الغضب النرجسي هو عبارة عن نوبات من الغضب الشديد أو الصمت الشديد، تنتاب المصاب باضطراب الشخصية النرجسية بشكل دوري، نتيجة لتعرّضه لأحد مسببات هذه النوبات، والآن نتعرف على هذه الاضطرابات الجامحة وما لها من علامات بالتفصيل.
ما هو اضطراب الشخصية النرجسية؟
اضطراب الشخصية النرجسية هو حالة عقلية يشعر خلالها المصاب بغرور كبير ويكون في حاجة ماسّة إلى إعجاب واهتمام كل من حوله به، وإذا ما لم يتحصّل النرجسي على القدر الذي يريد من الاهتمام الذي يظن أنه يستحقه، يؤدي ذلك إلى تعرّضه لحالة الغضب النرجسي.
تعريف الغضب النرجسي
يعد واحدا من ردود الأفعال على الجرح النرجسي، وهو أي أمر يهدد الذات النرجسية ويقلل من احترامها، ويعود السبق في استخدام عبارة الجرح النرجسي لعالم النفس النمساوي سيجموند فرويد الأشهر على الإطلاق من علماء النفس البشرية.
ويحدث الغضب النرجسي بصورة متواصلة بداية من مواقف العزلة والتعبير عن السخط الطفيف أو الانزعاج إلى الثورات الخطيرة والتي تتضمن الهجمات العنيفة، وأشار العلماء إلى أن الشخص النرجسي لديه مستويان من الغضب، يعد غضبًا تجاه شخص آخر، بينما الثاني غضب موجه إلى النفس.
أنواع الغضب النرجسي
كي نتعرّف على مفهوم الغضب النرجسي بشكل أعمق، لا بد أن نُدرك بأن الغضب النرجسي في حد ذاته يحتوي على زوج من الأنماط التي يتبعها المصاب به أثناء تعبيره عن غضبه.
قسّم علماء النفس هذه الأنماط إلى قسمين رئيسيين، الأول هو الغضب النرجسي المتفجر (الواضح)، أما الثاني فهو الغضب النرجسي السلبي (الخفي)، ولكل منهما علامات تدُل عليه أدناه.
علامات الغضب المتفجر
- الصراخ.
- غضب مفاجئ وغير متوقع.
- عدوانية لفظية وجسدية.
- عدم القدرة على السيطرة على النفس.
- محاولة إحداث ألم عاطفي أو جسدي للغير عن عمد.
علامات الغضب السلبي
- الانسحاب من حياة الآخرين.
- السخرية من الطرف الآخر.
- الشعور المطلق بالاستحقاق.
- الانفصال عن الواقع.
- الاستياء من تصرفات الغير بشكل خفي.
ما هو الفارق بين الغضب العادي والنرجسي؟
ربما يختلف الغضب النرجسي عن الغضب لدى الشخص العادي لأنه يمكن أن يحدث لأسباب تبدو تافهة من وجهة نظر معظم البشر، كما أن النرجسي يمكن أن يصل لذروة غضبه بسرعة قياسية على عكس الشخص العادي الذي يمر بسبع مراحل غضب حتى يصل إلى هذه الذروة وهي:
مراحل الغضب العادي
حتى يصل الإنسان العادي لأقصى درجات الغضب، يحتاج لأن يمر بالمراحل الآتية، والتي قد تختلف من شخص لآخر من حيث الاستجابة للمؤثرات الخارجية.
- الإجهاد: مشاعر من الغضب داخلية دون أي تعبير.
- القلق: تعبيرات خفيفة توحي بالغضب.
- الانفعال: إبداء الانزعاج دون لوم الآخر.
- التهيّج: الاستياء رغبةً في جذب انتباه الطرف الآخر.
- الإحباط: تعبيرات الوجه أو الكلمات القاسية لإظهار الغضب.
- الغضب: الصوت العالي أو الصراخ.
- الغضب الشديد: فقدان الأعصاب الذي قد يصل للاعتداء.
مراحل الغضب النرجسي
للأسف؛ لا يتبع النرجسيون أي نمط أثناء الغضب، فقد يصل المصاب باضطراب الشخصية النرجسية إلى جمّ غضبه من نقطة الصفر في لحظة واحدةٍ، ويرجع ذلك لرفض النرجسي المساس بشخصيته ولو بشكل لا يُلاحظ.
أسباب الغضب النرجسي
يعتقد النرجسي أن أي تعليق سلبي في حقه هو إهانة لا يمكنه تحملها، وهذا ما يجعله عُرضة للإصابة بالغضب النرجسي، وقسّم علماء النفس أسباب ذلك الغضب لـ3 أقسام رئيسية وهي:
التحدي
يفرض النرجسي على المحيطين به ضرورة احترامهم وتقديرهم المبالغ به له، حتى وإن كان لا يستحقه، وحتى إذا جاء على حساب مشاعرهم الشخصية، لكن ذلك لا يستمر على الدوام بطبيعة الحال.
عند شعور النرجسي بأن الطرف الآخر يسعى لانتقاده، أو تحديه -من وجهة نظره- يتحول ذلك إلى إحساس بالهجوم عليه، يستدعي أن يستخدم الغضب كسلاح لردعه، عبر إهانته أو إيذائه جسديًا إن لزم الأمر، لأنه بذلك يحمي نفسه أولًا، ويثبت تفوقه أخيرًا.
ضرب الاحترام
يرفض النرجسي بشكل قاطع أي محاولة لهز احترامه ذاته، لأنه يرى في ذلك فشلًا، حيث تتمحور شخصيته حول تفرُّد ذاته، بالتالي عندما يحاول أي شخص ضرب هذه المنطقة -احترام النرجسي لذاته- تنتابه حالة غضب عارمة، تصل أحيانًا للعُنف تجاه الضحية.
الشعور الزائف بالهوية
يولد هذا الشعور مع الشخص النرجسي منذ الطفولة، بدعمٍ من الوالدين عادةً عبر المبالغة في مدحه على أشياء عادية، لذلك يستمر المصاب باضطراب الشخصية النرجسية في البحث عن تغذية رغبة الشعور بالاستحقاق بداخله عبر الدخول في علاقات سطحية، لكن عندما يبدأ الآخرون يتشككون في نوايا النرجسي ويواجهونه بحقيقته يغضب، دون سابق إنذار.
كيف يتم تشخيص المصاب بالغضب النرجسي؟
حقيقةً، لا توجد اختبارات تشخيصية نهائية يمكننا من خلالها التعرُّف على المصاب بالغضب النرجسي، مع ذلك يمكن للمختصين بالرعاية النفسية بمساعدة المحيطين به التحقق من إذا ما كان الشخص مصابًا أم لا، بناءً على:
- الأعراض التي تظهر على المصاب في لحظات الغضب.
- التقييم النفسي للحالة.
- مدى تطابق الحالة مع معايير الدليل التشخيصي والإحصائي للاضطرابات النفسية.
- مدى تطابق الحالة مع التصنيف الإحصائي الدولي للأمراض والمشاكل الصحية.
أساليب النرجسي في التعبير عن غضبه
يعبّر الشخص النرجسي عن غضبه مستخدمًا أسلوبًا لا يتسم بأي صلة أخلاقية، لأنه يقرر من تلقاء نفسه أن الأسلوب الأمثل للانتقام يكمن في التلاعب بضحيته نفسيًا عن طريق اتباع الأنماط التالية:
الصمت العقابي
يترك النرجسي ضحيته معلقًا نتيجة اختفائه المفاجئ من حياتها، بشكل يشعر الضحية وكأنه بلا أي قيمة، ما يجعله يحاول التواصل مع الشخص النرجسي مقدمًا له التنازلات التي يريد، خوفًا من الشعور بالفقد.
الإسقاط
النرجسي يدرك تمامًا كل عيوبه، لكنه لا يستطيع مواجهة نفسه بها، لذلك يقوم بإسقاط كل مساوئه على ضحيته، ويتهمه بها ولو زورًا، لأنه يرى في ذلك راحة من حجم المشاعر السلبية التي يحملها على عاتقه.
الإخضاع
آخر أساليبه هي الإخضاع، فبعدما يوهم ضحيته بأنه قد أخطأ في حقه، يبدأ في تدمير ثقة الضحية بنفسه، مستمتعا بلذة خضوعه له، ورغبته في العودة وقبول الصلح.
كيفية التعامل مع النرجسي المُغضب
الشخص النرجسي خطر في العموم، لأنه لا يستطيع تقدير مشاعر الآخرين أو إبداء تعاطفه معهم، حتى وإن تعرضوا لضرر مباشر بسببه، لذلك عند التعامل مع غضبهم، لا بُد وأن تدرك بعض أساسيات لحمايتك من نوبات الغضب الخاصة بهم.
الحذر في إبداء الرأي
لا تبدأ في إعطاء ملاحظاتك أو انتقاداتك على تصرفاتهم بشكل علني، لأن ذلك قد يحفز رغباتهم في رد الفعل تجاه تقليلك منهم على شكل نوبة من الغضب العارم.
لا تبدأ الجدال
يرى النرجسي نفسه دائمًا على حق، بالتالي لن يستمع لنصائحك، ولن يجادلك بالمنطق، وسيكون رد فعله على أي نقاش هو الإساءة لك نفسيًا وأحيانًا بدنيًا.
حاول تجنبهم قدر الإمكان
من الأفضل أن تخرج نفسك من حياة النرجسي بأسرع وقت، لكن إذا ما اضطررت لأي سبب في الاستمرار بالعلاقة معه، عليك أن تضع حدودًا في التعامل معه، بحيث لا يؤثر سلبًا على نفسيتك.
النُصح والمواجهة
أثمن ما يمكن أن تقدمه للمصاب بـ الغضب النرجسي، أو اضطراب الشخصية النرجسية في العموم هو مواجهته بحقيقته، ومن ثم نصحه لزيارة طبيب نفسي مختص، الذي بمقدوره أن يجعله يتخلص من القيود التي تحرمه من رؤية الحياة بشكل عادي.
أخيرًا؛ إن كنت معرضًا للتعامل مع مصاب بالغضب النرجسي بشكل دوري، عليك فقط أن تطلب المساعدة من مختص بالأمراض النفسية كخطوة أولى، وفي ذلك حماية لحياتك وللمصاب نفسه من الأضرار التي قد تسببها نوبات غضبه اللامنطقي.