كأي شاب ربما تحلم بأن تنشئ مشروعك الخاص، الذي قد رسمته في خيالك بمنتهى الحكمة، الفكرة في حد ذاتها ملهمة، خاصةً وإن كنت تمتلك من المقومات المادية والعملية ما يؤهلك لخوض التجربة، لكن المشكلة التي يؤسفنا أن نخبرك بأن من الممكن أن تقع بها، هي أنه من ضمن كل 10 شركات ناشئة، واحدة فقط تنجو وتستمر، أما البقية فغالبًا لا تستمر.
هذه ليست دعوى للتكاسل، بل مجرد محاولة للنظر بشكل أشمل إلى ماهية الأسباب التي من الممكن أن تدرسها جيدًا كي تنجو بمشروعك الصغير إلى بر الأمان.
الهدف المنشود
هل تعلم ما هو السبب الرئيسي في نجاح شركتك، سواءً كانت ناشئة أو كانت قد ثبتت أقدامها داخل السوق من سنوات؟ ربما يبدو السبب بديهيا أكثر من اللازم، أكثر من أن تستقطع لنفسك وقتا للتفكير به، وهو حاجة السوق للمنتج أو الخدمة التي تقدمها، في هذه الحالة، لن يُفرّق المستهلك بينك وبين غيرك، لأنه حقيقة يجب أن يهتم بدايةً بما تقدم، من ثم يبدأ في عملية الموافقة أو الرفض، أما في حالة كنت تقدم منتجًا أو خدمةً لا زبون لها، فبالتالي لا توجد أي احتمالية للنجاح.
بل إنه حسب دراسة شارك خلالها روّاد أعمال قد سبق لهم خوض التجربة نفسها، توضّح أن حوالي 42% من الشركات الناشئة تسقط بعد العام الأول لهذا السبب.
يخبرنا «مير جودمان»، مؤسس «Patient Communicator»، التي تقدم خدمات للأطباء وتسهّل عملية التواصل بينهم وبين المرضى، بأن البداية الحقيقية للشركة كانت عندما أدركنا بأننا لا نقدم الخدمة المطلوبة، فالأطباء لا يريدون مكاتب منظمة، بل يريدون مزيدا من المرضى.
المال كالسيف
بالتأكيد يطفو على السطح ثاني أسباب الفشل -إذا ما حدث- وهو السيولة المتاحة، ومدى قدرة الشركة الناشئة على إدارتها، بل وأحيانا تحمُّل مرور وقت طويل دون ربح مادي، لأن في الحالات محل البحث كان هنالك ما يقارب الـ29% من الشركات تم إغلاقها لهذا السبب «سوء إدارة الأموال».
كانت شركة «فلود» إحدى الشركات الناشئة التي سعت لتقديم نموذج يشبه الخاص بفيسبوك وتويتر، إلا أنه وبشكل مفاجئ، انتهت القصة تماما واختفت «فلود» عن المشهد بحلول العام 2013.
أوضح طاقم عمل الشركة بأن السبب في “قتل” فلود كان عدم القدرة على صرف المزيد من الأموال لمواكبة الحدث، الأمر الذي انتهى بالإفلاس ثم الذهاب بلا رجعة.
الاختلاف المفيد
لدى أي شركة ناشئة يظل تعدد المهارات بين الأعضاء الأوائل عنصرًا حاسمًا في نجاح الشركة، بغض النظر عن كم الأموال الذي تم ضخه داخل العمل، وبغض النظر عن أهمية المنتج الذي يتم إنتاجه من الأساس. على الأقل يجب على رواد العمل الإلمام بأساسيات عمل الشركة في البداية، ومن ثم الاستعانة بخبراء أكثر تخصصا مقابل المال وليس العكس.
ذكر أحد موظفي شركة أنهت عملها رأيه الخاص بنفس الخصوص، حين قال: “على الأقل، كان يجب على المؤسسين امتلاك القدرة العملية على إنتاج نموذج أولي إلا أن ذلك لم يحدث، فأصبحنا نلجأ لمن يساعدنا مقابل المال، وهذا ما جعل الشركة تنهار في النهاية”.
تجنب محيط الحيتان
غالبًا ما يتم إدراج عبارات التركيز على عملك الخاص وحسب -اعتباطا- على قائمة أولويات العمل، بالفعل يجب التركيز وبشدة على منتجك الخاص خاصةً في البداية، لكن وبما أن سوق العمل مفتوح، لا بُد وأن تشعر الشركات بالـ”غيرة” من بعضها البعض؛ بل إنه أحيانًا يجب أن تقتبس قدر استطاعتك من تجاربهم الجيدة أو السيئة على حد سواء. بل إنه على الأغلب إن لم تتجنب منافسة الكبار فستقع فريسة هذه المنافسة.
في العام 2018 وجدت شركة “Mac & Mia”، المتخصصة في ملابس الأطفال نفسها أمام منافسة شرسة من شركات ضخمة بنفس المجال، لتجد نفسها في مهب الرياح عقب 4 سنوات فقط من تأسيسها. نظرا لوجود حوالي 20 شركة أقدم تواجدًا بنفس السوق بل وتمتلك ميزانيات أضعاف التي تمتلكها الشركة حديثة العهد، فلم تشفع الجودة لهم للاستمرار.
طبقًا لبحث مطول نشره موقع “CBinsight” بشأن الشركات الناشئة كانت الأربعة أسباب السالف ذكرها هي الأكثر شيوعا بين كل التجارب المماثلة، إلا أنه وفي نفس التقرير تم عرض أكثر من 20 سببا مختلفا تتفاوت نسبة تأثيرها على احتمالية نجاح مشروعك، بالتالي وإذا ما كنت قررت أن تقدم على خطوة مشابهة، فلا بد لك من وضعها جميعا بعين الاعتبار.