أصب جاريت آدمز محاميا شهيرا، ليس فقط لدفاعه عن المساجين ضحايا الأحكام الظالمة، بل لأنه كان يقع في نفس موقفهم الصعب منذ عدة سنوات، فعرفه العالم بكونه المحامي الشاب صاحب المأساة التي تحولت به إلى نموذج نجاح.
حكم ظالم
في عام 1998، كان آدمز المراهق في الـ17 من عمره، عندما قرر الالتحاق بجامعة ويسكونسن الأمريكية، إلا أن المستقبل كان مختلفا عما تم التخطيط له تماما، إذ فوجئ الشاب الصغير بأنه متهم بالاعتداء الجنسي على إحدى الفتيات، التي لم يقابلها إلا لدقائق من قبل في إحدى الحفلات.
أنكر آدمز التهمة التي لم يرتكبها، بعد أن ألقي القبض عليه، إلا أن فشله في تعيين محام جيد للدفاع عنه، بسبب ضيق ذات اليد، والاكتفاء بمحام عينته له المحكمة، عرضه لحكم جائر بالسجن لـ28 عاما.
يحكي آدمز عن تلك المرحلة القاسية: “كنت صغيرا جدا، ولا أعلم شيئا عن نظام الأحكام القضائية والمحاماة، إلا مما أراه في الأفلام والمسلسلات، والتي ما إن ينتهي عرض إحدى حلقاتها، فإننا ننسى تماما ما يشعر به المحكوم عليهم على أرض الواقع، حاصة وإن كانت الأحكام التي تعرضوا لها ظالمة”.
خلف الأسوار
“من رحم المعاناة يولد الأمل”، هكذا يمكن وصف الحياة التي عاشها آدمز مع دخوله السجن بدلا من الجامعة، إذ تعرف بالداخل على سجين يعمل بمكتبة السجن، حفزه على ألا يضيع الوقت هباء، وأن يجد بنفسه طريق النجاة من أزمته.
وبالفعل بدأ آدمز في الاطلاع على كتب القانون المتاحة بمكتبة السجن، بل وأصبح ملما بالكثير من التفاصيل القانونية، وتحديدا تلك التي تخص قضيته التي يصفها آدمز بالعجيبة كما يحكي: “كل من سمع تفاصيل قضيتي، أدرك أنني تعرضت لحكم عنصري واضح، لذا لم أستسلم”.
مع مرور الوقت، تمكن آدمز من التواصل مع كيث فيندلي، وهو محام مسؤول عن القضايا المشكوك في أمرها، والتي حكم فيها على أشخاص فقراء لم يتمكنوا من إسناد محامين للدفاع عنهم، وهو المحام الذي لم يرفض طلب الدفاع عن آدمز، برغم صعوبة المهمة.
ظهور الحقيقة
بعد 9 سنوات كاملة قضاها خلف أسوار سجنه، نجح آدمز الذي صار أكثر خبرة من ذي قبل، وبمساعدة محاميه الرائع فيندلي، في إثبات عدم كفاءة واستهتار المحامي السابق، الذي عينته المحكمة للدفاع عنه منذ سنوات طويلة، ليتذوق الشاب العشريني أخيرا طعم الحرية، ولكن هل يكتفي بذلك؟
مع مرور شهر واحد فقط على توديعه للسجن الذي كبل مستقبله كل تلك الأعوام، بدأ آدمز في إتمام دراسته للقانون، حتى صار خريجا لجامعة الحقوق في غضون سنوات، وليصبح لاحقا أول شخص يعمل في سلك المحاماة، بعد أن كان متهما محكوما عليه بالحبس جورا ذات يوم.
يقول آدمز في تأثر: “كل ما كنت أتمناه، ألا تطأطئ أمي رأسها وتبكي، عندما يسألها أحد عني، كنت أرغب في أن تكون فخورة بي، وهو ما حدث بالفعل الآن”.
اليوم يقوم آدمز بالدفاع بنجاح عن ضحايا أحكام يراها ظالمة، وظروفها قريبة الشبه مما مر به، ليختتم كلامه في النهاية قائلا: “لا يوجد ما يعوضني أنا ووالدتي، أكثر من دخولي نفس المحكمة بل ونفس القاعة، التي حكم علي من خلالها بالسجن لـ28 عاما دون اكتراث من أحد، الفارق الوحيد هو أنهم ملزمون اليوم باحترامي ومناداتي بالمحامي آدمز”.