كثير من المدن وجدت في أماكن مختلفة على هذا الكوكب منذ الأزل، ولم يصلنا عنها سوى الروايات، واعتبرها المؤرخون مجرد أساطير، وتعتبر المدينة المفقودة زد من أكثر المدن الأسطورية في العالم، والتي حيرت المستكشفين لعشرات السنوات، وطوت ضمن غموضها معظم من شد الرحال إليها طالبا البحث عنها، ويعد المستكشف البريطاني فاوست أشهرهم.
وحتى يومنا هذا ما زال سر تلك المدينة المفقودة والواقعة عند الغابات الكثيفة في الأمازون، يشكل لغزا وغموضا لكل من هزمه فضوله لاكتشافها أو البحث عنها، وفي السطور التالية يقف موقع “قل ودل” على القصة كاملة خلف المدينة الغامضة!
- I. المدينة المفقودة زد
- II. أحفاد أطلانتس
- III. بيرسي هاريسون فاوست
- IV. منجل وبوصلة في البرية
- V. إنجلترا حكم في حروب المطاط
- VI. مخطوطة 512
- VII. تشبه اليونان القديمة
- VIII. هوس بالمدن المفقودة
- IX. 8 رحلات و18 شهرا
- X. الرحلة الثامنة والأخيرة
- XI. رسائل للوطن
- XII. 13 حملة استكشافية
- XIII. إهانة زعيم هندي
- XIV. خيط غير مكتمل نحو الحقيقة
المدينة المفقودة زد
تتعدد الروايات القائمة حول مولد القصة، ولكن أكثرها يبدأ مع وصول الأوربيين لأول مرة إلى العالم الجديد، بعد اكتشاف الأمريكتين، ذاع نبأ عن مدينة أسطورية مصنوعة من الذهب، موقعها الجغرافي محدد في عمق الغابات، لا تخلو من الأساطير والخرافات عن وجود مخلوقات خارقة للطبيعة تسكنها، ومشاهدة الأوربيين لسكان أمريكا الأصليين وما يمارسونه من طقوس غريبة، هو ما عزز بالدليل القاطع صدق تلك الشائعات.
أحفاد أطلانتس
وبالاستناد إلى ما نصت عليه الأساطير والثقافة الشعبية حول عمر المدينة، فإنها قديمة قدم الزمن، بُنيت من قِبل أحفاد شعب أطلانتس، نتيجة للاعتقاد السائد بأن الأطلنطيين الذين نجوا من الدمار المتسبب في العصف بمدينة أطلانتس، فروا إلى عدد من بقاع الأرض المختلفة، وانتهى ببعضهم المطاف في الأمازون، فاستقروا هناك وأقاموا مدينة لأنفسهم.
في الوقت الذي تتبنى فيه رواية أخرى، أن المدينة موجودة منذ القدم ولكن لم يتم اكتشافها، خاصة مع ضخامة مساحة غابات الأمازون، وكانت حينها من أكثر المناطق غير المستكشفة على الخريطة.
بيرسي هاريسون فاوست
ألهم باختفائه بين أدغال الغابة البرازيلية الغامضة عام 1925، المسرحيات والكتب المصورة وأفلام هوليوود وحتى الروايات، التي تعد أشهرها رواية إنديانا جونز بعد 80 عاما من الاختفاء، للخوض في مادة دسمة وغنية، أساسها رحلته للبحث عن المدينة المفقودة في الأمازون.
منجل وبوصلة في البرية
ولد بيرسي هاريسون فاوست في إنجلترا في عام 1867، وأصبح مستكشفا بريطانيا شهيرا، تجذب قصصه الاستكشافية ومغامراته الأسطورية أنظار العالم أجمع، فبجانب كونه ضابطا ومساحا أرضيا، تُنسب إليه مهمة رسم الخرائط وتحديد قياسات ومساحات الأراضي، خاض ببوصلة ومنجل مغامراته العديدة في بقاع نائية من الأرض، واستمرت رحلاته لسنوات كان يعيش فيها منقطعا في البرية، كون خلالها صداقات مع القبائل والشعوب التي لا يعرف العالم عنها شيئا.
إنجلترا حكم في حروب المطاط
مع بداية اكتساب صناعة السيارات زخما، زاد الطلب على المطاط، وهددت النزاعات الحدودية بين بوليفيا والبرازيل وبيرو باندلاع حريق وحروب عنيفة، مما جعل تلك الدول تلجأ إلى إنجلترا كحكم مستقل في حروب المطاط، الذي اعتقدوا تواجد النسبة الأكبر منه في البرازيل وتحديدا في غابات الأمازون، وأولت الجمعية الجغرافية الملكية البريطانية في عام 1906، مهمة رسم الخرائط ومسح جزء من الحدود مع البرازيل، إلى المستكشف فاوست.
مخطوطة 512
أثناء تحضير فاوست للمهمة، وقيامه بجمع أكبر قدر من المعلومات قبل الرحلة، صدمته كثرة الشائعات عن الحضارة المفقودة، والتي كان قد سمعها سابقا من الهنود الحمر السكان الأصليين للبرازيل حينها، فضلا عن قراءته عنها في الروايات.
لم يمثل ذلك ذرة بجانب ما عثر عليه “فاوست” في مكتبة البرازيل الوطنية، حيث وجد وثيقة قديمة تحمل عنوان “مخطوطة 512″، تم كتابتها بواسطة صائد الكنوز البرتغالي جواو دا سيلفا جيماريش، زاعما اكتشافه أطلال مدينة قديمة عام 1753، بولاية “ماتو غروسو” البرازيلية في عمق غابات الأمازون المطيرة.
تشبه اليونان القديمة
وفي وصف ” جيماريش” للمدينة المفقودة، شبهها باليونان القديمة، وذكر أنها مدينة فخمة بها مبانٍ متعددة الطوابق، وقناطر حجرية عالية، وشوارع واسعة تتجمع حول بحيرة، بالإضافة لوجود حروف منحوتة على الجدران والمعابد والتماثيل تشبه اللغة اليونانية أو الأبجدية الأوروبية القديمة والهيروغليفية المصرية، كما رصدت المخطوطة أسرارا غريبة عن تلك المدينة، كان أبرزها أن شوارع المدينة مصنوعة من الفضة، والمباني مصنوعة من الذهب.
هوس بالمدن المفقودة
وعلى الرغم من رفض علماء الآثار لتلك المخطوطة، بسبب اعتقادهم أن الغابات لا تصلح موطنا للمدن الكبيرة، إلا أن فاوست كان مهووسا بالمدن المفقودة، ووجد في الوثيقة ما يقوده إلى تحقيق حلمه، وسبق المستكشف الإسباني “فرانسيسكو دي أوريانا” فاوست، كأول من غامر بحثا عن المدينة.
8 رحلات و18 شهرا
قام فاوست بثمان رحلات إلى غابات الأمازون، قضي فيها 18 شهرا، إلا أنه اختفى خلال رحلته الثامنة في ظروف غامضة، وفي عام 1912 تحديدا بدأ فاوست أول رحلاته، والتي عانى خلالها هو وفريقه من صعوبات بعد فترة قصيرة من بداية الرحلة، كالحيوانات المفترسة والأمراض الخطيرة، الأمر الذي تسبب في فشل المهمة، ولكن فاوست عزم على الرجوع مجددا لاستكمال البحث.
الرحلة الثامنة والأخيرة
يوم 29 مايو عام 1925، كانت الرحلة الثامنة ممولة من الصحف والجمعيات، مثل الجمعية الجغرافية الملكية، ووصل فاوست وصديقه رالي ريمبل وابنه الأكبر جاك 22 عاما، مع اثنين من العمال البرازيليين لحافة الغابات.
رسائل للوطن
أرسل فاوست لمدة 5 اشهر إلى وطنه، أخبرهم فيها عن عبور أعالي نهر “زينجو” البرازيلي، وهو أحد روافد جنوب شرق نهر الأمازون، ووصلوا منطقة “معسكر الخيل الميت”، كما وجه رسالته الأخيرة لزوجته نينا ، مطمئنا إياها، إلى أن توقفت رسائله بعد الشهر الخامس.
13 حملة استكشافية
بعد عام من تجاوز المدة المحددة للبعثة والتي كانت تستغرق عاما، دون أنباء عن فاوست وفريقه، أرسلت إنجلترا حملات بحث وإنقاذ، لاقت أيضا نفس المصير، ليختفي في تلك الظروف الغامضة أكثر من 100 شخص خلال 13 حملة دون أثر واحد.
إهانة زعيم هندي
وبالعودة لتعددية الروايات، أفاد تقرير رسمي من إحدى بعثات الإنقاذ بأن “فاوست” صعد نهر “كولولين” وقام بإهانة زعيم هندي من السكان الأصليين، بالرغم تحدثه المستمر عن الحفاظ على العلاقات الطيبة مع سكان المنطقة، في حين رجح الاحتمال الثاني في التقرير وفاتهم نتيجة الإصابة بمرض أو الغرق.
وناقشت الاحتمالية الثالثة تعرضهم للسرقة وقتلهم، لتبقى النظرية الأغرب، في عثورهم على المدينة، وتفضيل فاوست للعيش هناك دون إخبار وسائل الإعلام.
خيط غير مكتمل نحو الحقيقة
ظلت تلك التكهنات، حتى أفاد السكان الأصليون من قبائل “كالابالو” بوسط البرازيل عام 1952، بأنه تم قتل مستكشفين لسوء معاملتهم لأطفال القبيلة، ليقوم المستكشف البرازيلي أورلاندو فيلاز بواس بعدها بالتحقيق، وبالفعل استعاد عظاما بشرية تعود من أوصافها إلى فاوست وفريقه، بالإضافة إلى الأشياء الشخصية كالسكين والبوصلة.
إلا أنه على الرغم من خضوع تلك الكتل العظمية لفحص الحمض النووي، رفضت عائلة فاوست تقديم عينات من الحمض النووي الخاص بهم للمقارنة، ليبقى الأمر مجهولا وتنتهى القصة بالتحفظ على العظام البشرية في معهد الطب الشرعي التابع لجامعة ساو باولو.