حدائق بابل المعلقة أسطورة كبيرة في التاريخ وهي إحدى عجائب الدنيا السبع القديمة، كما أنها العجيبة الوحيدة التي يظن بأنها أسطورة وقد كانت تدل على قدرة عجيبة في خلق بيئة خضراء نباتية رائعة الجمال في قلب منطقة صحراوية جافة، وبالرغم من اليقين التام من وجودها إلا أننا لم نعرف مكانها بالتحديد حيث يزعم بأنها بنيت في المدينة القديمة ببابل وموقعها الحالي قريب من مدينة الحلة بمحافظة بابل، ومؤخرا وجدت بعثة بريطانية بعض الدلائل عن مكانها والتي تبعد بمسافة 300 ميل عن مدينة بابل نينوي والتي تمثلها في الوقت الحاضر مدينة الموصل شمال العراق.
من بنى حدائق بابل المعلقة؟
هناك أكثر من اعتقاد بشأن من بنى حدائق بابل المعلقة حيث يزعم أنه تم بناؤها في القرن السادس قبل الميلاد حيث سردت الأسطورة أن الملك نبوخذ نصر الثاني قام ببنائها لزوجته أمييهيا الميديانية التي افتقدت المعيشة في تلال فارس وكانت تكره العيش في مسطحات بابل لذلك قرر زوجها أن يسكنها في بناء فوق تلال مصنوعة بأيدي الرجال على شكل حدائق بها شرفات.
إلا أن البعثة أشارت إلى أن الوصف التاريخي للحدائق ظاهر وبقوة في قصر سنحاريب الملك الآشوري الذي عاش قبل نبوخذ نصر بمائة عام في مدينة نينوي، حيث وصف في اللوح الطيني المكتوب باللغة المسمارية القديمة والذي يبلغ عمره حوالي 2500 عام قصرا لا يضاهيه قصر ووصفت طريقة زراعة الأشجار على الرواق المسقوف مثلما وردت في وصف حدائق بابل تماما وكما أوردها الملك سنحاريب في هذا اللوح من معلومات مفصلة عن أعماله وعن المدينة وعن قصره وعن الحدائق ووصفها مدونا باللغة المسمارية القديمة.
كما تدعم أعمال تنقيب أجريت بالقرب من مدينة الموصل نظرية البعثة، حيث نجح علماء الآثار في استخراج دلائل تثبت وجود ماكينة هائلة الحجم التي قد تكون استعملت في نقل المياه من نهر الفرات إلى الحدائق من أجل سقيها، كما وجدوا كتابات قديمة تفيد بأن تلك الماكينة استخدمت في تلك الحقبة من أجل توصيل المياه إلى المدينة، حيث إن الموقع الذي تجري به أعمال التنقيب حاليا بالقرب من مدينة الموصل يقع على هضبة ذات طبقات، تماما مثلما وصفه المؤرخون الإغريق في تقاريرهم.
كما عثر علماء الآثار على منحوتات ونقوش تبرز حدائق جميلة مخضرّة تستمد مياه السقي خاصتها عبر قنوات مائية كبيرة، كما كان محيط منطقة الموصل المرتفع نسبيا الذي تحيط به الهضاب أكثر احتمالا لتلقي المياه من القناة المائية مقارنة مع المحيط المسطح لمنطقة بابل.
وصف حدائق بابل المعلقة
تم وصف حدائق بابل بالتفصيل وقد يتوهم الكثير أن حدائق بابل معلقة بالفضاء إلا أنها في الحقيقة ليست كذلك، فقد سميت بالحدائق المعلقة لكون الحدائق تم زراعتها على شرفات المبنى الذي يحمل الحدائق وليست على الأرض كما تعودنا، مما جعلها تبدو من بعد وكأنها معلقة، وكان ارتفاع مبناها ما يقرب من 24 مترا أما ارتفاع الحدائق حوالي 100 متر، وكان يحيطها سور قوي بسمك 6.7 متر، كما بلغت مساحة الحدائق حوالي 14.000 متر مربعا.
وكانت الحدائق على شكل تل وتتكون من طبقات ترتفع الواحدة فوق الأخرى حيث يصل ارتفاع أعلى منصة إلى خمسين ذراعا، وبلغت سماكة جدران هذه الحدائق التي زينت بكلفة عالية حوالي 22 قدما، وممراتها كانت بعرض 10 أقدام وهذه الممرات كانت مغطاة بثلاث طبقات من القصب والقار وطبقة ثانية من الطوب والطبقة الثالثة تتكون من الرصاص لتمنع تسلل الرطوبة، وتليها كميات من التراب غرست فيها الأشجار.
كما زودت الحديقة بما تحتاجه من التراب لتتسع لجذور أكبر الأشجار، إذ زودت الحدائق بأشجار من كل الأنواع وبكثافة كما صممت الحديقة بطريقة تسمح للضوء بالوصول إلى كل المصاطب، وكانت المياه ترتفع إلى قمة الحدائق بآلات ترفع المياه إلى الطوابق العليا عبر مضخة تسلسلية تتكون من عجلتين ضخمتين بعضها فوق بعض ومتصلتين بسلسلة كبيرة مناسبة لحجمها وتتعلق على هذه السلسلة بعض الدلاء وعندما تدور العجلة الموضوعة في مصدر المياه فإنها تحرك السلسلة وتمتلئ الدلاء المعلقة بها بالمياه مما يسمح برفعها إلى الأعلى وإلقاء المياه في الأدوار العليا ثم تعود لتمتلئ من جديد عند عودتها وهكذا.
ويقول العلماء إن الحدائق انهارت نتيجة لحدوث زلزال قوي في هذه المنطقة أدى إلى تحويلها إلى أنقاض غطتها رمال الصحراء لتنطوي صفحة أكبر واحة خضراء من صنع البشر في قلب الصحراء في التاريخ القديم والحديث.