وفقا لجمعية “National Geographic”، فهنالك حوالي 7 آلاف لغة يتم التحدُّث بها حول العالم حتى عام 2019، لكن المثير هو أنه على الأقل تموت لغة واحدة كل أسبوعين، ويتوقف الحديث بها إلى الأبد، وللمزيد من الأمانة، يوجد تضارب حول عدد اللغات الحية الموجودة في وقتنا هذا، لكن على أي حال، أشارت الجمعية اللغوية الأمريكية إلى أنه بانتهاء القرن الـ21، قد تختفي 80% من اللغات التي نعرفها في عالمنا الحالي.
لماذا نحن هنا؟
يجب علينا أن طرح سؤالا بديهيا، وهو كيف تموت اللغات؟ وللإجابة على ذلك، يجب أن ندرك بأن انقراض أو موت اللغات، يشبه تماما انقراض أو موت الكائنات الحية، بالتالي يمكننا استنتاج أنه لا يمكن حصر حدوث مشكلة الفناء في سبب بعينه، بل يظل الأمر مرهونا بعدد كبير من المتغيرات التي يمكن أن يتدخل الإنسان بها بشكل مباشر، أو غير مباشر.
لذلك؛ يرى علماء اللغة أن مسألة انقراض اللغات هي عملية تستغرق الكثير من الوقت، لكن أحد أهم الأسباب هو ظهور لغة جديدة لتهيمن على الساحة، فتتآكل القديمة، ليتخلى عنها شعبها، تاركًا معها إرثا ثقافيا كاملا.
بنفس الصدد؛ حدد اللغويون المراحل التي تمر بها اللغات من الهيمنة حتى الانقراض:
1-تعتبر اللغة ضعيفة عندما يتحدث الأطفال لغة والديهم فقط في المنزل أو بصحبة الأقارب.
2- تعتبر اللغة مهددة بالانقراض عندما يتوقف الأطفال عن دراستها، على الرغم من أنها لغتهم الأم.
3- أيضًا، تعتبر اللغة مهددة بشكل خطير عندما يكون أصغر الأشخاص الذين يمكنهم التحدث بها هم الأجداد.
إذن؛ تحدث التغيرات اللغوية حين تتفوق لغة على أخرى، وهنا يمكننا أن نضرب مثالا باللغة اللاتينية، التي بدأت تتلاشى بحلول القرن السادس قبل الميلاد، عقب انهيار الإمبراطورية الرومانية وسقوط روما، مما سمح بتطوير لهجات محلية مميزة، عرفت بعد ذلك باللغات الرومانسية ونشأت أغلبيتها في جنوب أوروبا. وأهمها هي الإيطالية والفرنسية والإسبانية والبرتغالية والرومانية والكتلانية.
الموت أم الانقراض؟
حقيقةً لا يمكن أن يتساوى مصطلح موت اللغة بمصطلح انقراض اللغة، ويرجع ذلك لسبب بسيط، فاللغات الميتة، هي لغات لم يعد البشر يتحدثون بها بنفس الشكل الذي نجدها به في الكتابات التي تصلنا عن القدماء، ما يعني أن مصطلح الموت لا يعني بالتبعية الاختفاء بل التطوُّر، مثل ما حدث مع اللغة اللاتينية وتطورها للغات الرومانسية، كذلك اليونانية القديمة واستبدالها باليونانية الحديثة، وأيضًا اللغة الإنجليزية الوسطى وتطورها للإنجليزية الحديثة وهكذا.
لذلك ومع الإقرار بأن لغة مثل اللغة اللاتينية لم يعد يتحدث بها البشر، إلا أنها ما زالت موجودةً في بعض النصوص الدينية والمراجع العلمية التي تُدرّس في الجامعات والمدارس بشتى بقاع الأرض.
أما بالنسبة لانقراض اللغة، فيحدث حين يختفي كل متحدث لها أو عارف بها، لكن المشترك بين كل اللغات التي انقرضت أو أبيدت، هو أنها لغات محلية، بدون أي سجلات لأبجدياتها وصياغتها، وبالتالي حين تضيع، يحدث ذلك إلى الأبد.
هل توجد طريقة لإنقاذ اللغات؟
يرى الباحث اللغوي ديفيد هاريسون أن هنالك حوالي 85% من اللغات الموجودة حاليا لم يتم توثيقها بعد، ويعتقد بأنه إن كان هنالك سبيل لإنقاذها، فقد يتأتى عبر تقليصها في سجلات مكتوبة تتضمن قاموسا لغويا لها، والحقيقة أن هذا الأمر يبدو صعبا للغاية، لأن معظم اللغات منطوقة وليست مكتوبة.
وبما أنه لا يوجد ما هو مستحيل، فيمكن بطريقة ما للمتحدثين باللغات المهددة بالانقراض مساعدة اللغويين على فهمها وتسجيلها وترجمتها أيضًا، لأنهم الأكثر قدرة على تشخيص اللغة وتحليلها.