات المناخية، أن احتمالية تسبب الإنسان في حدوث أزمة الاحتباس الحراري المقترنة بالتغيرات الجوية الحادة في الـ50 سنة الأخيرة، تتجاوز الـ95%، في ظل إنتاج غازات أدت إلى حبس درجات الحرارة بكوكب الأرض.
أسباب الاحتباس الحراري
يعد انبعاث بعض الغازات سببا رئيسيا في الاحتباس الحراري الذي أصاب العالم، ومن بينها ثاني أكسيد الكربون، الذي ينتج إما عبر عوامل طبيعية مثل التنفس أو انفجار البراكين، أو نتيجة لعوامل بشرية مثل إزالة الغابات، تغير استخدامات الأراضي، حرق الوقود الأحفوري، وكذلك غاز الميثان الذي يظهر عبر تحلل المخلفات بمكب النفايات، أو على خلفية زراعة بعض المحاصيل مثل الأرز.
كذلك نجد أن أكسيد النيتروس يعتبر أحد الغازات المسببة لأزمة الاحتباس الحراري، وهو الغاز المنبعث عبر حرق الوقود الأحفوري، وأيضا عبر عمليات زراعة التربة، التي تشهد استخدام بعض أنواع السماد العضوية، علاوة على غازات أخرى تؤدي لنفس النتيجة مثل بخار الماء على سبيل المثال لا الحصر.
أضرار الاحتباس الحراري
تتعدد مظاهر الخطر التي تحيط بكوكب الأرض، مع ظهور مشكلة الاحتباس الحراري التي تصبح أكثر انتشارا بمرور السنوات، إذ يكمن أحد أضرار الاحتباس الحراري في عدم قدرة بعض الكائنات الحية على التكيف مع تلك التغيرات الجوية السريعة التي تحدث.
يشير الخبراء إلى أن التغيرات الجوية تحدث في العموم دون تدخل الإنسان، ولكن بدرجات تبدو بسيطة، حيث نجد أن الاختلاف بين درجات الحرارة في العصور الجليدية وبينها الآن، لا يتجاوز الـ5 درجات، ما يكشف عن بطء التغير في السابق وعلى مدار آلاف السنوات، قبل أن يأتي الاحتباس الحراري بتحولات أخرى، من بينها ذوبان الجليد في قارة أنتاركتيكا، ومن ثم ارتفاع سطح المياه بمعدل مرتفع، يتوقع أن يتراوح في عام 2050 بين قدم و2.3 قدم.
الأسوأ من ذلك أن التغيرات الجوية المرتبطة بالاحتباس الحراري ستتسبب عاجلا أم آجلا في مشكلات مختلفة للبشر، حيث يتوقع أن تظهر العواصف الشديدة وموجات ارتفاع درجات الحرارة بكثرة، فيما تزداد فترات الجفاف وغياب الأمطار بما يجعل زراعة بعض المحاصيل من المهام شبه المستحيلة، ويؤدي إلى فقدان الكائنات الحية، سواء كانت بشرا أو حيوانات لأحد أبرز مصادر المياه.
حلول الاحتباس الحراري
لا يملك أي شخص على وجه الأرض، تلك العصا السحرية التي تمكنه من علاج أزمة الاحتباس الحراري في الحال، إلا أن هناك بعض الطرق التي ربما تساعد في مقاومة مد تلك المشكلة العالمية، وهي التي تبدأ عبر نشر السياسات والتقنيات التي تساهم في استغلال الموارد كافة، مع الاستفادة من الطاقة الشمسية والرياح، ومنع عمليات إزالة الغابات.
كذلك يعمل العلماء على محاولة إنتاج الهيدروجين بصورة مستدامة، تجعله وسيلة للاستخدام في أعمال الكهرباء والمواصلات، في ظل محاولات تخزين ثاني أكسيد الكربون من أجل تحويله إلى غازات قيمة مثل الجازولين.
في النهاية، يؤكد المتخصصون أن التوقف من الآن عن القيام بكل العوامل السلبية وراء حدوث الاحتباس الحراري مثل انبعات غازات الاحتفاظ بالحرارة، قد يبدو متأخرا في ظل احتياج كوكب الأرض لسنوات وعقود من أجل تدارك الموقف، إلا أن الأمر يستحق المحاولة في جميع الأحوال، من أجل تجنب مخاطر مختلفة مثل ارتفاع درجات الحرارة بشكل مخيف أو معاناة الأرض من الجفاف المستمر، الذي سيقضي على حياة الكثير من الكائنات.