هناك العديد من الأماكن على مستوى العالم التي أدى خلوها من السكان إلى تحولها إلى أماكن مهجورة، يعتبرها الكثيرون أنها مرتع للأشباح والأرواح الشريرة بسبب غياب مظاهر الحياة البشرية بها، وكذلك لارتباطها بعدد من القصص والروايات والمواقف التي تكون عادة خارقة للطبيعة، ومن تلك الأماكن مدينة جيروم الواقعة في مقاطعة يافاباي بولاية أريزونا الأمريكية.
سبب إنشاء مدينة جيروم
بدأت قصة تلك المدينة في عام 1876 عندما كانت منطقة صحراوية خالية من أي مظاهر للحياة، ولكن بعد أن اكتشفت شركة جيروم للتعدين أن تلك الأرض تحتوي على كميات كبيرة من النحاس، أصبحت محط أنظار العديد من شركات جمع الثروات المعدنية، وانتقل إليها الآلاف من العمال وأدى اكتشاف الذهب والزنك أيضا بها إلى ازدياد عدد سكانها إلى 15,000 نسمة.
ونتيجة لتزايد عدد السكان بها والذين كان أكثرهم من العمال أنشأت الشركات بها العديد من أماكن ووسائل الترفيه، مثل بيوت الملاهي الليلية والصالونات والمطاعم وأوكار الأفيون، وأصبحت المدينة مرتعا للمجرمين وسيئي السمعة الذين انتقلوا إلى هناك للإتجار في المخدرات والنساء، حتى أصبحت السرقة والقتل بشكل علني ويومي في تلك المدينة التي أطلق عليها الإعلام في ذلك الوقت “مدينة الشر في الغرب”.
خراب مدينة جيروم
بعد فترة من الزمن بدأت ثروات المعادن في تلك المدينة في النضوب، حيث وصل الأمر في خمسينيات القرن الماضي إلى أنه لم يصبح يسكن تلك المدينة سوى عدد يتراوح ما بين 50 لـ100 شخص، يحاولون أن يجدوا مكانا لهم للإقامة في تلك المدينة المهجورة ويعيشون على الزراعة، ولكن مع مرور الوقت جفت المياه أيضا فتركها هؤلاء وأصبحت جيروم مدينة مهجورة بالكامل.
محاولات لإعادة إحياء المدينة
في السبعينيات من القرن الماضي حاول عدد من الموسيقيين إحياء تلك المدينة بالتوجه للحياة بها، بعد أن ذاع صيت المدينة كأكبر مدينة أشباح في الولايات المتحدة الأمريكية، وتوجه هؤلاء لإعادة حقبة تاريخية وجعل ذلك المكان مزارا سياحيا لما يحويه من أطلال ومبان قديمة لها ذكريات في الغالب كلها سيئة.
وفي محاولة منهم إلى استغلال سمعة تلك المدينة بأنها تحتوي على أشباح، وبالفعل فالأمر ليس مجرد إشاعة بل هو حقيقة بوجود أشباح بالفعل في تلك المدينة، ولم لا؟ وهي شهدت العديد من جرائم القتل سواء للنساء أو للرجال بسبب الدعارة أو تجارة الأفيون أو حوادث السرقة والعمل في التعدين.
أماكن الأشباح في مدينة جيروم
قاعة سبوك
تلك القاعة الشهيرة بالمدينة والتي تم إنشاؤها على إحدى القمم وكانت مخصصة للبغاء، وفي إحدى الليالي تم طعن فتاة بداخلها حتى الموت، ومنذ تلك الليلة ويؤكد الكثيرون أن شبح تلك الفتاة يخرج كل ليلة يتجول داخل القاعة وبين طرقاتها.
زقاق الزوج
مكان آخر كانت تقوم من خلاله البغايا باصطياد الزبائن بالوقوف على جنبات الطريق فيه، حيت يقوم الزبون بالسير خلاله لاختيار إحداهن كما نرى في العديد من الأعمال الأمريكية السينمائية، وفي إحدى الليالي قتلت فتاة على يد رجل شهير هناك في تلك الفترة يدعى “سامي دين”، ومنذ تلك اللحظة ويخرج شبح الفتاة في ذلك الزقاق بحثا عن قاتلها وعلى وجهها يبدو الذهول.
نُزل مدام جيني
هو من أكثر الأماكن الشعبية في تلك المدينة، والذي كان يعج بالبشر حيث كان يذهب إليه كل من يبحث عن مشروع صغير أو شراكة مع أحد الرأسماليين في تلك المنطقة، وقد أصبح ذلك المكان مسكونا منذ مقتل السيد جيني على يد أحد النزلاء، ومن بعده تم قتل زوجته أيضا، والتي تخرج روحها في المكان وتقوم بتحريك المقاعد والأدوات وتنشط تحركاتها بشكل كبير في المطبخ والمطعم.
كما ينشط في المكان أيضا شبحان أحدهما لرجل مسن يقوم بتغيير أماكن الصور المعلقة وكذلك فتح الأبواب والشبابيك، وكذلك شبح لرجل أصغر سنا منه وهو يقوم بحركات كوميدية، مثل الظهور أمام الزوار فجأة ثم الاختفاء لإخافتهم ثم دفعهم من الخلف ومثل تلك الحركات الأخرى.
الأمر لا يقتصر على ذلك فقط بل توجد ظواهر أخرى خارقة مثل الأضواء التي تظهر فجأة وتختفي، ورائحة العطور والزهور التي تنتشر في المكان فجأة ثم تتلاشى، والصنابير التي ينزل منها الماء دون فتحها والأشياء الأخرى التي تتحرك هنا وهناك دون أن يلمسها أحد.
فندق غراند
مكان يحتوي على أشباح أكثر من نُزل مدام جيني، وقيل إن هذا المكان كان مستشفى لجرحى وقتلى مهام التعدين في تلك المدينة، والذين كان عددهم يتزايد يوما بعد يوم مع الاكتشافات الجديدة ومع تزايد عدد العمال في المدينة، وأشهر أشباح ذلك المكان رجل عجوز يظهر في ملابس التعدين يهوى إطفاء الأنوار وإشعالها مرة أخرى، كذلك رنات الهاتف داخل عدد من غرف الفندق دون أن يجيب أحد.
كما يشعر الزوار داخل الفندق بمزاحمات عديدة وكأنهم في مكان مزدحم بالرغم من عدم وجود أي أشخاص بجانبهم، هذا بالإضافة إلى سماع صوت شخص يلهث وهذا الصوت يسمعه كل من في الفندق بوضوح على فترات متقطعة.
مقابر جيروم
ليس من شك أنها هي الأخرى مكان لتجول الأشباح بشكل مستمر، خاصة أن معظم ما تم دفنه في تلك المقابر هم أشخاص ماتوا مقتولين أو نتيجة حوادث التعدين، وينبعث من تلك المقابر الأضواء الملونة، ويمكنك وأنت تتجول بالقرب منها سماع أصوات وصرخات تنطلق من داخلها.
في النهاية يمكننا القول أن ذلك المكان أصبح مزارا للسياح لرؤية الأشباح عن قرب ومعايشتهم دون خوف، وذلك لأنه لم يثبت حتى الآن أن هناك شخص تعرض للضرر من تلك الأرواح، ولكن على ما يبدو أن تلك الأشباح مستمتعة بوجود البشر من جديد، بعد إعادة إحياء المدينة وإعادة إعمارها وفتحها للزوار كمزار سياحي تاريخي.