تكمن الأهمية في دراسة ومعرفة، كيفية التعامل مع مريض الاضطراب الوجداني ثنائي القطب، في تعزيز قدرة الأشخاص المحيطين بالمريض، لتقديم يد العون والمساعدة له، مما يؤهله لفهم طبيعة مرضه بوضوح، الأمر الذي يزيد من إدراكه وقدرته، لتخطي الأعراض التي يعاني منها بسهولة ويسر.
الاضطراب الوجداني
يعرف الاضطراب الوجداني ثنائي القطب أيضًا بالاكتئاب الهوسي، إذ يعد من أبرز الاضطرابات العقلية التي تتسبب في تقلبات المزاج، وتصيب الفرد بالحزن واليأس والإحباط، بالإضافة إلى الأوهام والهلاوس المفرطة والاكتئاب العاطفي، الأمر الذي قد يحدث بصورة نادرة لفترة وجيزة، أو باستمرار لفترات طويلة قد تمتد لأعوام.
أعراض الاضطراب الوجداني ثنائي القطب
قبل معرفة كيفية التعامل مع مريض الاضطراب الوجداني ثنائي القطب، يجب أولًا التعرف على الأعراض التي يصاب بها المريض، والتي قد تظهر عليه لفترة زمنية قصيرة، أو لفترات طويلة باستمرار، إذ يصاب الفرد في هذه الحالة بعدة مشاعر متضاربة، تنطوي على الشعور بالاكتئاب والحزن البالغ، كذلك فقدان الشغف والاهتمام بالأشياء من حوله، والتي كانت تمثل له مصدر سعادة كبيرا في السابق، وتتضمن أعراض الاضطراب الوجداني ما يلي:
- تقلب الحالة المزاجية بشكل مفاجئ ودون مقدمات، إذ من الممكن أن يشعر الشخص بالابتهاج والسعادة، ثم تتحول مشاعره فجأة إلى حزن شديد.
- انخفاض طاقة الفرد ونشاطه بشكل ملحوظ، والشعور بالكسل في أغلب أوقات اليوم.
- فقدان القدرة على اتخاذ القرارات السليمة الحاسمة، كذلك انخفاض الإدراك، والقدرة على التفكير بوضوح.
- معاناة الشخص المصاب من بعض نوبات الجنون والغضب، الأمر الذي يتسبب في عدة مشكلات صحية ونفسية للفرد، وجميع المحيطين به.
- الدخول في نوبات من الاكتئاب، مما يصيب الشخص بالتشاؤم، وحب العزلة والابتعاد عن الأهل والأصدقاء، وتجنب الحديث معهم.
- فقدان الشهية بشكل ملحوظ، وقضاء فترات طويلة دون طعام، الأمر الذي يتسبب في عدة مشاكل صحية أخرى.
أعراض الهوس
- الشعور بالسعادة دون أسباب منطقية، الأمر الذي يتكرر وفقًا لأحداث غير واقعية، تكون في خيال المريض فقط.
- انخفاض القدرة على الكلام بطريقة منتظمة، نتيجة تزاحم الأفكار والكلمات لدى لشخص المصاب.
- المعاناة من الأرق، والانخفاض الحاد في القدرة على النوم المنتظم.
- القيام ببعض السلوكيات الخاطئة، المليئة بالهوس والإفراط، مثل إنفاق الأموال ببذخ في غير محلها، دون أي اعتبارات أخرى.
- الاندفاع في ردود الأفعال تجاه الآخرين.
- الشعور بالضيق والاختناق الشديد، الأمر الذي يؤدي أحيانًا إلى الرغبة في الانتحار.
أعراض مبكرة في سن المراهقة
قد يصاب بعض الأشخاص بالاضطراب الوجداني في مرحلة الطفولة أو المراهقة، مما يجعل التفرقة بين أعراض المرض والأعراض الطبيعية لهذه لفترة، أمرًا بالغ الصعوبة، خاصة لدى الآباء والأمهات، لذا من الضروري إدراك علامات المرض في هذه الفترة، إذ يجب اتخاذ إجراء عاجل معها في حين ظهر على الطفل أكثر من 3 أعراض، والتي تشمل:
- نوبات اكتئاب حادة.
- نوبات واضحة من الهوس، تتضمن الإفراط في بعض السلوكيات والأفعال، والتي تكون عادةً سلوكيات خاطئة.
- تقلبات مزاجية في فترة وجيزة وبسرعة كبيرة، والتي تختلف عن التقلبات المزاجية المعتادة للطفل في هذه المرحلة.
- الضيق والاكتئاب دون وجود سبب واضح.
- الانسحاب من التجمعات الأسرية.
- الابتعاد عن زملاء وأصدقاء المدرسة، وتحاشي الحديث معهم.
- الجلوس بشكل منفرد لفترات طويلة.
- تشتت الأفكار.
- الثرثرة بطريقة غير طبيعية.
- الثقة بالنفس المبالغ فيها.
كيفية التعامل مع مريض الاضطراب الوجداني ثنائي القطب
لمعرفة كيفية التعامل مع مريض ثنائي القطب، يجب التعرف أولًا على بعض الخطوات الهامة، إذ يعد الاضطراب الوجداني ثنائي القطب، من أصعب الاضطرابات العقلية التي تصيب الفرد، والتي تقف عائقًا بين الشخص المصاب وجميع المحيطين به، من أفراد أسرته وأصدقائه.
لذا فإن اتباع بعض وسائل وإرشادات العلاج النفسي، يسهم في عملية التواصل مع المريض، والسيطرة على التقلبات المزاجية التي يتعرض لها، خاصةً أن الاضطراب يمثل حالة مزمنة قد تستمر لمدى الحياة، وتتمثل هذه الإرشادات في:
التربية النفسية السليمة
من أهم الخطوات المتبعة، لتعلم كيفية التعامل مع مريض الاضطراب الوجداني ثنائي القطب، معرفة المعلومات الكافية حول المرض، ومعرفة أسبابه وأعراضه، وطرق التربية النفسية السليمة للتعامل معه، مما يساعد في فهم حالة المريض، وتقديم أفضل دعم له، بالإضافة إلى وضع خطة علاجية محكمة، لمنع الانتكاسات والنوبات التي قد تحدث للشخص.
تقديم الدعم العائلي
من الضروري جدًا اتباع طريقة الدعم العائلي، الأمر الذي يتم من خلال توجيه الأبوين لجميع أفراد الأسرة، إذ ينبغي عليهم أيضًا معرفة أعراض المرض، والتعرف على المؤشرات التحذيرية، التي تنبئ بحدوث تغيرات مزاجية عند الشخص المصاب، مما يسهم في إدارة هذه التغيرات والانفعالات، والسيطرة عليها ومنعها من التطور.
كن مستمعًا جيدًا
من الضروري أن تكون مستمعًا جيدًا للشخص المصاب، إذ يعد استماعك إليه أثناء النقاش أهم بكثير من أن تتحدث، فإن الإصغاء باهتمام وإمعان، يعد أفضل شيء يمكن تقديمه إليه، خاصة عند حديثه حول بعض مشاكله التي يواجهها، والعراقيل التي تقابله خلال مراحل تخطي المرض، لذا كل ما عليك فعله:
- التزام الهدوء التام أثناء الإصغاء له.
- محاولة إظهار الحماس والاهتمام، لجميع الأمور التي يتحدث عنها المريض.
- حاول قدر الإمكان أن تتجنب جميع الموضوعات التي قد تثير غضبه وحنقه.
تجنب النقد
من الخطوات المهمة أيضًا، تجنب النقد تمامًا، حتى وإن كان نقدًا بناءً، إذ يؤثر النقد المتواصل في استثارة نوبات الاضطراب ثنائي القطب، مما يصيب الشخص بالغضب والتوتر والانفعال، ويجعله غير قادر على التكيف مع المواقف المزعجة، والانتقادات التي يتعرض لها.
كن مُطَمئِنًا
يشعر الشخص المصاب بالمرض أن جميع الأشخاص من حوله ضده، وضد رغباته ومشاعره وسلوكياته، لذا من أهم الخطوات المتبعة في كيفية التعامل مع مريض الاضطراب الوجداني ثنائي القطب، بث الطمأنينة في نفسه، والوقوف بجانبه دائمًا وتوفير الحماية اللازمة له، مما يشعره بالأمان ويحد من أفكاره، التي تتمحور حول شعوره بأن العالم بأكمله معارض له، ولكن هذا لا ينفي أيضًا رفضك الداخلي، لسلوكياته وأفعاله الخاطئة.
كن صبورًا
من الضروري جدًا أن تتحلى بالصبر، أثناء التعامل مع مريض الاضطراب ثنائي القطب، إذ يعد من الاضطرابات طويلة الأمد، حيث تظهر الأعراض وتختفي لفترة قد تمتد طوال حياة الشخص، لذا يجب أن تصبح شخصًا متفائلًا وصبورًا، مما يسهم في نقل مشاعرك الإيجابية إلى الشخص المصاب، ويدفعه إلى البقاء في المسار الصحيح للخطة العلاجية.
ذكره بنقاط قوته
يعاني مريض الاضطراب الوجداني من الحزن واليأس، والإحباط الناتج عن مروره بأحد نوبات الاكتئاب، مما يؤثر عليه سلبًا، مهمتك هنا أن تذكره بجميع نقاط قوته، وصفاته الحسنة الإيجابية، مما يعزز ثقته في نفسه ويخرجه من دائرة الحزن إلى دائرة السعادة والتفاؤل، الأمر الذي يسهم بشكل فعال في تعافيه من نوبات الاكتئاب بشكل سريع.
المساعدة في تلقي العلاج
من الضروري أن تعمل كمنبه داخلي للشخص المصاب، الأمر الذي يتم من خلال تذكيره دومًا بالمواعيد المحددة للدواء، وحثه على تناولها باستمرار، كذلك دفعه للذهاب إلى الجلسات العلاجية مع طبيبه النفسي، مما يشعره بمدى أهميته لديك ويزيد من رغبته في تلقي العلاج.
كن متفهمًا
يعاني مريض الاضطراب الوجداني من عدم قدرته على فهم مرضه، كذلك فهم السبب وراء ما يعاني منه وتقلباته المزاجية المختلفة، لذا فإن مهمتك الأساسية تكمن في تفهمك لطبيعة مرضه، ومشاعره والأعراض التي يمر بها، ومحاولة تقديم الدعم اللازم له وفقًا للحالة التي يتعرض لها، مما يحدث فارقًا كبيرًا في حياة الشخص المصاب، والمشاعر المتضاربة التي يعاني منها.
ادفعه للعمل الجماعي
عندما نتساءل عن التعامل مع مريض الاضطراب الوجداني ثنائي القطب، من الضروري أن ينخرط الشخص المصاب في الأنشطة والأعمال الجماعية، سواء كان ذلك في مجال عمله أو في مدرسته، مما يعزز ثقته في نفسه، ويحد من رغبته في العزلة والابتعاد عن الآخرين، الأمر الذي يدفعه بالتبعية إلى تخطي أعراض مرضه، وتكوين صداقات وعلاقات جديدة مع أقرانه، وهي الخطوة الضرورية جدًا في حياة المريض، التي تؤثر عليه إيجابًا، وتساعد في طرد فكرة الانتحار والتخلص من حياته.