في عالم الأعمال، تتعدد الاختلافات بين الرؤية التي تركز على المستقبل، والرسالة التي تهتم بالوقت الراهن، إلا أنه في كل الأحوال تعتبر كل من الرؤية والرسالة من أساسيات نجاح الشركات في الوصول لأهدافها، ما نوضحه عبر الفرق بين الرؤية والرسالة وأهمية كل منهما.
مفهوم الرؤية
تعرف الرؤية بأنها ذلك المفهوم الذي يلخص مستقبل شركة ما والمغزى وراء تأسيسها، بما يحمل ذلك من الأهداف البعيدة التي يجب أن يضعها العاملون كافة في أذهانهم، لذا فغيابها أو تجاهلها في مكان العمل قد يهدد استمرارية النجاح.
تبقى الرؤية غير مؤهلة للتغيير أو التعديل، فهي بمثابة النبراس الذي يقود العاملين جميعا، ما يتطلب صياغة الرؤية الخاصة بالشركة بأسلوب بسيط وموجز، حتى تبقى دائما في عقول من يسعون إلى تنفيذها.
مفهوم الرسالة
أما عن مفهوم الرسالة، فهي تلك النظرة الحالية للأمور، أي أنها تختص في أغلب الأحوال بالأعمال اليومية الراهنة، وغير المستقبلية بعيدة المدى، لذا تتمتع الرسالة في كل شركة بطبيعة تنظيمية تساعد العاملين على إتمام المهام بصورة دورية.
من الوارد أن تجرى بعض التعديلات في رسالة الشركة، في حال حدوث أي مستجدات اقتصادية داخلية أو خارجية، أو بسبب مدى تفاعل العملاء مع الخدمات أو المنتجات التي تقدمها الشركات لهم.
الفرق بين الرؤية والرسالة
يبدو الفرق بين الرؤية والرسالة واضحا من خلال المفهومين السابق ذكرهما، حيث تركز الرؤية دائما على المستقبل الذي تشكله أهداف بعيدة المدى ليعبر ذلك عن مغزى إقامة المؤسسة أو الشركة من الأساس، فيما ينصب تركيز الرسالة على الوقت الراهن، بما يحمل من أعمال ومهام يومية.
تهتم الرؤية دائما بالماهية، أي بما تحلم الشركة بالوصول إليه، فيما تركز الرسالة على الكيفية، أي كيف تصل المؤسسة إلى الأهداف الموضوعة، لذا تبدو الرؤية وكأنها تجيب عن تساؤل هو ما هو هدف الشركة؟ فيما تجيب الرسالة عن تساؤل آخر هو كيف نصل إلى الهدف أو ماذا نفعل كي نحقق الأهداف؟
يعتبر وجود كل من الرؤية والرسالة ضروريا لأي مؤسسة، بل يؤثر غياب أحد الأمرين على الآخر بصورة مباشرة، تضر بالأعمال عاجلا أم آجلا، ما يتضح عبر الكشف عن أهمية الرؤية والرسالة.
أهمية الرؤية والرسالة
تتمثل أهمية كل من الرؤية والرسالة في كونهما يضعان الأهداف القريبة والبعيدة للمؤسسة أمام أعين الجميع، لذا فهي تساهم في زيادة تركيز أعضاء المؤسسة على الأهداف الرئيسية وعلى طرق تحقيقها، من دون الوقوع في خطر التشتت أو إضاعة المجهود والوقت في أمور جانبية قد لا تفيد.
يضمن تواجد كل من الرؤية والرسالة في أي مؤسسة إذن، وجود حافز للعامل يسعى إليه بصفة يومية، مع وضوح المشهد أمام عينيه، الأمر الذي يزيد من تماسك الجماعة بداخل الشركة، ويزيد من فرص توحيد الصف.
أمثلة على الرؤية والرسالة
يبدو الفرق بين الرؤية والرسالة وكذلك الأهمية القصوى للأمرين أكثر وضوحا مع استعراض بعض الأمثلة الخاصة بالرؤية والرسالة، في أكبر شركات ومؤسسات العالم.
في شركة أمازون على سبيل المثال، وهو موقع التجارة الإلكترونية الأشهر في العالم، الرؤية هي: نطمح في أن نكون المؤسسة الأكثر جذبا للعملاء حول العالم، حيث يمكن للعميل أن يجد كل ما يتمنى شراءه عبر الإنترنت، فيما تعبر المؤسسة الشهيرة عن الرسالة بالقول: نسعى أن نوفر للزبائن أفضل الخيارات الممكنة بأقل الأسعار، في ظل تقديم أعلى مستويات الراحة.
على جانب آخر، تبدو رؤية محرك البحث العالمي جوجل واضحة بهذه الكلمات: إمكانية التوصل لأي معلومة في العالم بأسره عبر ضغطة زر واحدة، أما الرسالة فهي: تنظيم المعلومات بأكملها حول العالم، مع إتاحتها للجميع، بما يضمن وصول أي شخص إليها من أجل تحقيق الاستفادة.
مثال آخر يلمح إلى الفرق بين الرؤية والرسالة، تكشف عنه الرؤية الخاصة بشركة فيراري الشهيرة في عالم السيارات، والتي تقول: فيراري رمز التفوق الإيطالي الذي يثير خيال العالم، فيما تعبر الرسالة عن الأمر بشكل أكثر وضوحا بالقول: نصنع سيارات للتأكيد على التفوق الإيطالي، ومن أجل فرض السطوة الإيطالية على الشوارع والطرقات والسباقات.
في الختام، يبدو الفرق بين الرؤية والرسالة شبيها بالفرق بين الأحلام المستقبلية وبين طرق التنفيذ اليومية، وما بين هذا وذاك يصبح من المؤكد أن الاستغناء عن أي من المفهومين قد يؤثر بالسلب على العمل الآن أو بعد حين.