حمى النفاس، أو عدوى ما بعد الولادة (Puerperal Sepsis)، وهي حالة مرضية تسببها عدوى بكتيرية تصيب الجهاز التناسلي لدى الأمهات في فترة النفاس -الفترة التي تلي الولادة ومدتها 6 أسابيع- تحدث سواء كانت الولادة طبيعية أو قيصرية؛ نتيجة لتطور العدوى في الرحم والأعضاء المحيطة به، لأسباب وعوامل صحية تتعرض لها الأم أثناء الحمل والولادة، قد تلعب دورًا في إضعاف مناعتها، وجعلها أكثر عرضة للإصابة.
وتعتبر حمى النفاس ثالث أكبر الأسباب المؤدية لوفاة الأمهات في العالم بعد النزيف والإجهاض. وقد تحدث الوفاة كأحد المضاعفات نتيجة وصول العدوى البكتيرية إلى الدم مما يسبب الإنتان أو ما يعرف بتعفن الدم (Sepsis).
أعراض حمى النفاس
- الحمى، أو ارتفاع درجة حرارة الجسم لأكثر من 38 درجة مئوية.
- قشعريرة.
- آلام شديدة في الرحم وأسفل البطن.
- إفرازات مهبلية كريهة الرائحة مع وجود صديد.
- زيادة معدل ضربات القلب.
- فقدان الشهية، وصداع الرأس.
- الشعور المستمر بالإرهاق والتعب.
- تأخر الرحم في الرجوع إلى حجمه الطبيعي، بحيث يتقلص الرحم تدريجيًا بعد الولادة بمعدل 2 سم يوميًا.
- شحوب الجلد، وقد تكون علامة على فقر الدم.
- التهاب الثدي في الرضاعة الطبيعية.
ومن الجدير بالذكر أن الأعراض قد تبدأ بالظهور في غضون 24 ساعة بعد الولادة، أو خلال الأيام العشرة الأولى في النفاس؛ لذا من الضروري مراقبة الحالة الصحية للأم عن كثب لمدة لا تقل عن 20 يومًا بعد الولادة؛ للتأكد من عدم وجود أي علامة تدل على الإصابة.
أسباب حمى النفاس
- إصابة المهبل بأنواع من البكتيريا المسببة للالتهابات، وتنتقل العدوى إما ذاتيًا بواسطة الأمراض المنتقلة جنسيًا، كالتهاب المهبل الجرثومي، أو من المستشفيات نتيجة إهمال تعقيم الأدوات أثناء الفحص، أو عدم غسل اليدين جيدًا من قبل أخصائي مهمل أو غير مدرب، كذلك استخدام الأدوات غير المعقمة كفاية في الولادة الطبيعية، أو العمليات القيصرية.
- الولادة المتعسرة أو المخاض الطويل، يسبب تمزقات كبيرة في أغشية عنق الرحم والمهبل، بالإضافة إلى إهمال علاجها جيدًا، قد يزيد من فرصة الإصابة.
- البدانة ومرض السكري.
- سوء التغذية وفقر الدم.
- السن الصغير للأم.
- الفحص المهبلي المتكرر أثناء المخاض.
- وجود بقايا المشيمة في الرحم بعد الولادة.
- بعض الممارسات المجتمعية غير الصحية، والناجمة عن قلة الوعي الصحي أو تردي الوضع الاقتصادي وخاصة في الأحياء الفقيرة والبعيدة عن المرافق الصحية، كالاستعانة بالقابلة لإجراء الولادة في المنزل، دون اتباع إجراءات الوقاية والتعقيم كما يجب.
تشخيص حمى النفاس
يقوم الطبيب بتتبع التاريخ المرضي وإجراء الفحص السريري للأم بعد الولادة، ويشمل قياس العلامات الحيوية كالنبض وضغط الدم، والتنفس ودرجة الحرارة، وفحص الثدي والبطن، والمهبل. بالإضافة إلى التأكد من حدوث تفريغ إفرازات النفاس التي تحتوي على الدم والسوائل وأنسجة الرحم أو ما يُعرف بالخَلاصة بعد الولادة، متبوعًا بتحاليل الدم والبول للكشف عن وجود البكتيريا، وأخذ مسحة من عنق الرحم أو المهبل أو أي جرح مفتوح لإجراء مزرعة بكتيرية، لوصف المضادات الحيوية المناسبة.
المضاعفات الناجمة عن حمى النفاس
رغم أنها نادرة الحدوث، إلا أن التشخيص والعلاج المتأخر قد يؤدي إلى مضاعفات محتملة وخطيرة، تشمل:
- خُراجات وصديد.
- التهاب الصفاق، أو جدار البطن.
- الانسداد الرئوي نتيجة حدوث جلطة دموية في أحد شرايين الرئة.
- التهاب الأوردة في الحوض نتيجة تعرضها لجلطات دموية.
- دخول البكتيريا إلى مجرى الدم، مسببة الإنتان أو تعفن الدم، ومن علاماته ارتفاع درجة الحرارة، والتعرق المفرط، وزيادة ضربات القلب ومعدل التنفس، والذي قد يؤدي إلى الوفاة.
اقرأ أيضًا: الولادة الطبيعية والولادة القيصرية أيهما أفضل؟
علاج حمى النفاس
- عزل الأم المصابة، لمنع انتشار العدوى إلى الأخريات وأطفالهن، ويفضل إبعاد طفلها أيضًا.
- إعطائها المضادات الحيوية المناسبة بناء على وصف الطبيب، والنتائج المخبرية.
- إمدادها بالكثير من السوائل عن طريق الفم أو الوريد، لمنع حدوث الجفاف وتخفيض درجة حرارتها.
- إزالة بقايا أنسجة المشيمة، والسوائل المحتبسة في الرحم.
الوقاية من حمى النفاس
إن اتخاذ الإجراءات الوقائية، وتحديد عوامل الخطر والأعراض والعلامات في مرحلة مبكرة، قد تنجح بشكل كبير في السيطرة على حمى النفاس ومنع حدوثها، وتشمل:
قبل الولادة، من خلال تشخيص العوامل المساعدة في الإصابة وعلاجها، مثل فقر الدم وسوء التغذية، والسكري، والأمراض المنتقلة جنسيًا، والالتهابات المهبلية.
أثناء الولادة، حيث يعد اختيار المستشفى المناسبة أمرًا بالغ الأهمية، والتأكد أنها نظيفة، وأن طاقمها الطبي يتبع إرشادات الوقاية، من حيث تعقيم الأدوات، وارتداء القفازات الطبية.
كما يُنصح باتخاذ التدابير الوقائية التالية قبل الولادة الطبيعية أو القيصرية:
- أخذ حمام دافئ ومطهر في صباح العملية القيصرية.
- إزالة شعر العانة بمقصات بدلًا من شفرات الحلاقة.
- مسح الجلد وتعقيمه باستخدام كحول الكلوروهيكسدين.
- تناول المضادات الحيوية طويلة المدى قبل الجراحة (يُحظر تناولها بدون وصفة طبية).
بعد الولادة، من خلال التعقيم الجيد أثناء خياطة الجروح في المستشفى، ثم يأتي بعد ذلك دور الأم في تجنب لمسها باليد، واتباع إرشادات مختص الرعاية الصحية في التعامل مع الجروح، والاهتمام بنظافة منطقة المهبل، وتطهيرها بالمسح عليها بلطف بواسطة قماشة نظيفة مغموسة في محلول ملحي.