السلوك العدواني السلبي لدى الأشخاص النرجسيين، والمعروف بالعنف النرجسي يظهر عادة ضمن العلاقات الاجتماعية أو العاطفية، ويعتبر سلوكا مؤذيا يقوم به الفرد كتعبير عن شعور عدواني ولكن بأساليب غير مباشرة، وقد يبدأ التعنيف بكلام جارح، وينتهي بعنف جسدي، ويعرض لكم موقع قل ودل مفهوم العنف النرجسي وأسبابه ومفهومه.
مفهوم العنف النرجسي
ظهر مصطلح العنف النرجسي، في أواخر القرن العشرين واتخذ شهرة أوسع في أوائل القرن الواحد والعشرين نتيجة لجهود العالمة أليس ميللر وغيرها من العلماء، الذين أقروا أن المصطلح يعتمد بشكل رئيسي على العنف النرجسي من الآباء نحو أبنائهم، ممن يطالبون الأطفال بالتخلي عن رغباتهم ومشاعرهم لإرضاء رغبات الآباء في سبيل الحصول على التقدير.
8 علامات لمعرفة العنف النرجسي
هناك 8 علامات من خلالها يمكن للشخص معرفة وتمييز العنف النرجسي بسهولة، والذي يبدأ من العدوان اللفظي بكلمات جارحة وحتى العنف الجسدي، وتظل جميع العلامات مهما اختلفت واضحة، حتى وإن تحايل الشخص النرجسي، وتتلخص في الآتي:
العنف اللفظي المقنع:
يتضمن العنف اللفظي المقنع، الحديث السلبي والنقد المستمر لأفكار وآراء الغير، مع تجاهل الأشخاص ومعاملتهم كأطفال من أجل الشعور بالهيمنة.
العنف الخفي:
يتضمن هذا النوع السخرية من المظهر، أو الجنس، أو الخلفية الاجتماعية الثقافية، أو السلوك، أو القرارات أو حتى العلاقات الاجتماعية.
العنف النرجسي في العلاقات:
ويتمثل في ضعف التواصل بين الأفراد، والمعاملة القاسية، والاستبعاد والإهمال، من أجل تهميش الشخص وتعنيفه في دائرة اجتماعية محددة.
إلقاء اللوم:
بهدف تقليل الثقة بالنفس أو الشعور بالذنب أو التهرب من المسؤولية يتم إلقاء اللوم على الغير، من خلال الاتهام بالإهمال، والفشل.
المماطلة:
يستخدم النرجسي العنيف أمورا كالتسويف، والنسيان، وحجب الموارد والمعلومات، وابتكار الأعذار، مع عدم الالتزام بالاتفاقات، في سبيل تجنب المسؤولية والواجبات، بجانب الحفاظ على السلطة والتحكم عن طريق اجتناب تنفيذ المهام والغش، بالإضافة إلى محاولة منع نجاح الآخرين، والغيرة منها.
المقاومة النرجسية:
من أجل الصراع على السلطة والتنافس السلبي، يتبنى الشخص النرجسي العنيف سلوكيات، أشهرها العناد، والاستعلاء، وعدم الكفاءة أو التعقيد أو عدم اكتمال أو تدمير المهمة.
التخريب الخفي:
تندرج أسفل العنف النرجسي، أمور مثل تقويض المهام والمشاريع والأنشطة أو المواعيد النهائية، لما قد تسببه تلك الأمور من ضرر أو خسارة مادية، علاوة على تحطيم الأشخاص اجتماعيا أو مهنيا.
المزاح النرجسي العنيف:
يتمثل في استخدام الفكاهة كسلاح في محاولة لتهميش إنسانية الآخرين وكرامتهم ومصداقيتهم، ويكمن وراءها التعبير عن الغضب الخفي للشخص النرجسي.
العنف النرجسي والاضطرابات السلوكية
مثلما تُعرف النرجسية على أنها مرض، تجعل المصاب بها متسلطًا ومهووسًا بذاته، كذلك يسبب مرضا نفسيا للأشخاص الذين يتعاملون مع هؤلاء النرجسيين، وذلك لما يستخف به وينتقص من قيمته ويهينه.
مراحل العنف النرجسي
يمثل بعض النرجسيين خطرا، ويلجؤون بدورهم إلى العنف، والذي تتلخص مراحله في:
- يبدأ العنف النرجسي بالتحقير من الشخص وأفكاره.
- التحكم في الشخص والهيمنة على قراراته.
- تفريغ جميع شحنات الغضب عليه.
- ينتهي العنف النرجسي أحيانا بالعنف الجسدي.
تأثير العنف النرجسي على الأبناء
يشكل العنف النرجسي تأثيرا خطيرا على الأبناء من الآباء المتحكمين والظالمين، لأنهم لا يعرفون عن الإنصاف والعدل، وبالتالي ينشأ جيل يتسم بعدة صفات سلبية، منها:
- أشخاص مضطربون.
- أشخاص خائفون.
- أشخاص ضعيفو الشخصية، لا يحسنون اتخاذ القرارات.
- أشخاص نرجسيون ومسيئون ومقلدون للشخصية الرئيسية النرجسية.
- أشخاص ضعفاء يميلون لأن يصبحوا ضحايا في علاقات متسلطة.
ودائمًا ما تفترض الدراسات أن الإنسان الذي يتعرض للأذى نتيجة العنف النرجسي الأبوي في مرحلة الطفولة، سيعاني لا محالة من مشاكل مستقبلية أبرزها الاعتمادية في مرحلة البلوغ.
العنف النرجسي من قبل الشريك
قد يتساءل أي شخص تعرض لعنف من قبل شريكه، لماذا قد يعتدي شخص على من يحبه؟ وببساطة الإجابة أن معظم المضطربين نفسيًا يميلون إلى اتباع نمط العلاقة المؤذي، ويمكن التعرف على العلامات المبكرة للشريك النرجسي، وذلك من خلال الانتباه الشديد لتصرفاته تجاه الآخر في جميع مراحل العلاقة، من بداية المقابلة الأولى والتعارف وحتى المراحل الأخيرة.
النساء أكثر عرضة للعنف النرجسي
بحسب ما أثبته علم النفس، فالنساء هم الأكثر عرضة للعنف النرجسي من قبل الرجال، ويكون الرجال هم المتحكمون والمتسلطون في العلاقات العدوانية والعنيفة والهجوم على النساء.
ما الحل في حالة الشريك النرجسي العنيف؟
توجد مجموعة من النصائح يجب أن يتبعها أي شخص يتعامل مع نرجسيين عدوانيين، وتتلخص في التالي:
- الحرص على تعزيز الثقة بالنفس بشكل كبير.
- احترام الذات وتقديرها بما يليق بها.
- تجنب التعليقات السلبية، وعدم الاكتراث لها.
- السماح للشخص النرجسي بالتشويش على الحقائق.
- تجاهل جميع محاولات التحقير والتصغير والشك.
- إحاطة النفس بمجموعة من الأصدقاء والأهل الداعمين.
- وضع حدود ذاتية، بعدم الرضوخ لمحاولات الإذلال والتحقير.
- الإدراك الواعي، لإقامة علاقات صحية تتسم بالاحترام المتبادل.
أساليب العنف النرجسي
3 أساليب رئيسية هي المتبعة من قبل الشخص النرجسي العدواني، تجاه ضحيته؛ تبدأ بالصمت والتجاهل، وتمر بالكذب والمراوغة، وتنتهي إلى تدمير النفسية وهز الثقة، وإليكم الأساليب بشيء من التفصيل:
الصمت العقابي
يختفي الشخص النرجسي لمدة زمنية كنوع من أنواع العقاب، ويترك الشخص الثاني متوترًا قلقًا ينتظر أي خبر أو مكالمة تلفونية، بهدف إشعار الآخر بالإهمال والخوف من الفقد.
الإسقاط
يسقط الشخص النرجسي كل عيوبه، التي يتصف بها مثل الكذب والاحتيال والمراوغة والنصب على الطرف الآخر ويتهمه بها، كونه لا يستطيع مواجهة عيوبه وأمراضه ومشاكله النفسية.
الإخضاع
بعد إضعاف الطرف الأخر من خلال الأساليب الخبيثة، التي يتبعها النرجسي لتدمير النفسية وهز الثقة، يأتي دور الإخضاع، والذي يستمتع فيه النرجسي العنيف بلذة فرح الطرف الآخر، بعدما أعطى له الإذن بالسماح والعفو والعودة، وقد يأتي الشخص النرجسي بعد ممارسته للعنف عائدًا ومعتذرًا وآسفًا عما بدر منه، ولكن لا بد من توخي الحذر، لأن اعتذار النرجسي حتى ولو أقسم وهمي، وسوف يعود لممارسة العنف من جديد وكأن شيئا لم يكن.
النرجسي لا يتألم ولا يشعر بالندم إطلاقا بعد المشاجرة، ولا يشعر بالأسى لأي ألم يسببه للآخرين، لكن يعتذر كثيرًا ليس لندم أو اعتراف بالخطأ لكن ليعيد الضحية وتبقى تحت السيطرةة ويستمد منها الطاقة النرجسية مستخدما العنف كوسيلة.
أفكار خاطئة عن العنف النرجسي
عدد من الأفكار الخاطئة شائع عن العنف النرجسي، خاصة وأن الأطراف الأخرى التي تأذت من العلاقة تأمل في أن يتغير الطرف النرجسي ويتخلى عن عنفه وعدوانيته، إلا أن الحقيقة هي ثبات الشخص النرجسي على عنفه.
الحالة الأولى
في حالة العلاقة مع شريك قد تعتقد الأطراف المتأذية من العنف النرجسي، بعض الأفكار الخاطئة الواجب تغيرها، مثل استطاعة تغير الطرف النرجسي، أو التغيير من أجل الحب، أو إمكانية التخلي عن هذه الصفات مع النضج والمسؤولية، إلا أن الحقيقة تبقى واحدة ودائمة، وتظل النرجسية عدوانية.
الحالة الثانية
تشمل الحالة الثانية، العلاقات العامة والاجتماعية، ومن بين الأفكار المنتشرة، هو أن انتقاد الشخص العنيف النرجسي يحرجه ويجعله يصمت، إلا أن العكس هو الصحيح، حيث انتقاد مثل هؤلاء الأشخاص لا يهدئهم، بل يدفعهم إلى الجنون.
الحالة الثالثة
في الحالة الثالثة، يحاول الأشخاص العاديون إقناع الشخص النرجسي العنيف بهم أو بآرائهم، أو بوجهات النظر المتبناة من قبلهم في مشاركة، يعتقدون خطأ أنها تجدي نفعًا، ولكن يبقى عدم إهدار طاقة معهم، هو الحل الأمثل لتفادي هؤلاء الأشخاص النرجسيين.
بذلك يسعى الشخص النرجسي العنيف، إلى ضرب توازن الآخر، ويضع نفسه دومًا في مكانة يقيم من خلالها الشخص الآخر ويملك بواسطتها العلاقة المباشرة مع الضحية ليتمكن من التلاعب بها، ليصل العنف النرجسي إلى تدمير حياة الطرف الآخر المهنية والعاطفية والاجتماعية، وليس الإخلال بتوازن شخصيته فقط.