مع انتهاء الموسم الكُروي بكُل عام، تبدأ الأندية عادةً في الانشغال بإدارة سوق الانتقالات، بحثًا عن استقطاب اللاعبين لتدعيم الفريق، أو التخلُّص من آخرين يزيدون عن الحاجة. وفي الواقع، يهتَم الجمهور عادةً بتفاصيل هذه التعاقدات، خاصةً مع توقُّف المنافسات على أرض الملعب.
حقيقةً، أثناء تفاوض أي لاعب كرة قدم على عقدٍ جديدٍ مع ناديه قد لا يحسم المقابل المادّي وحده المفاوضات بين النادي واللاعب، حيث أن العقد هو أكبر من مجرد راتب ومدة الارتباط، بل يسعى كُل طرفٍ لتضمين الشروط المناسبة -بالنسبة له- من أجل الحصول على كافة طلباته التي يريد.
ويتضمّن العقد المُبرم بين اللاعب والنادي كل كبيرة وصغيرة، بدايةً من نسبة اللاعب من حقوق الصور، وصولًا إلى المكافآت المرتبطة بالأداء.
وعلى الرغم من أن البنود الرئيسية تبدو معروفةً لمعظم متابعي كرة القدم، في بعض الأحيان توضع بعض البنود الغريبة داخل عقود اللاعبين. وفي القائمة أدناه، نبدأ باستعراض أغرب شروط عقود اللاعبين.
البقاء على الأرض
منذ طفولته، أراد السويدي “ستيفان شوارتز” أن يُصبح رائد فضاءٍ، كان مهووسًا بالفكرة، حتى بعدما أصبح لاعبًا محترفًا. وفي نهاية التسعينيات، وفي أوج مسيرة لاعب فالنسيا السابق، كانت فكرة الرحلات التجارية للفضاء تحت المناقشة، بل أنّ بعض الشركات أعلنت بالفعل قدرتها على تأمين رحلة ترفيهية للأثرياء إلى الفضاء بحلول العام 2002.
بعام 1999، استطاع أحد مستشاري لاعب الوسط أن يؤمن له مقعدًا على متن إحدى تلك المركبات، في انتظار التنفيذ الفعلي للفكرة. وفي نفس الوقت، كان نادي “سندرلاند” الإنجليزي يسعى لضَم اللاعب قادمًا من فالنسيا الإسباني، مقابل ما يدنو من 4.5 مليون جنيهًا استرلينيًا.
وقتئذ، وفور معرفة مسؤولي النادي الإنجليزي بخطة “شوارتز” للسفر إلى الفضاء، لم يجد “جون فيكلينج”، المدير التنفيذي لـ”سندرلاند”، بُدًا من التدخُّل، وتضمين بند في عقد اللاعب يحرمه من تحقيق حلمه بالسفر إلى الفضاء أثناء تعاقده مع النادي.
“لا سفر إلى الفضاء. وضعنا هذا البند الغريب في عقد اللاعب، حيث يُلغى العقد تلقائيًا إذا ما قرر تجربة أي من الأنشطة الخطرة، مثل السفر إلى الفضاء”.
-جون فيكلينج لهيئة الإذاعة البريطانية.
ربما يعد هذا أحد أغرب شروط عقود اللاعبين، لكن على أي حال، لم يستطع شوارتز حتى الآن تحقيق حلمه، فعلى عكس التوقعات عام 1999، فالسفر التجاري إلى الفضاء ليس متاحًا حتى الآن.
20 دقيقة فقط
في عام 2011، وصل الإنجليزي “أليكس أوكسليد تشامبرلين” إلى أرسنال الإنجليزي قادمًا من “ساوثهامبتون” كأحد المواهب الواعدة بكرة القدم الإنجليزية، لكن مع مرور الوقت، بدا أن المدير الفني “أرسين فينجر” لا يثق باللاعب، حيث اقتصرت مشاركاته على بضع دقائق بكل مباراة، ما ترك الجماهير في حالة من الحيرة.
وازدادت حيرة جماهير “آرسنال” مع ظهور لاعبهم بشكل جيد فور انتقاله لـ”ليفربول” الإنجليزي عام 2017، وحصوله على عددٍ كافٍ من الدقائق، بعدما كان بديلًا معظم الوقت برفقتهم.
في الواقع، لم يكن الأمر متعلقًا بمستوى “تشامبرلين”، ولا ثقة “فينجر” باللاعب، بل كان الأمر اقتصاديًا، مرهونًا باستراتيجية النادي لتوفير النفقات. لكن كيف؟
في كتابه، “سوق الانتقالات: القصص الداخلية”، شرح آلان جيرنون، الموقف وسلط الضوء على تقنيات توفير الأموال في أرسنال خلال هذه الفترة. وبعد نشر تفاصيل العقد المبرم بين الناديين عام 2021 بواسطة صحيفة “ديلي ميل”، اتضح أنّ أحد بنود العقد تنص على دفع “أرسنال” 10 آلاف جنيهًا استرلينيًا لـ”ساوثهامبتون” مقابل مشاركة اللاعب لـ20 دقيقة أو أكثر بكل مباراة. لذا، كان على أرسنال إشراك اللاعب بدءًا من الدقيقة 71 بكل مباراة، تجنبًا لدفع هذه المكافأة.
“رجيم” إجباري
بطبيعة الحال، تعد لياقة لاعب كرة القدم أحد أهم الأشياء التي تؤخذ بعين الاعتبار عند التعاقد معه؛ لأن الجاهزية البدنية تعني بداهةً أداءً أفضل، إصابات أقل، بالتالي صفقة جيدة. ومن هنا يمكننا سرد قصة أحد أغرب شروط عقود اللاعبين، حين انتقل “نيل رودوك”، لاعب ليفربول الأسبق لنادي كريستال بالاس، الذي وضع في عقده بندًا يحتم عليه الظهور بلياقة مثالية.
عندما انضم “رودوك” إلى كريستال بالاس في عام 2000، ذكر رئيس مجلس الإدارة سيمون جوردان أن: المدير الفني للفريق” هاري ريدناب” طلب منه وضع شرطًا في عقد اللاعب ينُص على حفاظه على وزن 98 كيلوجرامًا، وإذا زاد وزنه عن المتفق عليه، يتم خصم 10% من قيمة أجره.
حسب “ريدناب” كانت تلك الطريقة الوحيدة للحصول على أفضل مستويات اللاعب فنيًا، لكن للأسف، لم يستطع المدافع الحفاظ على وزنه، وبعد أخذ ورَد، ترك الفريق بعد فسخ عقده بالتراضي بين الطرفين، لينتقل إلى نادي “سويندون”.
لم يتحسن الوضع في فريقه الجديد، حيث اضطر ناديه لوضعه على قائمة الانتقالات عام 2002، لكونه يعاني من زيادة الوزن، التي وصلت لدرجة عدم مقدرة النادي من توفير سروايل قصيرة تناسبه.
أشار المدير الفني لسويندون وقتئذ، إلى أن اللاعب غير لائق للعب كرة القدم مع الفريق الأول، كما أنه لم يكن قادرًا على استكمال تدريب واحد مع الفريق.
في النهاية، أُنهي التعاقد بين الطرفين، لكنّه استطاع أن يحصُل على 57 ألف جنيهًا استرلينيًا من سويندون بعد اللجوء للمحكمة؛ لأن النادي لم يكُن حريصًا مثل “كريستال بالاس” على إجباره على الحفاظ على وزنه ببند صريح في عقده.
سهرتين كل أسبوع
“أعطاني الله الكثير، أنا سعيد تمامًا بكل ما حدث في مسيرتي، لا أعتقد أنني أريد تغيير أي شيء”.
-رونالدينهو.
يِعتقد أنّ أحد أسباب رحيل النجم البرازيلي رونالدينهو عن برشلونة بمجرد توّلي “بيب جوارديولا” تدريب الفريق هو عدم التزامه، وإدمانه للسهرات، وهو ما لم يلق إعجاب الرجل الذي أراد إرساء قواعد منضبطة للفريق الإسباني.
بعد الرحيل من البارسا، أمضى “جاوتشو” عامين في إيه سي ميلان، حيث بدأ مستواه في التراجع، لكن -طبقا لبعض الجماهير- لم يهتم بذلك، حيث حرص على إمضاء العطلات بالملاهي الليلية في ميلانو، بغض النظر عن أدائه داخل الملعب بالمباريات، وهو ما جعل رحيله مسألة وقت، تجنبًا لغضب الجماهير.
في 2011، تفاوض ممثلو رونالدينهو مع نادي فلامنجو البرازيلي. وقتئذ، لم يكُن اللاعب يكترث كثيرًا بكرة القدم بشكلها الاحترافي، حيث طالما أراد أن يلعب كرة القدم بغرض المتعة لا أكثر. وهنا، أوضحت تفاصيل عقده مع فريقه الجديد قصة مثيرة مع أغرب شروط عقود اللاعبين.
على طاولة المفاوضات، طلب رونالدينيو، الذي كان في الثلاثين من عمره آنذاك، بندًا يمنحه الحق في الذهاب للملاهي الليلية مرتين كل أسبوع، للاستمتاع بحياته خارج الملعب. في الطبيعي، سيُقابل هذا الطلب بالرفض القاطع، لكن لأنه رونالدينهو، وطبقًا لتقرير “بي إن سبورت”، وافق مسؤولو النادي على طلب اللاعب، أملًا في جعله يشعر بالراحة الكاملة.