نشأ القرد الصغير في أقاصي أفريقيا، دون أن يتوقع أحد أن يكون مصيره هو الصعود للفضاء الخارجي، ليكتب التاريخ من خلاله، ويصبح “هام”، بوابة نجاح رواد الفضاء من بعده.
من أفريقيا إلى أمريكا
في صيف عام 1957، ولد القرد هام في دولة الكاميرون، بوسط الغرب الإفريقي، حيث تم إرساله إلى مزرعة خاصة بداخل مدينة ميامي الواقعة بولاية فلوريدا الأمريكية، قبل أن تقوم القوات الجوية الأمريكية بشراء القرد الصغير لتنفيذ خطتها السرية.
في عام 1959، أرسل القرد لقاعدة هولومان الجوية، بنيو مكسيكو، حيث خضع لاختبارات عدة، هو ومعه 40 قردا آخر من فصيلته، أملا في إرسال أحدهم للفضاء الخارجي كاختبار على قدرة تحمل الكائنات الحية في هذه المواقع المجهولة.
تحت إشراف أخصائي علم الأعصاب بقاعدة أيرو الطبية الجوية، أدى القرد الاختبارات كافة بنجاح تام، حيث ظهرت ردود أفعاله سريعة للغاية مقارنة بالقرود الأخرى، ليقع الاختيار عليه في نهاية المطاف، من أجل الذهاب إلى تلك الرحلة التاريخية، بعد أن أسماه المتخصصوه برقم 65، حتى لا تعرف الصحافة بأمره، تحسبا لفشل المهمة.
رحلة للفضاء
انطلق القرد هام على متن رحلة يشوبها الخوف والغموض، مع نهايات شهر يناير من عام 1961، حيث رأها المتخصصون تجربة شديدة الأهمية، قد تثبت لهم إمكانية وضع رائد فضاء في رحلة مماثلة حول كوكب الأرض، دون قلق من احتمالية فقدانه الوزن في الفضاء، وهو ما تحقق حين تابع علماء ناسا تطورات رحلة هام لحظة بلحظة، وشاهدوا القرد الصغير وهو يتعامل مع الوضع بكل مرونة، وإن كان يظهر بعض البطء في ردود فعله، لكنه نجح بشكل عام، قبل أن تحدث مشكلة مفاجئة!
خلال الرحلة الفضائية، بدأت الكبسولة الفضائية التي تحمل هام في فقدان الضغط، الأمر الذي جعل علماء ناسا يتوقعون حدوث الأسوأ، إلا أن المفاجأة كانت في عدم تعرض القرد لأي سوء، والفضل يعود إلى بدلته الفضائية، التي طمأنت الجميع على مصير أي رائد فضاء يقوم بجولة مشابهة لاحقا.
لم يتوقف الأمر عند هذا الحد، بل حدثت أزمة أخرى لا تقل عن سابقتها خطورة، إذ تعرضت الكبسولة ومعها القرد، أثناء رحلة العودة لسقوط مفاجئ انتهى بها بقاع المحيط الأطلسي، إلا أن رجال الإنقاذ فوجئوا مع العثور عليها، بالقرد 65 وهو داخل الكبسولة، لا يعاني من أي خطب باستثناء كدمة بالأنف.
القرد الأشهر في العالم
نجحت المهمة أخيرا، وأصبح بإمكان ناسا أن تكشف عن القرد للإعلام، بعد أن ظل يحمل اسم رقم 65 لفترة ليست بالقليلة، حيث حصل في هذا التوقيت على اسمه المعروف “هام”، نسبة إلى المعمل الذي جهزه قبل انطلاقته الفريدة للفضاء.
لاحقا عاش القرد هام وهو لا يعاني من أي مكروه بعد نهاية رحلته، إذ أودعته السلطات بحديقة الحيوان الوطنية بواشنطن، ليعيش بها لأكثر من 17 عاما بأمان تام، أرسلت ناسا خلالها الكثير من العلماء للفضاء، والفضل يعود لأحد أشهر الحيوانات في التاريخ، وهو القرد هام.