أغلب من يعيش بيننا يدرك مدى بشاعة الإصابة بالوسواس القهري، حتى إنه لا يتصور أبدًا أن يعاني طفل من تلك الحالة النفسية القاسية، ولكن بصورة أو بأخرى، الوسواس القهري عند الأطفال واقع يحدث لفئة كبيرة؛ نتيجة عوامل متعددة، فإن أقسى ما قد يمر به الطفل هو أن يعيش هواجس في مخيلته تدفعه للقيام بسلوكيات قهرية تزيد من إحساس الضغط النفسي لديه.
- I. ما هو الوسواس القهري عند الأطفال؟
- II. أنواع الوسواس القهري لدى الأطفال
- III. أعراض الوسواس القهري عند الأطفال
- IV. أسباب الوسواس القهري عند الأطفال
- V. مضاعفات الوسواس القهري عند الأطفال
- VI. كيف يمكن الكشف عن الوسواس القهري لدى الأطفال؟
- VII. كيف يمكن التحكم بالوسواس القهري لدى الأطفال في المدرسة؟
- VIII. أساليب علاج الوسواس القهري عند الأطفال
- IX. نصائح للتعامل مع الوسواس القهري لدى الأطفال
ما هو الوسواس القهري عند الأطفال؟
الوسواس القهري حالة عصبية بيولوجية تدفع الطفل لإجراء مجموعة من السلوكيات المضطربة القهرية؛ نتيجة لشعوره المستمر بالخوف، أو ظهور بعض الأفكار الغريبة في رأسه، ومساوئ تلك الحالة كثيرة؛ فهي تسبب قلقًا، وخوفًا شديدين، بمعنى أدق: ظهور الهواجس الداخلية المتعلقة بشيء واحد أو أكثر لدى الطفل، تجعله يقوم بسلوك قهري؛ ليخفف من وطأة ذلك الشعور المرهق.
قد لا تكون على معرفة بذلك، لكن الوسواس القهري لدى الأطفال حالة شائعة الحدوث بكل أرجاء العالم، تحديدًا في الدول المتقدمة مقارنة بالنامية منها، حيث يصاب به طفل 1 من 100 طفل سنويًا، تظهر أعراض الوسواس القهري عند الأطفال بوقت مبكر، تحديدًا في سن الـ 1.5 عام، لكن لا يتمكن الطفل من شرح ما يمر به من خوف، وهواجس داخلية؛ خوفًا من سخرية المحيطين به، ثم يصعب تشخيص المرض، وقد يستمر معه إلى فترة البلوغ، وقد يندثر.
أنواع الوسواس القهري لدى الأطفال
الوسواس القهري اضطراب يتحكم في الطفل حتى يتمكن منه، ويشكل ضغطًا شديدًا عليه، يدفعه لإجراء سلوكيات غريبة بعض الشيء، وقد لا يتمكن الوالدين من تحديد سبب ما يمر به الطفل، فقد يكتفون بوصفه بالنظافة الشديدة، أو الجُبن، وهذا ما قد يزيد الأمر سوءًا، وعلى كل الأحوال، هناك نوعان من الوسواس القهري لدى الأطفال، وهما كالآتي:
وسواس معرفي
في تلك الحالة تظهر بعض الهواجس الداخلية لدى الطفل، بحيث تلح عليه بصفة مستمرة لكره ذاته، والتقليل من شأنه، بحيث يشعر بوجود صوت داخلي يخبره بأنه أحمق، وأن لا أحد يحبه، وأن شقيقته أفضل منه… وما إلى ذلك من أفكار على نفس المنوال.
وسواس سلوكي
يتسبب الوسواس السلوكي في منع الطفل من القيام بأنشطته، وممارسة حياته بصورة طبيعية، بحيث يستمر في تكرار بعض السلوكيات؛ حتى يتأكد من إجرائه لها بشكل صحيح، على سبيل المثال: الشعور بالغضب عند تعرضه للمس، غسل اليدين بصفة مستمرة؛ للتأكد من نظافتها، كل تلك التصرفات تتسبب في انعزال الطفل لاحقًا عن الناس، وهذا ما يجعله النوع الأخطر على الإطلاق.
أعراض الوسواس القهري عند الأطفال
من السهل تمييز الطفل المُصاب بالوسواس القهري بمجرد ظهور نوبة الهلع المفاجئة، وإجرائه للسلوكيات الغريبة، ومع ذلك من الضروري أن يدرك الآباء وجود مجموعة من الأعراض المشتركة ما بين: الوسواس القهري، التوحد، فرط الحركة، اضطراب توريت، ونقص الانتباه، وتتمثل أعراض الوسواس القهري عند الأطفال في السطور الآتية:
- غسل اليدين بصفة مستمرة، واتخاذ التدابير الشديدة؛ نتيجة الخوف الحاد تجاه البكتيريا، والإصابة بالأمراض.
- الهوس المستمر باقتناء، وشراء نفس الأشياء.
- الإصرار على اختيار الثياب بالأكمام الطويلة؛ للحد من تعرضه للجراثيم.
- الخوف غير المبرر من تعرض أحد أفراد عائلته للإصابات.
- تنظيف الأماكن، والأشياء لأكثر من مرة.
- تكرار نفس الكلمات لأكثر من مرة.
- الفحص المستمر للأشياء؛ نتيجة الشك المفرط.
- الهوس بتنظيم، وتنسيق الأشياء بأسلوب دقيق، ومنظم.
- تكرار نفس الأسئلة.
- التقيد بروتين قاسٍ بصفة يومية، كارتداء الملابس بالترتيب نفسه.
- عد الأشياء المتنوعة كالأقلام، أو الخطوات.
- الاهتمام الشديد بالتفاصيل.
- الأفكار، والسلوكيات العدوانية.
أسباب الوسواس القهري عند الأطفال
في الواقع ما زالت أسباب الوسواس القهري عند الأطفال قيد البحث، ومع ذلك يوجد بعض العوامل التي تساهم في تسريع الإصابة بتلك الحالة، والتي تتمثل فيما يلي:
- انخفاض الناقل العصبي، ألا وهو: السيروتونين في المخ؛ فهو المسؤول عن التواصل بين الخلايا وبعضها، وتلك الحالة دائمًا ما تكون وراثية.
- العوامل البيئية القاسية المحيطة بالطفل تتسبب في قلقه الشديد المسؤول عن ظهور تصرفات قهرية تؤدي لاحقًا للإصابة بالوسواس القهري.
- من المحتمل أن تكون العدوى سببًا في الإصابة بالوسواس القهري لدى الأطفال، كعدوى الحمى القرمزية، أو المكورات العقدية، أو التهاب الحلق.
- قد تكون العيوب الخلقية في المخ، تحديدًا بالقشرة المدارية، سببًا في الإصابة بتلك الحالة، حيث يكون ذلك الجزء هو المسؤول عن المهارات المعرفية، وآلية اتخاذ القرارات، وعند تعرضه للتشوهات يسبب الوسواس القهري عند الأطفال.
مضاعفات الوسواس القهري عند الأطفال
لا تنفرد الأمراض الجسدية بحدوث مضاعفات لدى المصابين بها، بل على العكس قد يكون تأثير الأمراض النفسية مضاعفًا على المرضى، ويؤدي إلى حدوث عدة مضاعفات تبوء بمخاطر أكبر، وتتمثل مضاعفات تلك الحالة في النقاط التالية:
- الاكتئاب.
- نوبات القلق.
- مرض ثنائي القطب.
- فرط الحركة، وانخفاض التركيز.
- مرض طيف التوحد.
- التقلصات اللاإرادية.
- وسواس تشوه الجسم.
- اضطرابات الطعام.
- هوس الاكتناز.
- وسواس نتف الشعر.
كيف يمكن الكشف عن الوسواس القهري لدى الأطفال؟
من الصعب اكتشاف الوسواس القهري عند الأطفال، بسبب عدم قدرتهم على الإفصاح عما يعايشونه؛ خوفًا من انتقاد والديهم، أو المحيطين بهم، لكن بمجرد أن يلاحظ الوالدان ظهور أعراض تلك الحالة القاسية على طفلهم يجب تتبعها، وسؤال الطفل عن سبب دفعه للقيام بمثل تلك التصرفات غير المبررة، بمجرد أن يتأكد الوالدين من وجود شيء غريب بطفلهم، وأن ما يقوم به ليس منطقيًّا، من الأفضل أن يتوجهوا لطبيب نفسي مختص، والتحدث معه عما يلاحظونه على طفلهم.
حينها سيسأل الطبيب الطفل أكثر من سؤال يتمحور حول: الأعراض، ودرجة حدتها؛ حتى يتمكن من تحديد درجة خطورة الحالة، يسعى معظم الأطباء إلى إجراء الفحص البدني، أو المعملي بهدف استبعاد وجود إصابة طبية أخرى تتسبب في ظهور نفس الأعراض، لكن بصفة عامة سيُشخص الطفل بمرض الوسواس القهري عند ملاحظة الطبيب وجود تأثير سلبي كبير على الطفل، وحياته اليومية.
كيف يمكن التحكم بالوسواس القهري لدى الأطفال في المدرسة؟
أغلب الآباء لا يرغبون في التحدث عما يعانيه طفلهم للآخرين من حولهم، وهذا بالطبع تصرف خاطئ للغاية، فمن الضروري أن تخبر المُدرّسة بحالة الوسواس القهري لدى الطفل؛ حتى تتمكن من إدارته أثناء اليوم الدراسي، والتعامل مع الطفل بأسلوب صحيح، فعند معرفة المعلم/ة بتلك المشكلة، سيولي الأمر أهمية زائدة، ومن هنا يكون هناك دعم مضاعف للطفل سواء في: مدرسته، أم منزله، وهذا ما يجعل أسلوب العلاج له فاعلية أكبر.
أساليب علاج الوسواس القهري عند الأطفال
يعتمد علاج الوسواس القهري عند الأطفال على أسلوبين: أحدهما يتمثل في العلاج الدوائي الذي يساعد في التخفيف من وطأة الأعراض، والآخر علاج نفسي يزيد من قوة الطفل، ويدعمه بفعالية ضد المرض، وفي الحقيقة يكون العلاج أكثر فاعلية في حالة اكتشاف الاضطراب مبكرًا، وتتمثل أساليب العلاج فيما يلي:
أسلوب العلاج النفسي
يلجأ أغلب الأطباء إلى العلاج السلوكي المسمى بالتعرض والاستجابة، وهو واحد من أكفأ العلاجات الفعالة لحالة الوسواس القهري عند الأطفال، والسبب هو: مساهمته في تحسين سلوكياتهم، وتعديلها، على سبيل المثال: يحدد الطبيب للطفل عددًا محددًا في اليوم لعمل السلوكيات القهرية على أن يٌقلل العدد تدريجيًا؛ وبالتالي الوصول إلى التخلص منه نهائيًّا.
من عيوب ذلك الأسلوب من العلاج، هو: استغراقه الكثير من الوقت؛ حتى الوصول إلى النتيجة المطلوبة، وصعوبة استيعاب الأطفال الصغار لآليته؛ نتيجة عدم فهمهم في الأساس لهواجسهم، وأسلوبهم الغريب، ومع ذلك فهو يستحق المحاولة، يُذكر أن دعم الوالدين لطفلهم المُصاب له دور فعال للغاية في العلاج، والتخلص من الحالة، لا سيما إذا أُخبرت المُدرّسة أيضًا بما يعانيه الطفل، وبذلك يستغرق العلاج وقتًا أقل بسبب دعم الطفل من جميع الجهات.
أسلوب العلاج الدوائي
هناك بعض الحالات التي يفشل بها أسلوب العلاج النفسي في التخلص من الحالة؛ لذا يلجأ الطبيب لاتباع الأسلوب الدوائي عن طريق: وصف العلاجات الدوائية للمريض مع الأسلوب النفسي، مثل: مضاد امتصاص مادة السيروتونين المسؤول عن زيادة مستويات تلك المادة في الدماغ، وفي حالة كان السبب وراء الإصابة هو التهاب المكورات العقدية، فيصف الطبيب المضادات الحيوية للطفل، وبذلك يصبح للعلاج النفسي فاعلية أكبر.
نصائح للتعامل مع الوسواس القهري لدى الأطفال
في الواقع يشكل التعامل مع مصابي الوسواس القهري تحديًّا صعبًا، لا سيما إذا كانوا في مرحلة الطفولة، أو المراهقة، حيث من الصعب السيطرة على تصرفاتهم، لا يوجد خيار أمام الآباء سوى مساندة الطفل؛ للتصدي للسلوكيات القهرية، ومواجهتها بفعالية؛ لذا يجب على كل أب وأم وضع المعايير التالية في اعتبارهما عند التعامل مع طفلهما المُصاب:
- الابتعاد عن انتقاد أفعال وسلوكيات الطفل، أو الشكوى منها.
- الحرص على الإلمام بكل جوانب المرض، والمطلوب من المحيطين بالمريض؛ للتخفيف من وطأة الأعراض لديه.
- ضرورة أخذ الطفل لطبيب نفسي؛ لتحديد السبب، والعمل على علاجه.
- الحرص على التكلم برفقة الطفل، وفهم ما يعانيه، بل والبحث عما يزيد من حالة السكون، والاسترخاء لديه دون ملل، كإخباره بممارسة اليوجا.
- منح الطفل الدعم الذي يحتاجه سواء من: أشقائه، عائلته، أصدقائه، وزملائه؛ حتى يتمكن من هزم الوسواس القهري.
- ضرورة التحلي بالصبر، والهدوء عند التعامل مع الطفل، والحرص على عدم إشعاره بصعوبة مرضه.
يُشكل الوسواس القهري عند الأطفال ضغطًا نفسيًا حادًا يتسبب في ظهور الكثير من المخاطر سواء: الجسدية، أم المعنوية، لكن لحسن الحظ أنه يمكن انتهاء تلك الحالة بعد مرور بضعة أعوام لدى 5% في مرحلة الطفولة، و40% عند بداية مرحلة البلوغ من الأطفال المصابين، وإلا فمن المحتمل أن تكون الحالة مزمنة، لكن دائمًا ما هناك أمل للشفاء، وهو يتمثل في: اختيار أسلوب العلاج، التعامل الصحيح، ودعم الطفل؛ ليتغلب على هذا الكابوس.