هنا يختفي كل شيء، هنا تفنى الطيور والحيوانات، وقد تفقد صوابك دون أسباب واضحة، هنا ستنعزل عن العالم الخارجي ولن يعثر عليك أحد حيث تغيب جميع وسائل الاتصال، وحيث لن يتواجد حولك سوى الفراغ، هنا عليك أن تتوخى الحذر جيدا فأنت داخل منطقة “حزام الصمت”.
حزام الصمت
بدأت القصة عام 1966 عندما أرسلت شركة النفط الوطنية “بيميكس” بعثة لاستكشاف المنطقة، حينها عانى قائد البعثة أوغوستو هاري وواجه مشكلات عدة بسبب تعطيل جهاز الراديو الخاص به واختفاء الإشارة تماما، وبمجرد عودته أطلق عليها منطقة الصمت.
تقع منطقة حزام الصمت شمال المكسيك، تحديدا في صحراء مابيمي، وقد سميت بالحزام نتيجة لوقوعها على خط العرض مع مثلث برمودا، أما عن وصفها بالصمت فذلك نتيجة للصمت الذي يخيم عليها حيث لا تلتقط أية إشارات لاسلكية بما في ذلك إشارات الهاتف والراديو والتلفزيون، كما أن ميزة الـGPS مفقودة بها تماما ويصعب على الأقمار الصناعية اختراقها أو رؤية ما بداخلها مما يجعل التواصل مع أي شخص بداخلها مستحيلا، هكذا نستطيع أن نقول إن هذه المنطقة غائبة تماما عن العالم الإلكتروني الحديث ولا يسيطر عليها سوى الفراغ، كما يحدث بها الكثير من الظواهر الغريبة والتي يعتبرها العلماء لغزا لا يستطيعون تفسيره.
الموت الجماعي
من أهم وأغرب هذه الظواهر الموت الجماعي للحيوانات حيث توجد الحيوانات الميتة داخل المنطقة على شكل تجمعات كبيرة، ويعتبر العلماء هذه الظاهرة لغزا معقدا للغاية لا يستطيعون تفسيره حيث يجدون الحيوانات الميتة بحالتها الصحية السليمة، كما أنها لم تتعرض لأي نوع من أنواع الأذى أو العنف أي أن المنطقة تخلو من الحيوانات المفترسة والتي يمكن أن تكون سببا في موتهم، ومن المدهش أيضا أن الحيوانات التي تتغذى على الميتة كالنسور والضباع لا تقترب من هذه المنطقة بأي شكل من الأشكال، فتبقى جثث الحيوانات كما هي حتى تتعفن وتتحلل.
الأمر لا يقتصر على الموت فقط، بل إن الحيوانات تقوم بأفعال غريبة جدا عند مرورها بجانب هذه المنطقة، فبحسب رواية أحد الباحثين ذكر أن أحدهم كان يمتلك كلبا صغيرا أثناء رحلة فحصهم واستكشافهم لمنطقة الموت -كما يسميها البعض- وبمجرد وصولهم إلى حزام الصمت انتاب الكلب شعور غريب بالهياج ثم بدأ بالدوران حول نفسه بحركة عنيفة وسريعة، وبحلول الليل اختفى الكلب ولم يعرف له أثر حتى الآن.
الصواريخ والطيور تضل طريقها
من المتعارف عليه أيضا أن الطيور لديها قدرة خارقة في التعرف على الاتجاهات حيث تمتلك بوصلة إلهية تجعلها لا تضل الطريق أبدا، ولكن العلماء لاحظوا شيئا غريبا أثناء مراقبتهم لهذه المنطقة وهو أن الطيور تصبح حائرة ومرتبكة، بل تفقد اتزانها تماما بمجرد المرور من فوقها فلا تعلم إلى أين وجهتها ولا تستعيد اتزانها حتى تتخطاها، وقلما يحدث هذا فغالبية الطيور تصطدم بشيء غير مرئي وتسقط ميته على الفور.
وفي عام 1970 تصدرت منطقة حزام الصمت جميع الصحف والمجلات حين أطلقت القاعدة الجوية الأمريكية صاروخا كجزء من مهمة علمية لدراسة الغلاف الجوي، والذي كان من المفترض أن يسقط بالقرب من وايت ساندز، نيو ميكسيكو، ولكنه ضل طريقه وأخذ يتخبط بشدة حتى سقط في منطقة الصمت وتحطم في الثانية صباحا.
تضارب آراء.. واستفادة من الغموض
يعتقد بعض العلماء أن السبب وراء هذه الظاهرة هو وجود حطام النيازك تحت الأرض حيث سقطت نيازك كبيرة بالقرب من المنطقة خلال القرن العشرين، ويرى آخرون أن السبب هو وجود رواسب المغنتيت “وهي أحجار مغناطيسية من أكسيد الحديد الأسود المعدني” والتي تعتبر مغناطيسا بطبيعتها حيث إنها تجذب قطع الحديد، والبعض يقول إنها مأوى للكائنات الفضائية والأجسام الطائرة الغامضة والتي أكد شهود عيان من السكان المحليين رؤيتها، حيث يشاهدون أجساما دائرية غريبة تحلق فوق المنطقة بين الحين والآخر.
في المقابل قام بنجامين بالاسيوس أحد السكان المحليين والذي يمتلك مزرعة مواشٍ بالقرب من حدود المنطقة باستغلال هذه الشائعات والنظريات والترويج لتلك المنطقة المحظورة، فقام بتحويل منطقة الصمت إلى منطقة سياحية يتوافد إليها السياح المهتمون بالأمور الخارقة للطبيعة، حيث فتح لهم باب الإقامة في مزرعته بصحبة المرشدين أثناء فترة استكشافهم للمنطقة والبحث في خباياها، والتي لا تزال لغزا كبيرا حير العلماء حتى وقتنا هذا.