لا تفرق وسائل التواصل الاجتماعي بين شخص وآخر عبر صفحاتها، الغالبية عرضة ليصبجوا طرفا في جدال طويل مع صديق أو غريب، بغض النظر عن موضوع النقاش إن كان أمرا ما مهما أو حتى ليس له قيمة ، فهل تصب تلك النقاشات في مصلحة الشخص، وخاصة إن كان يبدو منتصرا خلالها؟ أم أنها تضره نفسيا، وتحديدا عندما يشعر بضعف حجته؟
أسباب الجدال
يقول الكاتب والمؤلف، ديفيد مكراني، أنه في أغلب الأحيان، يذهب الشخص لتلك النقاشات الحادة باختياره، غير مرغم على ذلك، بالرغم من وجود فرص كبيرة لتأثره نفسيا فيما بعد، إذ يحبذ الكثيرون أن يشاركوا في تلك المحادثات لعدة أسباب، من بينها الملل والبحث عن أشياء جديدة.
إلا أن المحفزات الحقيقية التي تأتي في مقدمة أسباب خوض تلك النقاشات الإلكترونية، هي فرصة إبداء الآراء في الخفاء، بل وتحت أسماء مستعارة غير حقيقية أحيانا، ما يكشف عن استمتاع الملايين من الأشخاص من حول العالم، بتصنع شخصيات غير حقيقية لهم عبر صفحات الإنترنت.
نعمة أم نقمة؟
أجرت الباحثة والطبيبة النفسية، داون برانلي، بحثا مهما يختص بتأثيرات استخدام الإنترنت من أجل الجدال مع الآخرين، حيث توصلت إلى نتائج موضحة بالأرقام، جميعها تؤكد أن النقاشات الطويلة التي تجرى عبر مواقع التواصل الاجتماعي، لها تأثير نفسي ملحوظ على رواد تلك المواقع، وسواء كان ذلك التأثير بالسلب أو بالإيجاب.
أوضحت برانلي أن 60% من المشاركين في النقاشات الإلكترونية يشعرون بسرعة ضربات القلب، وارتفاع نسب الأدرينالين لديهم حينها، فيما يشار إلى أن نحو 50% من رواد مواقع التواصل الاجتماعي يشعرون بالحزن عند اختلاف الآخرين معهم، الأمر الذي يكشف كذلك عن أن الحماس الذي يرواد البعض عند ارتفاع الأدرينالين لن يدوم طويلا.
وبالنظر لتلك الدراسات المختلفة الخاصة بتأثيرات النقاشات الإلكترونية، يتبين أنها لن تكون سببا في شعور الشخص بالفخر أو بالارتياح، مقارنة بالمشاعر السلبية التي ستراوده، عند تعرضه لأي نقد عبر تلك الصفحات، الأمر الذي قد يصل بالبعض إلى الشعور بالقلق والتوتر لفترات طويلة، بل والإصابة بالاكتئاب في بعض الأحيان، ما ينبه إلى أن جدال الإنترنت لا يتناسب مع الجميع.
في النهاية، يشار إلى أن النقاش عبر مواقع التواصل حتى وإن احتد قليلا، فإنه من الممكن أن يكون مفيدا، وذلك عندما يقوم على تناقل معلومات مهمة، أو آراء إيجابية سليمة، فيما يحذر من اقتحامها، إن كانت ستؤدي لأي مشاعر سلبية، تنتهي بحذف عدد من الأصدقاء المقربين.