“ما زال جبريل يوصيني بالجار حتى ظننت أنه سيورثه!”، الجار صاحب الدين والخلق أحد أسباب سعادة الإنسان وشعوره بالراحة في بيته؛ حتى أن العرب في الجاهلية كانوا يتفاخرون بالإحسان إلى الجار، ويتسارعون إلى إكرامه والقيام بحقوقه عليهم على أكمل وجه، فلما جاء سيدنا محمد -صلى الله عليه وسلم- بالإسلام ليتمم مكارم الأخلاق، كان من أهم الحقوق التي أوصى أمته عليها هو حق الجار.. تعرف على حقوق الجار في الإسلام.
أنواع الجار في الإٍسلام
- قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: “الجيرانُ ثلاثةٌ: جارٌ له حقٌّ واحدٌ، وهو أدنَى الجيرانِ حقًّا، وجارٌ له حقَّان، وجارٌ له ثلاثةُ حقوقٍ، وهو أفضلُ الجيرانِ حقًّا؛ فأمَّا الجارُ الَّذي له حقٌّ واحدٌ فالجارُ المُشرِكُ لا رحِمَ له وله حقَّ الجِوارِ، وأمَّا الَّذي له حقَّان فالجارُ المُسلمُ لا رحِم له وله حقُّ الإسلامِ وحقُّ الجِوارِ، وأمَّا الَّذي له ثلاثةُ حقوقٍ فجارٌ مسلمٌ ذو رحِمٍ له حقُّ الإسلامِ وحقُّ الجوارِ وحقُّ الرَّحِمِ، وأدنَى حقِّ الجِوارِ ألَّا تُؤذيَ جارَك بقُتارِ قِدرِك إلَّا أن تقدَحَ له منها (أي: لا يشم رائحة ما تطبخ من الطعام إلا وتعطيه منه”.
من هذا الحديث يمكننا تقسيم أنواع الجار إلى ثلاثة أنواع، وهي:
- النوع الأول: الجار المشرك، وهو غير المسلم، الذي ليس بينه وبين جاره صلة قرابة، فيكون له في هذه الحال حق واحد فقط وهو حق الجوار؛ فلا يحق للمسلم أن يؤذي جاره أو يضايقه حتى لو كان مشركا، كما أوصانا رسول الله صلى الله عليه وسلم.
- النوع الثاني: الجار المسلم الذي ليس بينه وبين جاره صلة قرابة، وهذا الجار يكون له حقان عند جاره؛ الحق الأول هو حق الإسلام، فالمسلمون إخوة، لذلك يجب أن يعامل المسلم جاره بحب ومودة كما يعامل أخاه، والحق الثاني هو حق الجوار.
- النوع الثالث: الجار المسلم الذي بينه وبين جاره صلة قرابة ورحم، وهذا هو أقرب أنواع الجار إلى جاره، وأحقهم بحبه ومودته وإحسانه، فيكون له عند جاره ثلاثة حقوق؛ حق الجوار، وحق الإسلام، وحق القرابة.
حقوق الجار في الإسلام
يقول الله تعالى: “وَاعْبُدُوا اللَّهَ وَلَا تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئًا وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا وَبِذِي الْقُرْبَىٰ وَالْيَتَامَىٰ وَالْمَسَاكِينِ وَالْجَارِ ذِي الْقُرْبَىٰ وَالْجَارِ الْجُنُبِ وَالصَّاحِبِ بِالْجَنبِ وَابْنِ السَّبِيلِ وَمَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ مَن كَانَ مُخْتَالًا فَخُورًا”.
يدل ذكر الإحسان إلى الجار بعد عبادة الله -تعالى- وبر الوالدين على أهميته البالغة في الإسلام، وفضله العظيم عند الله تعالى، وحقوق الجار في الإٍسلام التي أوصانا بها رسول الله صلى الله عليه وسلم هي:
- الإحسان إليه بالقول والفعل.
- الحرص على حمايته وتأمينه قدر المستطاع.
- ستر عورة بيته إذا انكشفت، وحفظ سره وسر بيته وأسرته.
- مشاركته في الأفراح، ومواساته في الأحزان والمصائب.
- زيارته بين الحين والآخر في الظروف الطبيعية، وتلبية دعوته.
- عيادته إذا كان مريضا، والدعاء له بالشفاء.
- السؤال عنه وتفقد أحواله بغرض الاطمئنان لا الفضول، والمساعدة في تلبية احتياجاته قدر المستطاع.
- كف الأذى عنه بجميع أشكاله وصوره.
- مساعدته على حل مشكلاته.
- إقراضه المال عند طلبه له، في حال القدرة على ذلك.
- السعي في الإصلاح بين الجيران المتخاصمين.
- الحرص على تعليم الجار العلم الشرعي، والتعلم منه.
- مصاحبته إلى المسجد، ومجالس العلم.
- إحسان الظن به، والصبر على أذاه.
- رد الغيبة عنه.
- المبادرة بالسلام.
- تشييع جنازته عند موته، والسؤال عن أهله.
أحاديث عن حقوق الجار
- عن عبدالله بن عمر، وعن وعائشة رضي الله عنهما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: “ما زال جبريل يوصيني بالجار حتى ظننت أنه سيورثه”.
- عن عبدالله بن عمرو رضي الله عنهما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: “خيرُ الأصحابِ عِندَ الله خيرُهُم لصاحِبه، وخيرُ الجيرانِ عِند الله خيرُهُم لجاره”.
- عن أبي ذر رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: “يا أبا ذر، إذا طبخت مرقة فأكثر ماءها وتعاهد جيرانك”.
- عن أنس بن مالك رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : “ما مِن مسلمٍ يموتُ فيشهَدُ له أربعةُ أهلِ أبياتٍ مِن جيرانه الأدنَينَ أنَّهم لا يعلمونَ إلا خيرًا؛ إلاَّ قالَ الله: قد قبِلتُ عِلمَكُم فيه، وغَفرتُ له ما لا تعلَمون”.
- عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: “والله لا يؤمن، والله لا يؤمن، والله لا يؤمن” قيل: “من يا رسول الله؟” قال: “الذي لا يأمن جاره بوائقه”.
- عن عبدالله بن عمر رضي الله عنه أن رسول اللّه صلى الله عليه وسلم خرج في غزاة فقال: “لا يصحبنا اليوم من آذى جاره”.
- عن نافع بن الحارث أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: “من سعادة المسلم: المسكن الواسع، والجار الصالح، والمركب الهنيء”.
- قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: “يا نساء المسلمات لا تحقرن جارة لجارتها، ولو فرسن شاة (أي: ولو شيئا قليلا)”.
- قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: “من آذى جاره فقد آذاني، ومن آذاني فقد آذى الله، ومن حارب جاره فقد حاربني، ومن حاربني فقد حارب الله”.