نحن محاطون بكائنات أرضية لا حصر لها، تمتلك لها سمات غير عادية، ولكن بمعزل عن عالمنا الأرضي يكمن عالم آخر داخل المحيطات، يخفي العديد من الكنوز، وعلى الرغم من أننا قطعنا شوطا طويلا في استكشاف العالم المائي والمخلوقات التي تعيش فيه، لكن عندما نقارنه باتساع المحيطات، فإننا ندرك أننا بالكاد قد خدشنا السطح.
إن كنت لا تزال متشككا، دعنا نسألك سؤالا، هل سمعت من قبل عن كائن بحري يمكنه إجراء التمثيل الضوئي مثل النباتات؟ إن كانت إجابتك بالنفي، فربما يتبقى فقط أن نعرفك على مخلوق يعرف بـ”خروف البحر”.
سبب التسمية الغريب
ينتمي خروف البحر لفئة الرخويات البحرية، وهي مخلوقات بحرية لا فقارية، تشبه اللا فقاريات الأرضية إلى حد كبير، لكن ما هو وجه الشبه بين ذلك الكائن والخروف؟
بالتأكيد لا يمكن أن يتطابق ما يقوم به ذلك الكائن البحري بما يقوم به الخروف، فالأغنام من ذوات الأربعة أرجل، مغطاة بالصوف، والأهم أنها تنتمي للثدييات، لكن الشبه في التسمية ربما يرجع لأسباب تتعلق بالمظهر الخارجي، وقد تكون هي ما ألهمت البشر لمنحه ذلك الاسم.
يمتلك خروف البحر زوجا من الهوائيات على جانبي رأسه، والتي تشبه إلى حد كبير آذان الأغنام، يمكن لبعض الناس أيضًا مقارنة التراكيب الشبيهة بالشعر التي تنمو على أجسادها بالصوف الذي ينمو على الأغنام.
بطاقة تعريف
لا يُعرف الكثير عن شكل خراف البحر لأنها نادرًا ما تظهر على سطح البحر أو المحيط، ولكن بفضل أدوات البحث المتاحة، يمكن لنا أن نضع شكلا تقريبيا لهيئة ذلك الكائن.
تعتبر خراف البحر من بين الرخويات البحرية الأصغر التي تنمو فقط حتى يصل طولها إلى بوصة واحدة، ونظرًا لصغر حجمها، من الصعب جدًا التعرف عليها من مسافة بعيدة، لكن عند التدقيق، تكتشف أنه لديها جسما أبيض هلاميا، مع عينين سوداوين، كما أنه من الصعب تحديد مكان أفواهها، وتظل النقطة الأكثر وضوحا هي وجود زوج من الهوائيات على جانبي الرأس الخاص بها.
تمتلك أيضا خراف البحر أجسادا مغطاة بما يشبه أوراق الشجر، لكن وعلى الرغم من أن معظم المشاهدات تشير إلى لونها الأخضر، إلا أن البعض تكهّن بوجود بعض منها في المحيط بألوان أخرى.
السيرة الذاتية
تم اكتشاف خراف البحر لأول مرة من جزر اليابان في عام 1993، ولا يُعرف سوى القليل عن اكتشافها، ومع ذلك، فقد أظهرت بعض الدراسات مؤخرًا أن هذه الرخويات البحرية لا يقتصر تواجدها على اليابان وحسب، فقد شوهدت في إندونيسيا وكاليدونيا الجديدة وغينيا الجديدة وشمال أستراليا وسنغافورة.
لا يزال الخبراء غير قادرين على تقديم معلومات حول عمر خراف البحر المتوقع، إلا أن فترات حياة الرخويات البحرية الأخرى يمكن أن تعطي انطباعا مبدئيا، لذلك يتوقع أن هذه الكائنات قادرة على العيش لقرابة الـ3 سنوات في المتوسط.
تتغذى خراف البحر على الطحالب بشكل رئيسي كغيرها من الرخويات البحرية، لكن المثير هو طريقة أكلها لها، حيث يقوم ذلك الكائن بثقب جدران خلايا الطحالب، ثم يمسكها بالقرب من فمه، حتى يتمكن من امتصاص كل محتوياتها.
بعد ذلك وبدلاً من هضم جميع المحتويات مباشرة، فإنه ببساطة يحتفظ بالبلاستيدات الخضراء، ويخزنها بأمان في مكان ما داخل جسمه لاستخدامها في عملية التمثيل الضوئي في وقت لاحق.
المتشبه بالنباتات
غالبًا ما تتم مقارنة خروف البحر بالنباتات لأن لديها القدرة على أداء عملية التمثيل الضوئي كما ذكر أعلاه، وهنا يجب الإشارة إلى أن خراف البحر يمكن أن تدرج تحت قائمة الكائنات الـ”Kleptoplastic”.
الـ”kleptoplastidity” هي عملية يتغذى فيها الكائن الحي على النباتات المائية الصغيرة مثل الطحالب، لكنه يخزن البلاستيدات (البلاستيدات الخضراء) في جسمه لاستخدامها في عملية التمثيل الضوئي.
ولأمانة النقل، يجب الإشارة أيضا إلى أن هذا الكائن ليس الوحيد القادر على القيام بعملية البناء الضوئي، فحشرة الـ”بازلاء أفيد” يمكنها كذلك تخزين الكاروتينات من أجل استخدامها لاحقا في عملية التمثيل الضوئي.
معلومات هامشية
أولا؛ لم يتوصل العلماء على إجابة قاطعة حول إمكانية اتخاذ خراف البحر ككائن أليف تتم تربيته في المنزل مثل بقية الرخويات، لكن يعتقد بأنه حتى وإذا كان ذلك ممكنا فلا بد وأن يتم وضعه بأحواض خاصة به بمفرده نظرا لصغر حجمه الذي قد يجعله ضحية للافتراس من قبل الكائنات البحرية الأخرى.
ثانيا؛ لا يوجد أي مانع بأن يتم تناوله كطعام، لأنه لا يأكل سوى الطحالب في الأساس، كما أن الأدلة المتاحة تثبت أنه لا يحمل سما بداخله.