لم تكن تتوقع الأم الأمريكية، جولي بريسكمان، أن يكون مرور موكب الرئيس إلى جوارها سببا في حدوث تلك التغيرات المتتالية، فبينما أبدت اعتراضها عليه على الملأ بحركة مهينة، فوجئت بحياتها تنقلب رأسا على عقب، حتى أتت النهاية السعيدة أخيرا.
امرأة ضد الرئيس
كان يوما عاديا في خريف عام 2017، بالنسبة للمرأة الخمسينية ووالدة الطفلين، جولي بريسكمان، حيث ركبت دراجتها الهوائية وسارت في طريقها المعتاد، حتى فوجئت بموكب رئيس الولايات المتحدة الأمريكية، دونالد ترامب، يمر إلى جوارها، حيث كان عائدا إلى البيت الأبيض، عقب انتهاء إحدى تدريبات الجولف التي يتلقاها في ولاية فيرجينيا.
كانت مشاعر العضب تملأ صدر جولي تجاه ترامب، حيث لم تكن راضية عن أسلوب إدارته للشئون الداخلية، وأرادت أن تعبر عن ذلك الرفض التام، لذا فمع إدراكها بأنه لن يسمع اعتراضها عليه من خلف زجاج سيارته الفارهة، قررت أن تعبر عن حنقها باستخدام الإصبع الأوسط لديها في إشارة مهينة، التقطتها عدسات الكاميرات، وتسببت في حدوث ما لم يتخيله الجميع، بمن فيهم جولي نفسها.
في وقت لاحظت فيه جولي ردود الفعل الإيجابية على شجاعتها وجرأتها في الاعتراض على رئيس البلاد، فوجئت ابنة ولاية فيرجينيا بقرار صادم تمثل في طردها من عملها، حيث رأت الشركة التي تعمل بها جولي كمديرة تسويق، أن فعلتها تضر بالعمل الذي يقوم على تعاملات حكومية ربما تتوقف بسببها، لذا فهي غير قادرة على الاستمرار في منصبها في العمل، الأمر الذي دفع جولي دفعا إلى تغيير وجهتها بشكل تام.
تضامن شعبي ومفاجأة بالانتخابات
تحكي جولي بريسكمان عن تلك الفترة الصعبة قائلة: “كنت غاضبة جدا من ترامب، حيث لم نلاحظ أي تغير إيجابي فيما يخص مشكلات الرعاية الصحية، أو سقوط الضحايا بشكل متكرر كما حدث في لاس فيجاس، وغيرها من الأزمات، لذا تحدث إصبعي نيابة عني”.
كانت جولي معروفة وسط محيطها السكني، إلا أنها لم تكن تتمتع بتلك الشعبية الهائلة التي اكتسبتها في ولاية فريجينيا وخارجها فور انتشار قصة طردها من العمل، حيث تضامن معها سكان المدينة، بل وطالبوها بالترشح في الانتخابات الداخلية، ما نفذته جولي بالفعل في غضون فترة بسيطة.
تقول جولي: “لم أكن ناشطة سياسية من قبل، بل كنت ناشطة في محيط محل سكني وبين المقربين مني، إلا أن كل شيء تغير مع القرار الظالم بطردي من العمل، حيث أشعل الرغبة في داخلي من أجل العمل في المجال السياسي لتبديل الكثير من الأمور إلى الأفضل”، لتعلن جولي في عام 2018، أنها قامت بتسجيل اسمها وإنهاء كافة البيانات اللازمة من أجل الترشح في الانتخابات المحلية، بمكتب مقاطعة لودون، ليقابل ذلك القرار بحماس الكثيرين من مواطني الولايات المتحدة الذين تضامنوا معها من قبل، فساندوها حتى النهاية.
اليوم وبعد مرور نحو عامين على واقعة جولي بريسكمان الشهيرة مع الرئيس ترامب، يسدل الستار مؤقتا على تلك القصة المثيرة، بإعلان فوز جولي بانتخابات مكتب مقاطعة لودون الأمريكية في ولاية فيرجينيا، بعد منافسة شرسة مع المرشحة الجمهورية سوزان فولب، والتي سيطرت على هذا المنصب من قبل لسنوات طويلة، ليصبح ذلك بمثابة الرد الأمثل على قرار تعسفي بطردها من العمل، تسبب لاحقا في شهرتها بل وفي دخولها عالم السياسة من أوسع أبوابه.