يجهل الكثيرون حتى الآن الفرق بين التوحد والتخلف العقلي، إذ يعتقد البعض أن كليهما يكشف عن تراجع حاد في الذكاء وعدم قدرة على إتمام أي من نشاطات الحياة، فيما نوضح الآن خطأ هذا الاعتقاد الشائع، بالإشارة إلى تعريف وأعراض وفرص علاج كل من اضطراب التوحد والإعاقة العقلية.
- I. الفرق بين التوحد والتخلف العقلي من حيث التعريف
- II. الفرق بين التوحد والتخلف العقلي من حيث التأثير
- III. الفرق بين التوحد والتخلف العقلي من حيث الأعراض
- IV. الفرق بين التوحد والتخلف العقلي من حيث الأسباب
- V. أنواع التوحد والتخلف العقلي
- VI. الفرق بين التوحد والتخلف العقلي من حيث المضاعفات
- VII. تشخيص التوحد والتخلف العقلي
- VIII. الفرق بين التوحد والتخلف العقلي من حيث العلاج
الفرق بين التوحد والتخلف العقلي من حيث التعريف
يرى الخبراء أن التوحد الذي يشكل أحد اضطرابات الطيف الذاتوي يمكن تعريفه باعتباره اضطرابا عقليا يعرقل من نموه بصورة ملحوظة منذ مراحل الطفولة، ليتسبب في عجز صاحبه عن التواصل مع الآخرين وتكوين العلاقات وربما مجاراة من هم في مثل عمره على الصعيد الدراسي أو العملي فيما بعد.
يتضح الفرق بين التوحد والتخلف العقلي بنسبة ما، مع معرفة مفهوم التخلف العقلي، والذي بات يعرف الآن باسم الإعاقة الذهنية التي تؤدي إلى تراجع كبير في نسب الذكاء يصاحبه نقص واضح في المهارات الحياتية، لتصبح النتيجة هي صعوبات شديدة في تعلم كل ما هو جديد.
لا يمكن اعتبار التوحد من أشكال التخلف العقلي، في ظل قدرة بعض من ضحايا الذاتوية على تجاوز المحنة والتطور في الحياة بثبات، إلا أن هناك بعض الحالات التي تشهد تراجع حالة مريض التوحد حتى يصاب بالإعاقة الذهنية، نظرًا لعدم حرص المحيطين به على تطوير عقله.
الفرق بين التوحد والتخلف العقلي من حيث التأثير
يعد استنتاج الفرق بين التوحد والتخلف العقلي من ناحية التأثير على المريض والمجتمع بأسره واردًا، بالنظر إلى مدى قدرة ضحايا الأزمتين السابقتين على تحقيق النجاحات في جميع الأصعدة.
يتبين أن فرص مريض التوحد في التطور يومًا بعد الآخر أحيانًا ما تظهر بوضوح، وخاصة وأن هناك بعض أنواع التوحد التي يتمتع المصاب بها بنسب ذكاء عادية أو ربما فوق المتوسطة، علاوة على وجود حالات نادرة تتمتع بمهارات خارقة في بعض المجالات، لتصبح فرص التعايش مع الاضطراب والتأثير بالإيجاب على المجتمع ممكنة.
على العكس من ذلك، يلاحظ أن ضحية الإعاقة الذهنية دائمًا ما يحظى بنسب ذكاء ضعيفة للغاية، إلى جانب قدرات ومهارات شبه معدومة، تجعل من فرصه في أن يتمتع بحياة عادية صعبة للغاية، إن لم يجد الدعم والمساندة الدائمة.
الجدير بالذكر أن نسب ذكاء ضحايا الإعاقة الذهنية تبلغ نحو 70 وربما تصل إلى 75 في أفضل الأحوال، أي أنها أقل من متوسط ذكاء الأشخاص العاديين والذي يبلغ 100، فيما تختلف نسب ذكاء المصابين بالتوحد وفقًا لطبيعة الحالة كما سبق أن ذكرنا.
الفرق بين التوحد والتخلف العقلي من حيث الأعراض
تعد الأعراض المرضية كفيلة بالكشف عن الفرق بين التخلف العقلي والتوحد، مع لفت الأنظار إلى أوجه التشابه البسيطة بينهما، كما نوضح عبر السطور التالية:
أعراض التوحد
تتعدد أعراض التوحد التي يعاني منها المريض عادة، ومهما كانت درجة حدة الأزمة لديه، حيث تتمثل في:
- العجز عن التواصل مع الآخرين بالكلام أو حتى بالاعتماد على التواصل البصري.
- التمتع بنسب ذكاء متفاوتة وفقًا للحالة، تصل إلى حد الذكاء فوق المتوسط أو المرتفع للبعض.
- الحرص على ممارسة النشاطات بصورة روتينية، مع المعاناة من الغضب عند إرباك هذا النظام.
- المعاناة من انخفاض شديد في القدرة على الانتباه وتذكر الأحداث.
- صعوبة إدراك معاني تغير نبرات الصوت أو إيماءات لغة الجسد.
- عدم القدرة على فهم مشاعر الآخرين، أو حتى المشاعر الشخصية.
- استحالة محاكاة سلوكيات البشر مهما بدت سهلة التقليد.
- الرغبة في الانعزال، والحساسية تجاه أمور تقليدية مثل الأضواء أو الأصوات أو الروائح أو اللمس.
- التحدث بنبرة صوت تشبه الإنسان الآلي، وتعمد تكرار بعض الكلمات والعبارات.
- إمكانية التطور بدرجة تساعد مريض التوحد على الاستقلال بحياته بدرجة ما.
أعراض التخلف العقلي
تكشف الأعراض التالية عن الفرق بين التخلف العقلي والتوحد من حيث نقاط القوة والضعف، كما نرى:
- القدرة على التواصل مع الآخرين ولو من دون كلام، عبر التواصل البصري بالأعين.
- انخفاض نسب الذكاء بصورة ملحوظة بصرف النظر عن طبيعة الحالة.
- عدم الاهتمام بالروتين وكأنه غير موجود من الأساس، بعكس مرضى التوحد.
- القدرة على محاكاة وتقليد بعض حركات البشر بنجاح.
- احتمالية التمتع ببعض السمات الاجتماعية التي تدفع الشخص للتواجد وسط البشر.
- التمتع بذاكرة غير سيئة على الأقل مقارنة بالذاكرة الضعيفة لمرضى التوحد.
- العجز عن فهم مشاعر الآخرين.
- عدم القدرة على التفكير بمنطقية وغياب الفضول عن العقل.
- استحالة الاعتماد على النفس والاستقلال بالحياة خلال سنوات النضوج.
يتبين أن الفرق بين التوحد والتخلف العقلي من حيث الأعراض، يكمن في أمور عدة مثل مستويات الذكاء الطبيعية أحيانًا لدى المصابين بالتوحد مقارنة بنسب منخفضة تمامًا لدى مصابي التخلف العقلي، في مقابل وجود بعض السمات الاجتماعية لدى المصاب بالإعاقة الذهنية مقارنة بمهارات اجتماعية معدومة لضحايا التوحد.
الفرق بين التوحد والتخلف العقلي من حيث الأسباب
بعد الكشف عن الفرق بين التخلف العقلي والتوحد مرارًا وتكرارًا، نوضح عبر تلك النقاط التالية أخيرًا أوجه التشابه الواضحة بينهما، والتي تظهر عبر عوامل محتملة وراء الإصابة بهما، وهي:
العوامل الوراثية
تشكل تلك النقطة أحد أبرز أسباب عجز بعض الأطباء عن تحديد الفرق بين التوحد والتخلف العقلي عند تشخيص مريض ما، حيث يتضح أن الجينات المسؤولة عن الأزمتين تبدو متشابهة، فيما يتبين أن معاناة فرد من الأسرة من التوحد أو التخلف العقلي تزيد فرص معاناة الآخرين من المشكلة الذهنية ذاتها.
الطفرات والاضطرابات الجينية
إن كانت الطفرات الجينية أو الاضطرابات في الجينات ومن بينها متلازمة الكروموسوم إكس الهش، تساهم أحيانًا في معاناة الشخص من اضطراب التوحد، فإنها تتسبب أيضًا في إصابة البعض من الإعاقة الذهنية وفقًا لترجيحات العلماء.
مشكلات الولادة
تعد مشكلات الولادة من بين أوجه التشابه التي تقلل من الفرق بين التخلف العقلي والتوحد من حيث الأسباب، مع وجود اختلافات طفيفة تتمثل في احتمالية معاناة الجنين من التوحد بسبب الولادة بوزن خفيف أو التعرض للفيروسات، فيما يصاب الطفل حديث الولادة بالتخلف العقلي أحيانًا عند ولادته مبكرًا عن موعده الطبيعي أو بسبب حرمانه من الأكسجين حينها.
حالة الأم
من المؤكد أن حالة الأم الصحية ومدى اتباعها الخطوات الآمنة أثناء فترة الحمل، تعني زيادة فرص ولادة طفل لا يعاني من أي مكروه، بعكس ما يحدث حينما تلجأ الأم الحامل إلى شرب الكحوليات أو تعاطي المخدرات، حيث تؤدي تلك الأفعال غير المسؤولة لزيادة خطر التوحد أو الإعاقة الذهنية لدى الطفل.
تجدر الإشارة إلى أن أسباب المعاناة من التوحد تبقى مجهولة في بعض الأحيان، علمًا بأن ثلثي حالات الأطفال الذين عانوا من الإعاقة الذهنية لم يتم تحديد أسباب مرضهم.
أنواع التوحد والتخلف العقلي
ربما لا يدرك الكثيرون تعدد أنواع التوحد، واختلاف مستويات التخلف العقلي، حيث يكشف ذلك من جديد عن تشابه يخص تدرج مستويات كل أزمة على حدا، كما تبرز السطور التالية:
أنواع التوحد
تتعدد اضطرابات الطيف الذاتوي والتي يبدو التوحد الكلاسيكي هو الأشهر بينها، حيث تتمثل تلك الأنواع مختلفة الدرجات في:
- متلازمة أسبرجر التي تعد أقل أنواع التوحد حدة، والسر في تمتع المريض بمستويات ذكاء مقبولة، رغم العجز عن التواصل البصري واللفظي مع الآخرين أو فهم مشاعرهم.
- اضطراب النمو الشامل الذي يعرقل مسيرة المريض في التواصل ويبقيه في دائرة من السلوكيات المكررة، ليبدو متوسط الحدة مقارنة بأنواع التوحد الأخرى.
- متلازمة هيلر، والتي تعرف كذلك باسم اضطراب الطفولة، فيما تعد شديدة الحدة في ظل ندرتها، وكذلك تسببها في فقدان المهارات اللغوية والسلوكية للمريض الصغير بعد تعلمها.
- التوحد الكلاسيكي والذي يعد أشهر الأنواع وأكثرها حدة، كونه يجمع الأعراض السلبية للاضطرابات الأخرى، دون أن يمنح المصاب به ولو قدرا بسيطا من الذكاء أو مهارات التواصل.
أنواع التخلف العقلي
كذلك يبدو التخلف العقلي شأنه شأن التوحد متعدد الأنواع، والتي نشير إليها بداية من الأقل حدة إلى الأكثر صعوبة في النقاط التالية:
- الإعاقة الذهنية الخفيفة والتي يتراوح معدل ذكاء المصاب بين 50، 69، ليبدو قادرًا على التواصل والاعتناء بنفسه، رغم حاجته لمزيد من الوقت من أجل الفهم والتحدث.
- الإعاقة الذهنية المتوسطة، يتراوح معدل ذكاء المصاب بها بين 39، 50، ويعاني من صعوبة التواصل والعجز عن الاستقلال بحياته رغم قدرته على إتمام بعض المهام بنفسه.
- الإعاقة الذهنية الحادة والتي تنخفض فيها معدلات الذكاء بين 20 و34، لتغيب المهارات الحركية وتصبح فرص التواصل والتعلم والاعتناء بالنفس شبه معدومة.
- الإعاقة الذهنية شديدة الحدة، حيث تصل مستويات الذكاء إلى ما يقل عن 20، ويبدو المصاب بها عاجزًا عن الحركة أو العناية بنفسه أو التواصل مع البشر من حوله.
الفرق بين التوحد والتخلف العقلي من حيث المضاعفات
من الوارد أن يتسبب التوحد وكذلك التخلف العقلي في ظهور بعض المضاعفات الخطيرة، حيث نكشف الآن عن بعض من المشكلات الصحية التي قد تصاحب كلتا الأزمتين أو أيا منهما على حدة:
مضاعفات التوحد
تتنوع الأزمات الصحية التي تبقى مصاحبة لمريض التوحد في كثير من الأحيان، ومن بينها اضطراب الوسواس القهري، واضطراب الطعام وكذلك بعض من اضطرابات النوم والمشكلات الهضمية.
كذلك يمكن للشخص الذي يعاني من اضطرابات الطيف الذاتوي أن يصاب ببعض الأزمات الذهنية، يأتي في مقدمتها مرض الفصام أو الشيزوفرينيا، إلى جانب اضطراب ثنائي القطب.
مضاعفات التخلف العقلي
تتعدد الأمراض المصاحبة لأزمات الإعاقة الذهنية، حيث تتمثل لدى الأطفال الصغار الذين يعانون من أكثر أنواع الإعاقة حدة، في مشكلات كبيرة سواء في السمع أو النظر.
من الوارد أن تمتد المضاعفات لدى ضحية التخلف العقلي، إلى حد عدم التمتع بأي من المهارات الحركية اللازمة، ما يؤكد الأطباء أنه يحدث فقط في الحالات الحادة والأكثر حدة.
إن كانت النقاط السابقة كشفت عن الفرق بين التخلف العقلي والتوحد من حيث المضاعفات، فإننا الآن نشير إلى تشابه يظهر ممثلًا في الأمراض المصاحبة للأزمتين، ومن ضمنها الاكتئاب والقلق، وكذلك نوبات الصرع.
تشخيص التوحد والتخلف العقلي
لا يعد الفرق بين التخلف العقلي والتوحد واضحًا عند النظر إلى طرق التشخيص المتشابهة، كما نوضح عبر النقاط التالية:
التحاليل
يخضع المريض المحتمل إصابته بالتوحد أو التخلف العقلي، إلى عدد من الاختبارات التي تتنوع بين اختبارات جسدية لتبين وجود أي اضطراب جيني أو متعلق بالأيض، وتحاليل دم وبول، علاوة على بعض الأشعة المطلوبة على المخ للتأكد من خلوه من المشكلات.
الاختبارات السلوكية
بإمكان الفحوصات التنموية وكذلك الاختبارات السلوكية، أن تمهد الطريق للطبيب المختص من أجل اكتشاف حقيقة إصابة الطفل بالتوحد أو الإعاقة الذهنية من عدمها، إذ يلاحظ الخبراء سلوكيات الطفل وطريقة تفاعله مع ما يدور حوله، علمًا بأن اختبارات السمع والنظر تبدو مطلوبة أيضًا حينها.
الجلسات
يحتاج الأطباء إذن للجلوس مع المريض المحتمل لقياس معدلات الذكاء لديه، والوقوف على قدراته على التأقلم، علاوة على الجلوس مع أسرته لمعرفة الأعراض التي يمر بها، والتي عادة ما يتم نقلها إلى مجموعة من الخبراء لتحديد الأزمة التي يعاني منها قبل بدء مرحلة العلاج.
يؤكد الخبراء أن مرحلة التشخيص تثبت في 30% من الحالات، أن المريض يعاني من أحد اضطرابات التوحد والتخلف العقلي في نفس الوقت، ما يحدث جراء طفرات جينية تؤدي بالمصاب إذن إلى التمتع بأقل نسب الذكاء الممكنة.
الفرق بين التوحد والتخلف العقلي من حيث العلاج
ربما تعود ملامح الاتفاق للظهور من جديد بين التوحد والتخلف العقلي، من حيث نسب الشفاء الضعيفة أو المعدومة، في ظل وجود أمل وحيد في التحكم في الأعراض فحسب، عبر طرق العلاج التالية:
الجلسات النفسية
يحتاج المريض وسواء كان يعاني من التوحد أو الإعاقة الذهنية، إلى الجلوس مع الطبيب النفسي المختص، لتعلم بعض المهارات الجديدة التي تزيد من فرصه الضعيفة في الاستقلال بحياته، علاوة على إدراك الفروق بين العادات الإيجابية التي يجب اتباعها والعادات السلبية التي يحذر منها، لتبقى جلسات العلاج السلوكي المعرفي هي الأفضل دومًا.
العلاج باللعب
تبدو تلك من وسائل تحسين حالات التوحد، حيث تمنح الطفل فرصة خوض بعض التحديات البسيطة في جو آمن تمامًا، كما أنها تقرب من المسافات بينه وبين الآخرين، وخصوصًا أفراد الأسرة الذي يؤدي اشتراكهم في تلك الجلسات إلى زيادة عمق العلاقات بينهم جميعًا.
الأدوية العلاجية
يعد الفرق بين علاج التوحد والتخلف العقلي شديد الوضوح في تلك الحالة، حين يتم اللجوء إلى الأدوية العلاجية، لمريض التخلف العقلي فقط، ذلك في حال معاناته من مرض ذهني مصاحب لأزمته العقلية.
العلاج بالتخاطب
لا يمكن تجاهل الجلسات التي تجمع بين المريض وأخصائي التخاطب، من أجل تحسين وضعية المصاب بالتوحد على وجه التحديد، فبينما يعاني من مشكلات ملحوظة تخص القدرة على التحدث وفهم كلمات الآخرين، فإن جلسات التخاطب تبقى قادرة على تحسين الأمور رويدًا رويدًا، لتبقى فرص تواصل مريض التوحد بالبشر من حوله متاحة بنسبة ولو قليلة.
جلسات الدعم الأسري
هي تلك الجلسات التي ينصح بها أفراد أسر ضحايا التوحد والتخلف العقلي وغيرها من الأزمات سواء كانت ذهنية أو نفسية، كونها تعطي المريض الإحساس بالثقة والدفء، فيما تجعله قادرا على تحديد احتياجاته والكشف عنها بأريحية، بدلًا من أن تتفاقم الأوضاع لاحقًا.
في الختام، وسواء بدا الفرق بين التوحد والتخلف العقلي واضحًا للجميع، أم يحتاج لمزيد من الجهود من جانب الأطباء أنفسهم لاستكشافه، فإن المؤكد أن كلتا الأزمتين لهما دور سلبي في حياة الضحية، ما يتطلب تقديم الدعم الدائم لمصابي التوحد والإعاقات الذهنية أملًا في مستقبل أفضل لهم.