يجب أن ندرك جيدًا أنه من أجل تطوير الذات وبناء الشخصية يتعين عليك أن تعمل على تنمية المهارات والقدرات الخاصة بك، ومن أهم تلك المهارات هي حرصك على تعلم الأشياء الجديدة والسعي للتطبيق والتطوير؛ لذا احرص على تعلم المهارات التي تساعدك في تطوير وبناء شخصية قوية متوازنة، وكما قيل “التغيير يبدأ من الداخل”؛ لذا ابدأ بالتحضير لمواجهة العالم بالعلم والسعي الجاد للتطبيق.
عن تطوير الذات وبناء الشخصية
لكل شخصٍ سمات شخصية فردية تميزه عن أقرانه، وبالطبع تلك الخصائص أو السمات ليس لديها قواعد ثابتة في المجمل، ولكنها مرنة وقابلة للتكيف حسب البيئة والزمان الذي يعيش فيه الفرد، ومنها ما هو يكون موروثًا من الوالدين، ومنها ما ينشأ خلال فترات حياة الإنسان خصوصًا في مرحلة الطفولة، ولكن الثابت هو أن جزءا كبيرا من سمات الشخصية يمكن أن يتغير ولو بشكل جزئي بالعلم والتدريب المتواصل على مر السنين.
وبالطبع لا يوجد ما يجزم أن تغيير سمات الشخصية خلال سنين العمر يجب أن يكون ناتجا عن حدث قاسٍ في حياة الإنسان نتج عنه هذا التغير، لكن يمكن أن تتغير بعض الخصائص بوعي تام من الشخص، أي أنه ببساطة يمكن لك أن تقوم بهذا التغيير بنفسك إذا أردت ذلك، ولكن لا تنس أن بيئتك وأسرتك وأصدقاءك الذين من حولك إما سيساعدونك في هذا التغيير أو سيكون منهم من هو عامل غير مُحفز على الإطلاق؛ لذلك احرص جيدًا على اختيار من حولك!
وتذكر هدفك دائمًا أثناء رحلة التغيير؛ فأنت تسعى لتطوير الذات وبناء الشخصية من أجل أن تحظى بشخصية مستقرة، وتنعم بالسلام الداخلي في التعامل مع نفسك ومن حولك؛ وبالتالي ستتعامل مع حياتك والمشاكل الموجودة بها بشكل أفضل مما سيدفعك للأمام في حياتك الخاصة أو حياتك المهنية والسلم الوظيفي.
لمَ أسعى لتطوير الذات وبناء الشخصية؟
أنت تعرف الآن ما الذي يؤثر على شخصيتك وكيف تتشكل خصائصك الفردية؛ لذا من المهم لك أن تفهم أن تطوير الذات وبناء الشخصية يساعدك في أن تجد نفسك أكثر فأكثر وأن تعيش وفقًا لقيمك، فالقيم مهمة لتطورك الشخصي وهي معيار حاسم للغاية؛ لأنها تساهم في بناء ركائز طريقك في الحياة، كما أنها تنير لنا طريق الأولويات في كل خطوة لنا.
لكن المهم أولًا قبل أن نسعى للتغيير أن نعرف جيدًا ما هي قيمنا التي تحركنا في الحياة؛ لأنه من الطبيعي أن تكون الكثير من القيم مغروسة بداخلنا ومن شدة قربها لنا لا نشعر بوجودها لكنها تحركنا وتوجهنا لا شعوريًا؛ لذا من المهم أن نبدأ في مراقبة ومتابعة تصرفاتنا باستمرار حتى نستطيع فهم أنفسنا بشكل جيد.
أسس تطوير الذات وبناء الشخصية
من الجيد أنك فهمت أهمية تطوير الذات وبناء الشخصية، ولكن السؤال المهم الآن هو كيف تطور شخصيتك بوعي لتصبح أكثر ثقة وقوه وسعادة؟ في البداية عليك أن تحصل على تفهم الأساسيات عن نفسك بشكل صحيح، أي أنه عليك أن تعرف من أنت؟ ما الذي يميز شخصيتك؟ ما هي المواهب والرغبات والأحلام التي لديك؟ ما هي أهدافك، ونقاط قوتك، ونقاط ضعفك، ومخاوفك وآمالك؟
كأساس لتطورك الشخصي في الخطوة الأولى أن تحدد الحالة الحالية التي تتواجد عليها في الوقت الحالي، وفي الخطوة التالية؛ يجب أن تصوغ الصورة المستقبلية التي تسعى أن تكون عليها؛ لأن ذلك سيساعدك على جعل الأمر أكثر وضوحًا بالنسبة لك حتى تستطيع وضع الأهداف والخطة التي ستبدأ في تنفيذها.
ومن المهم بالطبع ألا تضع لنفسك أهدافًا عالية جدًا بل أهدافًا واقعية؛ فإذا كنت شخصًا هادئًا ومنطويًا جدًا، فمن غير المُرجح أن تضع الهدف المبدئي لك أن تصبح شخصًا اجتماعيًا جدًا فجأة، ليس عليك أن تكون كذلك؛ فلا يعني تطوير الشخصية تحويل نفسك إلى شخص آخر، لكن سيكون من المنطقي أكثر أن تتخلص في البداية من بعض خجلك حتى يسهل عليك الاقتراب من الآخرين وتصبح أكثر ثقة بقدراتك.
المهارات التي ستساعدك في تطوير الذات وبناء الشخصية
قبل أن تبدأ في صياغة حالتك الفعلية والهدف؛ دعنا نلق نظرة على المهارات التي يمكن أن تساهم في تطورك الشخصي، وهي:
عقل متفتح يسعى للتطوير
إن تطوير شخصيتك يبدأ دائمًا بنفسك، فإذا كنت منفتحًا في التعامل مع نفسك ومع أفكارك وعواطفك؛ يمكنك الشروع في هذه الرحلة الرائعة لتطوير نفسك.
المسؤولية الشخصية في طرق التغيير
من المهم أن تدرك أن جزءًا كبيرًا من المسؤولية الشخصية منك تجاه نفسك أن تسعى لتطورك الشخصي، وأنه لا فائدة من إلقاء اللوم على الآخرين، ابدأ بنفسك وتحمل المسؤولية الكاملة عن قراراتك وأفكارك ومشاعرك وأفعالك؛ فهذا هو الطريق إلى شخصية مستقرة.
القدرة على التحمل
على طول الطريق، ستحتاج إلى بعض القدرة على البقاء والاستمرار على الطريق وبعض القدرة على تحمل مشقات التغيير؛ فتطوير الذات وبناء الشخصية لا يحدث بين عشية وضحاها وهو عملية مستمرة لكن الأمر يستحق بكل تأكيد!
تحديد الأهداف
عليك أن تفهم جيدًا أن وضع الهدف يساهم بشكل كبير في تطوير القدرة على التحمل اللازم في المواقف الصعبة، فمن المفيد تذكير نفسك بهدفك مرارًا وتكرارًا، وأن تسأل نفسك لماذا حددت ذلك؟ ما هدفك في نهاية المسار؟ يمكنك أيضًا كتابة أهدافك في مكان تراه باستمرار حتى تتمكن من رؤيته وتذكير نفسك بسهولة.
تطوير الذات وبناء الشخصية للأطفال
بالتأكيد عند الاستثمار الجيد في تطوير الذات وبناء الشخصية للأطفال في سن مبكرة؛ فإن ذلك سيسمح لهم بتجربة العديد من الأشياء الجميلة خلال فترات حياتهم المختلفة كما سيحسن فرصهم بشكل عام في الحياة خصوصًا في حياتهم الوظيفية والاجتماعية وحتى في تعاملهم بشكل جيد مع أنفسهم.
ولكن قد يكون من الصعب بعض الشيء معرفة كيفية القيام بتعليم الأطفال كيفية تطوير الذات وبناء الشخصية، ولحسن الحظ يمكنك الاستعانة بتلك الاستراتيجيات البسيطة، والتي ستساعدهم في تطوير نسخة أفضل من أنفسهم بشكل مستمر.
أولًا: ساعده على أن يوازن بين قبول الذات وتحسين الذات
من المهم تعليم أطفالك أنهم يستطيعون أن يحبوا أنفسهم بالطريقة التي هم عليها بينما يسعون أيضًا إلى أن يصبحوا أفضل، فبالطبع لا نريد أن يظنوا أنهم لن يكونوا سعداء بأنفسهم حتى يغيروا صفة معينة لا تعجبهم كالوزن الزائد مثلًا.
ثانيًا: ساعد طفلك على تحديد نقاط قوته وضعفه
اسألهم عما يحلو لهم في أنفسهم، وتأكد من تحديدهم للصفات التي تعكس شخصيتهم بالفعل وليس مظهرهم الخارجي فقط، ففي حين أنه من الصحي للطفل أن يعتقد أنه جميل، لكن آراء الأطفال عن أنفسهم يجب أن تتجاوز مظهرهم، ثم ابدأ في التحدث مع الطفل عن الصفات التي يرغب في تحسينها وحدد معهم الخطوات العملية التي يمكنكم العمل عليها سويًا.
وقد تحتاج هنا لمساعدة طفلك على تطوير بعض الوعي الذاتي، فعلى سبيل المثال إذا أصر الطفل على أنه أذكى طفل على الكوكب بأسره، عندها يمكنك التحدث معه بلطف عن أن هناك دائمًا مجالا للتحسين والتطوير المستمر في حياته، وقم بإجراء نقاشات منتظمة حول حقيقة أن كل شخص لديه نقاط قوة ونقاط ضعف، ومن المهم إعطاء الأولوية لتلك التي نريد العمل عليها لتحسينها مع قبول أيضًا أنه لا يمكنك التفوق في كل شيء.
ثالثًا: امدح الأشياء التي يقوم بها طفلك
ركز على مجهوده الذي يقوم به للتطوير من نفسه وليس الأشياء التي لم يكن له سعي في تحقيقها، واستخدم المديح الذي يبني الشخصية، فيمكنك مدحه على تفوقه في الدراسة بقول: “يبدو أن كل ما فعلته في دراستك قد أتى بثماره حقًا، عمل رائع في الدراسة الجادة من أجل اختبارك”، وبالتالي سيساعد مدح اختيارات طفلك على الاستمرار في التركيز على الأشياء التي يمكنهم التحكم فيها في الحياة وتطويرها، فمن الصحي للأطفال أن يعملوا باستمرار نحو أهداف جديدة في حياتهم من الصِغَر.
وللبقاء مشاركًا في سعي طفلك لتحسين نفسه؛ ستحتاج إلى تقديم الكثير من الإرشادات على طول الطريق، وتأكد من أن أهداف طفلك صحية قابلة للتحقيق والإنجاز؛ فإذا بدأ طفلك في اتباع نظام غذائي صارم تدخل وعالج الموقف بهدوء وحكمة، وكن نموذجًا جيدًا لطفلك، وتحدث عن الطرق التي تعمل بها على تحسين وتطوير نفسك؛ عندها ستُلهِم طفلك لفعل الشيء نفسه بكل تأكيد.