بابل مدينة تاريخيّة عريقة تعود إلى حضارة ما بين النهرين، وهي عاصمة الإمبراطورية البابلية، حيث توجد آثارها في دولة العراق الحديثة بين نهرَي دجلة والفرات، وتقع بابل على بُعد 94 كم إلى الجنوب الغربيّ من مدينة بغداد، وتُعدّ من أكثر مُدن التاريخ تأثيراً وشُهرة، وعُرِفَت بكونها مدينة رائدة؛ وقد ذُكرت في العديد من المواضِع في الإنجيل، واكتسبت شُهرتها الواسعة من جدرانها ومبانيها الرائعة المُزخرَفة، ومَكانتها كقاعدة للتعلُّم والثقافة، كما عُرِفَت المدينة بتشكيل قواعد القانون التي سَبَقت شريعة موسى، ولعلّ أبرز ما اشتُهرت به بابل حدائقها المُعلّقة حيث كانت قديماً إحدى عجائب الدنيا السبع. تُعدّ بابل اليوم إحدى مُحافظات جمهورية العراق، وتقع في الجزء الأوسط منها، وتبلُغ مساحتها الإجمالية 5,603 كم2، بينما يبلُغ تعدادها السُكاني 1,385,783 نسمة وفق إحصاءات عام 2003م.
بابل قديما
كانت تعرف قديما ببلاد سومر وبلاد سومر كانت تقع بين نهري دجلة والفرات (جنوب بغداد حاليا) بالعراق، فظهرت الحضارة البابلية ما بين القرنين 18ق.م. و6 قبل الميلاد، مركز هذا الإقليم هو مدينة بابل والتي مرّ عليها خلال فترات وجودها العديد من الشعوب والحكام، وكانت بلاد بابل تقوم على الزراعة وليس الصناعة، وبابل دولة أسسها حمورابي عام 1763ق.م، وهزم حمورابي آشور في عام 1760 ق.م، وأصدر قانونه (شريعة حمورابي).
تاريخ بابل
ترقى أقدم آثار الاستيطان البشري في بابل إلى الألف الثالث قبل الميلاد، حيث عاش السومريون هناك في قرية صغيرة تحولت مع الزمن إلى مدينة، وقد بنى فيها الملك الأكدي شركالي شري (2223-2198 ق.م.) معبداً للإلهة عشتار، وبقيت مدينة مغمورة في عصر سلالة أور الثالثة، غير أنها أخذت بالتحول إلى مدينة ذات مكانة مهمة مع وصول القبائل البدوية الأمورية إلى بلاد الرافدين في موجاتٍ قادمة من جهة الغرب (بادية الشام) في بدايات الألف الثاني قبل الميلاد وتأسيسها سلالات حاكمة في كثير من المدن مثل “لارسا” و”أشنونة” و”إيسن” و”بابل” التي أسس فيها الأمير الأموري سَموآبو (سوموأبوم) (1894-1881 ق.م.) مملكة قوية توالى على حكمها أولاده وأحفاده من بعده.
مهن وحرف بابل
استخدمت في البابلية الكلمة الأكدية “أومّانوتو” (ummanutu) لتدل على الحرف اليدوية، ولفظة “أومّيا/أومّانو” على معلم الحرفة، وكان الغزل والنسيج، والخياطة والتطريز من أهم الحرف التي اختصت بها النساء، وثمة شواهد تشير إلى صنع أثواب ثمينة للملوك وكبار الكهنة وغيرهم، وكانت مادة الخياطة والنسيج الصوف والكتان، وعرفت الأقمشة الملونة وصباغتها بوساطة الشب والقرمز، وقد شاع استخدام الأنوال في النسيج، وكان ثمة حِرَف أخرى متميزة كحرفة صانعي الأكياس والسجاد، وتعد نصوص ماري البابلية القديمة ونصوص نوزي أغنى النصوص من حيث المعلومات المتصلة بصناعة السجاد، ودبغت الجلود وصنع منها الألبسة والأحذية، ومن أكثر الحيوانات التي استفاد الناس من جلودها البقر، والماعز، واستخدام الجلد قليلاً للكتابة عليه، وكان القصب يستخدم في صناعة السلال وأعواد السهام والرماح، وفي بناء القوارب والمراكب النهرية، وصناعة الأبواب البسيطة والأثاث المنزلي، وفي بناء الأكواخ وتغطية أرضيات المنازل والحظائر في الريف، وكانت طبقات من الحصر القصبية تستخدم في بناء الأبنية الضخمة كالمعابد البرجية (الزقورة).
التجارة في بابل
وصلنا الكثير من نصوص اتفاقات تجارية، وقوائم جرد للبضائع، ومراسلات تجارية من بلاد بابل. وكانت معظم النصوص التجارية تُوَثّق. وقد شاع اعتماد الحبوب خاصة مادةً للمقايضة، كما شاع استخدام الأغنام وسيلة لتقدير ثمن البضائع أيضا.
ثم حلت المعادن، ولا سيما النحاس والفضة محل المقايضة. وكانت الدولة تعقد الاتفاقيات التجارية مع جيرانها، وتحرص على فتح الطرق وحمايتها والسيطرة عليها، وتسيير القوافل التجارية التي تعتمد على الحمير وسيلة للانتقال، وقام التاجر “تمكارو” (Tamkaru) بوظيفة رئيسة في المجتمع البابلي: مشتريا وبائعا بالجملة والمفرق، ممولا ومستثمرا وبديلا عن المصارف. أما البضائع التي كانت تصدر من البابلية فهي الحبوب بأنواعها، والتمور والأدوات المصنعة والمنسوجات.
وكانت تستورد المواد المعدنية الخام من إيران، والأناضول وبلاد الشام،، وزيت الزيتون والنبيذ والأخشاب من بلاد الشام كما كانت تجارة العبيد رائجة.