تشتهر صحراء الجزائر بواحدة من أهم وأبرز المناطق السياحية وهي تيميمون “220 كلم شمال ولاية أدرار “والتي تلقب بالواحة الحمراء، فـ”تيميمون” هي لوحة فنية أو فسيفساء مكونة من كثبان رملية وقصور وواحات نخيل ولك أن تتخيل قارئنا الكريم كل هذا الرونق الذي تختزنه تيميمون في طياتها.
تبعد تيميمون التي تقع في الجنوب الغربي للجزائر 1400 كلم عن الجزائر العاصمة وهي ملجأ لكل من يبحث عن الدفء في فصل الشتاء حيث يفضل السياح قصدها في الفترة الممتدة من أكتوبر لغاية مايو كل سنة حيث تعرف جوا دافئا بالإضافة لطبيعتها الخلابة خاصة منظر غروب الشمس وهي تختفي بين كثبان الرمال حتى تلتقي بالأرض في مشهد نادر جدا.
قصور تيميمون الحمراء في الجزائر
ما يميز تيميمون أيضا إلى جانب طبيعتها هو قصورها وبيوتها التي بنيت بالطوب الأحمر ومنه أخذت تيميمون اسمها أي الواحة الحمراء نسبة للون الذي بنيت به البيوت والتي تحيط بها الحقول وواحات النخيل التي تسقى من آبار متصلة ببعضها اسمها الفقاقير كما توجد بها العديد من النباتات الصحراوية، ومنظر واحات النخيل يبعث في النفس سكينة وراحة وهدوءا على حسب الهدوء السائد أرجاء الواحة الحمراء.
منازلها الحمراء أول ما سيلفت نظرك بمجرد أن تطأ قدماك أرضها، فالطوب الأحمر المادة الخام الرئيسية للبناء والعمارة، حتى القصور شيدوها بالطوب الأحمر المحلي، الذي يجعل كل من يزورها يصفها بـ”الواحة الحمراء”، ويوجد في “تيميمون” حوالي 40 قصرا يعيش فيها أهل الواحة، والقصر عبارة عن تجمعات سكانية، تحيط به حقول وبساتين وواحات نخيل، ما يضفي على القصر رونق الطبيعة الخلابة، ومن أهم تلك القصور، ماسين، وبني مهلال، وبدريان، وتنركوك.
قديما، وقبل أن يبتكر أهل الواحة تلك القصور الحمراء، كانوا يشيدون تجمعات سكنية، عُرفت باسم “القصبات”، وهي عبارة عن تجمعات سكنية قديمة يتم بناؤها فوق قمم جبلية، أسفلها مغارة للاختباء تحسبا لأي غزوة أو حرب، فتصبح بذلك ملاذا للهروب من الأعداء، يعلو تلك المغارة، أربعة أبراج للمراقبة مرتفعة، تكشف لهم الأفق البعيد.
بعض القصبات القديمة، والتي بناها أجداد الجزائريين، تعود إلى القرن الثاني عشر، أهم تلك القصبات، قصبة “إيغزر”، والتي تبعد عن مدينة تيميمون حوالي 40 كيلومترا، أسفلها تمتد مغارة كبيرة جدا، وهي مازالت حتى الآن أحد أكبر الوجهات السياحية لزائري المنطقة، وهناك أيضا قصبة “أغلاد”، والتي تقع على بعد حوالي 60 كيلومترا شمال المدينة.
مناخ الواحة
كما تتميز “تيميمون” بمناخ حار صيفا ودافئ شتاء، فيصل متوسط درجة الحرارة السنوية بها إلى 25 درجة مئوية تقريبا، أي حوالي 77 درجة فهرنهايت، مع هطول أمطار ضئيل على مدار العام، وينتمي سكانها إلى العرق الأمازيغي ويعرف محليا بالمجتمع الزناتي نسبة إلى لغة السكان الزناتية، واحات النخيل الكثيفة، والنباتات الصحراوية، والقصور المبنية بين الكثبان الرملية، رسمت جميعها لوحة فنية تشكيلية مفتوحة على الطبيعة الصحراوية الشاسعة، وتزداد تلك اللوحة جمالا مع غروب الشمس، وانسحاب آخر خيوط للنهار متسللا من بين الكثبان الرملية، في مشهد تلتقي فيه الشمس مع الأرض، وهو منظر لا يمكن رؤيته إلا في الصحاري الشاسعة.
المعالم الأثرية
أما عن أهم المعالم الأثرية التاريخية في المنطقة، فتأتي “زاوية دباغ” على رأس القائمة، وهي عبارة عن ثكنة عسكرية استُخدمت وقت الاستعمار الفرنسي سنة 1900، مبنية على طريقة القصور القديمة، ولكنها تحولت في السنوات الأخيرة إلى زاوية دينية، كما يوجد بالواحة بعض المعالم التي أنشأها الفرنسيون، مثل باب السودان، والذي يُعتبر مدخل المدينة القديم، كما أنها كانت بوابة لعبور القوافل التجارية إلى إفريقيا، وفندق قورارة الموجود على حافة المدينة، وهو مبنى قام بتصميمه المهندس المعماري الفرنسي فرناند بوليون.
كان لواحات النخيل التي تتوسط كثبان الرمال والصحاري القاحلة، دور في جعل تيميمون مقصدا سياحيا متفردا، فعادة ما يكون الإقبال الأكبر عليها، فزائروها خاصة من الأوروبيين يعشقون التخييم وسط النخيل، خاصة مع وجود بعض “الفقاقير” أو آبار المياه، والتي تتصل ببعضها البعض على هيئة شبكة من المجاري المائية.