عندما يصاب المرء بفقدان الذاكرة قصيرة المدى، ويعجز عن القيام بالأنشطة اليومية والعناية الشخصية، يختلط الأمر على الناس من حوله؛ فلا يعرفون هل هو مصاب بالخرف أم بألزهايمر؟، بسبب عدم معرفتهم الفرق بين الخرف وألزهايمر؛ ولهذا سنتناول هذا الموضوع بكل جوانبه؛ لتوضيح الفرق بينهما من حيث الأسباب والأعراض والعلاج، كما سنعرض طريقة الوقاية من هذه الأمراض.
الفرق بين الخرف وألزهايمر بشكل عام
إن كنت ترى أن مرض الخرف وألزهايمر متشابهان إلى حدٍ كبير؛ فهذا لا يعني أنهما واحد، وإنما الخرف لا يعد مرضًا معينًا؛ بل هو مفهوم عام يشير إلى فقدان الذاكرة وانعدام القدرات العقلية؛ لهذا فهو كفيل بالتأثير بصورة كبيرة في الحياة اليومية، وينشأ الخرف نتيجة تلف خلايا المخ؛ حيث لا يكون بإمكانها التواصل مع بعضها البعض لعدة أسباب سنتناولها لاحقًا.
أما ألزهايمر فهو نوع من أنواع الخرف؛ حيث إن الخرف يشتمل على أنواع عديدة، وينشأ ألزهايمر نتيجة تراكم البروتينات في الدماغ بصورة غير طبيعية، ويتميز بأنه مرض تنكسي أي تتفاقم أعراضه بمرور الوقت؛ وقد يسبب هذا مشكلات في الذاكرة، والإصابة بالهلوسة، وصعوبة القيام بالوظائف اليومية، كما يُحدث اضطرابًا في الشخصية، ولعل مرض ألزهايمر من أنواع الخرف المعروفة؛ إذ يمثل نحو 60% إلى 80% من الحالات التي تعاني من الخرف بشكل عام.
الفرق بين ألزهايمر والخرف من حيث الأسباب
قد تتعجب من حدوث تلك المشكلة الصحية سواء كانت زهايمر أو خرف بشكل فجائي؛ فقد تلاحظ إصابة جدك أو جدتك بألزهايمر أو الخرف بعدما كانا بصحة جيدة؛ فما السبب؟
أسباب الإصابة بالخرف
قد يحدث الخرف بسبب الإصابة ببعض الأمراض؛ مثل: مرض هنتنغتون، مرض باركنسون، ومرض كروتزفيلد جاكوب، كما يمكن أن تحدث الإصابة بسبب الجرح المؤلم الذي قد تسببه قوة خارجية في الدماغ؛ بالإضافة إلى أنه قد ينشأ الخرف الوعائي وهو أكثر أنواع الخرف انتشارًا بعد مرض ألزهايمر؛ بسبب تلف الأوعية الدموية التي تكون مسؤولة عن إمداد المخ بالدم؛ وبالتالي يكون غير قادر على القيام بالمهام العقلية.
يمكن أن يصاب الإنسان بالخرف؛ نتيجة الإصابة بفيروس نقص المناعة البشرية، والالتهابات، والسكتة الدماغية، وأمراض الأوعية الدموية، والاكتئاب؛ وتزداد احتمالية الإصابة إذا كان مدمنًا.
أسباب الإصابة بألزهايمر
يصيب مرض ألزهايمر الشباب وكبار السن على السواء، ويستغرق الوقت ما بين التشخيص إلى الوفاة عند كبار السن الأكبر من 80 عامًا 3 سنوات فقط، في حين تزيد تلك المدة عند الشباب المصابين، وينشأ ألزهايمر نتيجة تشكل البروتينات بصورة غير طبيعية في الدماغ مما يؤدي إلى تلاشي الروابط بين الخلايا العصبية في المخ، والتي ترسل إشارات للدماغ للقيام بالوظائف العقلية؛ فيتضرر المخ تدريجيًّا وتظهر الأعراض تباعًا حتى تصل إلى أوجها.
الفرق بين الخرف وألزهايمر من حيث الأعراض
غالبًا ما تتشابه أعراض الخرف، وألزهايمر فيصعب التفريق بينهما؛ ولكن سنوضح لك الأمور البسيطة التي قد تفرق بين كلٍ منهما من حيث الأعراض.
أعراض الخرف
تشتمل أعراض الخرف على النسيان الخفيف، وعدم الشعور بالوقت في بداية الإصابة، ومع تطور المرض يتفاقم النسيان مما يصعب تذكر المصاب للأشخاص والأسماء، ويميل إلى تكرار الأسئلة نفسها، كما يصعب عليه اتخاذ القرارات، وفي المراحل المتأخرة من المرض يكون المصاب عاجزًا عن الاهتمام بنفسه، وتتغير تصرفاته نتيجة التغير الحادث في كيمياء الدماغ، وقد يقوده إلى الاكتئاب والسلوكيات العدوانية.
أعراض ألزهايمر
أما ألزهايمر فتتمثل أعراضه في أن الشخص المصاب يكون عاجزًا عن تذكر المحادثات والأحداث الأخيرة التي دارت، كما يشعر بالارتباك والاكتئاب، ويصعب عليه الحكم على الأمور، كما يصعب عليه المشي والبلع والنطق في المراحل المتأخرة.
الجدير بالذكر أن هناك أنواعا من مرض الخرف تتشابه أعراضها مع مرض ألزهايمر؛ مثل: خرف أجسام ليوي؛ حيث يشترك في الأعراض نفسها، ولكن الأشخاص المصابين به يعانون في بداية الأمر من اضطرابات النوم، وفقدان التوازن، والمعاناة من الهلوسة البصرية، في حين أن الخرف الناجم عن الإصابة بمرض هنتنغتون أو مرض باركنسون يحدث في بدايته حركات لا إرادية؛ وهذا العرض هو ما يفرقه عن ألزهايمر.
الفرق بين الخرف وألزهايمر من حيث العلاج
يكمن الفرق بين الخرف وألزهايمر من ناحية العلاج في أن علاج الأول يستند إلى السبب الرئيس ورائه، وبهذا يمكن أن تتعدد خيارات العلاج لكل من ألزهايمر والخرف.
علاج ألزهايمر
لا يوجد علاج مخصص للتخلص من ألزهايمر؛ فهو مرض غير قابل للشفاء، وعلى الرغم من ذلك فهناك علاجات تساعد على التحكم في الأعراض الناجمة عن مرض ألزهايمر؛ ومنها:
- الأدوية المضادة للذهان للسيطرة على التغيرات السلوكية الحادثة.
- علاج بديل لتحسين الصحة العامة وتحسين الصحة العقلية؛ مثل: زيت جوز الهند، أو زيت السمك.
- علاجات لفقدان الذاكرة، مثل: مضادات الريفاستيجمين، والكولين أستيراز كالدونبيزيل.
- أدوية مضادة للاكتئاب لتحسين الحالة المزاجية، وعلاج اضطرابات النوم.
علاج الخرف
هناك عدة حالات من الخرف لا يمكن علاجها في حين أن هناك حالات أخرى يتم علاجها وفقًا للسبب الذي تسبب في الإصابة؛ ومن ضمن تلك الحالات: الأمراض الاستقلابية، الخرف الناتج عن الأورام والأدوية، نقص السكر في الدم، ومن الأدوية التي يمكنها علاج الخرف ما يلي:
- مثبطات الكولين استيراز التي تستعمل في علاج ألزهايمر يمكنها معالجة خرف أجسام ليوي وباركنسون.
- الأدوية المعالجة للخرف الناتج عن تلف الأوعية الدموية.
كيف يمكن الوقاية من مرض الخرف؟
يعتقد الخبراء أن حوالي نصف الحالات المصابة بالخرف مرتبطة بعوامل عدة؛ مثل: التدخين، نمط الحياة غير الصحي، انخفاض النشاط البدني، الإصابة بالسمنة، التغذية غير السليمة، شرب الكحوليات، الإصابة بالسكري، ارتفاع ضغط الدم؛ فكل تلك العوامل يمكنها زيادة احتمالية الإصابة بالخرف؛ لهذا احرص على إجراء الفحوصات بشكل دوري للتأكد من استقرار تلك النسب، وعدّل من النظام الغذائي الخاص بك.
كيف يمكن الوقاية من مرض ألزهايمر؟
أكدت الدراسات أن الحالة الصحية الممتازة يمكنها تقليل احتمالية الإصابة بمرض ألزهايمر والتدهور المعرفي، فقد ربط الخبراء بين انخفاض نسبة الإصابة بألزهايمر في دول البحر المتوسط والنظام الغذائي المتبع، حيث إن النظام الغذائي الخاص بهم غني بالخضروات والفواكه والحبوب الكاملة والبقوليات، والسمك، كما أنهم يحرصون على استعمال زيت الزيتون في طهي الطعام.
إن كنت قلقًا بشأن الإصابة بمرض ألزهايمر عليك بتحسين صحتك العامة من خلال اتباع عدة خطوات أهمها الابتعاد عن التدخين، واتباع نظام غذائي سليم يكون غنيًّا بالخضروات والفواكه، والبروتينات، والأحماض الدهنية كالأوميجا 3، ومراقبة معدل ضغط الدم والسكري والكوليسترول، والاهتمام بممارسة الأنشطة الاجتماعية والبدنية، وخاصة ممارسة التمارين الهوائية، كما ينبغي استعمال مهارات الذاكرة، والمهارات الإدراكية لتحسين الصحة العقلية.
لا شك الآن أنك تعرفت على الفرق بين الخرف وألزهايمر من كافة الجوانب؛ فإذا شعرت بأي عرض من الأعراض التي ذكرناها أعلاه لا تتردد في استشارة الطبيب على الفور لتفادي الخطر الناجم في المراحل المتأخرة، وما دمت بخير فلا تهمل في صحتك وانتظم على التمارين الرياضية، وتناول الطعام الصحي حتى تقي نفسك من الإصابة بتلك الأمراض.