أحيانا نذهب للتسوّق، لشراء بعض الاحتياجات المحددة، المعروفة مسبقا، إلا أن الأمر ينتهي بأن نبتاع بعض الأشياء التي لا نحتاجها من الأساس دون أن نشعر، والحقيقة أن هذا لا يعد إسرافا منّا، بل هي تكنيكات خاصة وحيل تسويقية يتبعها أصحاب المحال التجارية، بغية إجبارنا -دون إجبار- على أن نفعل ذلك.
تحايل المرآة
هل حدث وأن عدت إلى المنزل لتجد أن الملابس التي اشتريتها لتوك لا تناسبك، على الرغم من أنها كانت متناسقة جدا أثناء قياسها بالمتجر الذي باعها لك قبل دقائق؟ حقيقة المشكلة ليست بسببك، ولا بسبب قطعة الملابس نفسها، لكنها بسبب المرآة الموضوعة داخل المتجر بغرفة تغيير الملابس والقياس.
غرفة القياس في معظم المحال التجارية مجهزة بمرآة مقعرة، تجعلك تتوهم بأنك أقل حجما من حجمك الطبيعي، على عكس المرآة المنزلية المسطحة، التي تعكس صورتك تماما كما هي عليها. بالتالي ما يحدث هو أنك قد تم خداعك بشكل ما، لأنك تشعر بأن القطعة التي تضعها على جسدك مثالية، ما يدفعك آنذاك لشرائها دون تردد.
تشير إحصائية إلى أن 88% من الزبائن الذين وقعوا تحت تأثير المرآة المقعرة كانوا يتممون عمليات الشراء، في حين تتقلص النسبة إلى 73% عندما يتعرض الزبون لتأثير المرآة العادية.
وهم النُدرة
غالبا ما يشعر الإنسان بقيمة الأشياء النادرة، ربما يدرك أصحاب المحال التجارية نفس الأمر أيضا، لذلك إذا ما كنت ذاهبا للتبضع، ووجدت قطعة واحدة من أي منتج على أحد الرفوف، ربما ينتابك شعور لاإرادي بأن فرصة الحيازة عليه ستفوتك إن لم تبتعه الآن، والحقيقة أن هذه الحالة ما هي إلا استراتيجية تسويقية تعرف بـ”وهم الندرة”.
في العام 1975، تم إجراء تجربة على 200 شخص، عبر تركهم أمام وعاءين من الشوكولاتة، أحدهم يحتوي على 10 قطع، أما الآخر فيحتوي على 2 فقط، المثير أن الـ200 شخص المصوتين جزموا بأن الوعاء الذي يحتوي على قطعتين فقط هو الأعلى قيمة والألذ طعما.
بنفس المنطق، يستغل أصحاب المحال هذه الحيلة النفسية للتلاعب بقرارات الزبون، عبر تعريضه لضغط تفويت فرصة شراء هذا المنتج النادر عالي القيمة، ما يعني ارتفاع احتمالية الشراء، حتى وإن كان المستهلك لا يحتاج إليه من الأساس.
المتاهة
هنالك قاعدة محيرة تشير إلى أن 90% من الأشخاص الذين يذهبون للتسوق، ينعطفون يمينا فور دخولهم من بوابة المتجر، من هذا المنطلق، عكف المتخصصون على إيجاد حل يدفع الزبون إلى مشاهدة كل المنتجات المعروضة دون أن يشعر بأنه مجبر على ذلك، والفكرة في حد ذاتها تتلخص في تصميم “المتاهة” الخاص بالمتجر ليس إلا.
كمثال؛ عادة ما يتم وضع المنتجات الرئيسية التي يحتاجها كل المستهلكين في أبعد نقطة عن بوابة الدخول، لأنها منتجات لا يتوجب عرضها من الأساس، يحدث ذلك لإجبار الزائر على مشاهدة أكبر عدد ممكن من المعروضات أثناء رحلته من البوابة وصولا إليها.
مثال آخر، هو وضع المخبوزات في أقرب نقطة من بوابة الدخول، من أجل تحفيز الغدد اللعابية لدى المستهلك، لتزيد احتمالية شرائه للطعام، بينما في الأغلب توضع الحلوى في أقرب مكان من مكاتب الدفع والحساب، لأنها النقطة التي يبدأ عندها الزبون في إخراج محفظته للدفع، ما يعني زيادة فرص صرفه مزيدا من الأموال قبل انتهاء رحلته داخل المتجر. باختصار، يسعى أصحاب المحال إلى إشعار المستهلك بأنه داخل متاهة، لن يستطيع الخروج منها سوى بدفع أكبر قدر ممكن من الأموال.
قطعة مجانية
عند قراءة عبارة “اشتر قطعة واحصل على الأخرى مجانا” نتوقف غالبا عن التصرُّف بتعقُّل، بالتالي قد نشتري هذه المنتجات بدافع الرغبة في الحصول على أفضل عرض ممكن، ولا علاقة لهذا بمدى احتياجنا للمنتج من عدمه في كثير من الأحيان.
تستخدم هذه السياسة من قبل أصحاب المتاجر ضمن حيل تسويقية وذلك لعدة أغراض، فمن الممكن أن تكون المنتجات المعروضة تحت شعار الخصم، أوشكت صلاحيتها على الانتهاء، أو ربما هي منتجات ذات جودة سيئة لم ولن تباع، لذا فمن المنطقي أن يلجأ أصحاب المتاجر لأي شيء يقيهم الاحتفاظ بها.
هذه الفكرة تبدو مرضية لجميع الأطراف، وبغض النظر عن تمرير البضاعة السيئة، يشعر المستهلك بأنه قد فاز بسباق الشراء على صاحب المتجر، كما يمكن كذلك أن يشعر بانتمائه لذلك المكان الذي يسعى لتوفير المنتجات له بأرخص ثمن ممكن.
الموسيقى
تلعب الموسيقى دورا محوريا في تهيئة مزاج المشتري للتسوق، فالموسيقى الهادئة تدفعه للتسوق بتأنٍ، وإمضاء وقت طويل داخل المتجر دون الشعور بملل، بالتالي تزداد احتماليات شرائه مزيدا من المنتجات.
تخبرنا دراسة أكاديمية تعود للعام 1982، بأن الخلفية الموسيقية للـ”سوبرماركت” قد تدفع الزبون للبقاء داخله لوقت يزيد على المعدل الطبيعي بحوالي 34%، وأيضا ينعكس ذلك على المبيعات الخاصة به بنسبة مقاربة، وعلى العكس، فقد تدفع الموسيقى الصاخبة نفس الزائر إلى محاولة تسريع عملية الشراء الخاصة به.