قردة الحكمة الثلاثة، هي تلك القردة التي طالما رأيناها كتماثيل أو صور، بالأفلام والمسلسلات، أو حتى عبر مواقع التواصل الاجتماعي، كرموز تستخدم أثناء الدردشة مع الأصدقاء، دون أن نعرف سرها الذي جعلها محفورة في أذهان الجميع على مدار سنوات طويلة، ترى ما هو؟
اعتقاد سائد
يشار إلى أن ظهور هؤلاء القردة الحكيمة، كان في القرن السابع الميلادي، عبر أسطورة شهيرة تناقلتها الألسنة في اليابان والصين، تعبر عن حكمة مفادها ألا تسمع أو ترى أو تقول شرا، وهي الحكمة التي تجسدت عبر الثلاثة قرود، هم مزارو الذي لا يرى شرا، كيكازارو الذي لا يسمع شرا، وإوازارو الذي لا يتحدث شرا.
منذ ذلك الحين، اعتقد الكثير من الناس أن الهدف من وراء تلك الحكمة هو البعد عن الشر بكل معانيه، وبكافة الطرق الممكنة، وحتى إن تم ذلك عبر وضع الأيادي على الأعين والآذان والأفواه، لتجنب التعامل مع أي من شرور الدنيا!
لذا قوبل هذا التفسير الشائع برفض واضح، باعتباره تفسيرا سلبيا، يحرض البشر على تجنب الوقوع في المشكلات والأخطاء، من خلال تقمص شخصية لا حول لها ولا قوة، لا تعبر عن آرائها الإيجابية، بل وتفضل ألا تسمع أو ترى أو حتى تنطق! ما دعا إلى البحث من جديد عن سر تلك القردة الموصوفة بالحكمة!
التفسير الأقرب للحقيقة
لذلك فمع عدم الاقتناع بتفسير أقل ما يمكن وصفه به هو الجبن، ومع عدم التصديق بأن الأساطير الآسيوية العتيقة سوف تنقل أفكارا تحرض على عدم اتخاذ المواقف الجادة، أو الاعتماد على الهرب من الأزمات كحل سحري، توصل الفلاسفة إلى تفسير آخر أكثر عمقا وصوابا.
حيث يشير ذلك التفسير إلى أن الغرض من الحكمة، ليس تجنب سماع أو مشاهدة الأمور السيئة والشرور، بل فقط عدم جعلها تؤثر على النفس، حتى لا تحولك يوما إلى شخص سيئ مثلك مثل من يرتكبون تلك الشرور، لذا فالمطلوب من الحكمة ليس الهروب من الأزمات عبر اجتنابها، بل مواجهتها بشجاعة دون أن تدعها تغير أفضل ما فيك.
وهو الأمر المنطقي، وخاصة في وسط العالم المفتوح الذي نعيش بين سماواته، والذي قد يكون من المستحيل تماما فيه، أن نتجنب سماع شائعات مغرضة أو رؤية مهازل وكوارث بشرية مدمرة، تمتلئ بها أرجاء الدنيا للأسف!