أبهرت المعمارية العراقية المتميزة زها حديد العالم بتصميماتها الرائعة والتي تتميز بالفخامة والذوق العالي في ذات الوقت، حيث يوجد لها العديد من النماذج المعمارية على مستوى العالم، ما جعلها تحقق شهرة كبيرة في دول الغرب، وأدى ذلك إلى حصولها على العديد من الجوائز لعل أبرزها جائزة ملكة بريطانيا والتي سلمتها لها بنفسها، كما منحت الجنسية البريطانية تكريما لمهارتها العالية في التصميم المعماري.
نبذة مختصرة عن حياة زها حديد
ولدت زها حديد في 31 أكتوبر عام 1950 في مدينة بغداد لوالدين عراقيين، وشغل والدها منصب وزير المالية العراقي لمدة عامين، أما والدتها فكانت ربة منزل وموهوبة في الرسم تلقت تعليمها الابتدائي والثانوي في مدرسة الراهبات الأهلية بالعراق، ثم توجهت إلى بيروت لدراسة الرياضيات في الجامعة الأمريكية في بيروت في الفترة من 1972 إلى 1977 ثم انتقلت إلى بريطانيا وحصلت على درجة الدبلوم في فن المعمار.
تميزت زها حديد بتصميماتها المعمارية، فذاع صيتها بشكل كبير على مستوى العالم، حتى استقرت في ميامي بالولايات المتحدة الأمريكية، وفي عام 2016 أصيبت بالتهاب رئوي ونقلت إلى المستشفى ثم توفيت إثر أزمة قلبية أثناء تلقيها العلاج، وجدير بالذكر أن زها حديد لم تنجب أطفالا، بل إنها لم تتزوج على الإطلاق.
تصميمات زها حديد الرائعة
محطة إطفاء الحريق فيترا بألمانيا
أول أعمال زها والتي أنشئت في الفترة من عام 1991 إلى 1993، وعلى الرغم من الانتقادات التي تعرضت لها في بداية الأمر فإن التصميم الجديد والغريب ظل مثار جدل ونقاش، وهو ما جعل زها حديد تضع أول قدميها على طريق الشهرة والمجد بعد أن تردد اسمها في كثير من المجلات والمحافل المعمارية.
لذلك ترى حديد أن ذلك المشروع هو سبب نجاحها، وتؤكد أنها تدين لـ رولف فيهلبام رئيس المحطة لاختياره إياها لعمل ذلك التصميم على الرغم من عدم وجود تاريخ تصميمي لها على مستوى العالم، فهي تعتبره الأب الروحي للنجاح الذي حققته طوال حياتها.
مركز روزنتال للفن في الولايات المتحدة
اختيرت زها حديد لتصميم ذلك المبنى الذي يعد أول مركز للفن المرئي في الولايات المتحدة الأمريكية بعدما حازت حديد على ثقة مسؤولي سينسيناتي بولاية أوهايوا، وقد تم الانتهاء من هذا المبني عام 2003 واعتمدت زها في تصميمه على طريقة جديدة وغير تقليدية لم يكن العالم يعرفها معماريا.
وفي البداية لم يتقبل المعماريون في الولايات المتحدة الأمريكية -ولا على مستوى العالم- فكرة البناء بهذه الطريقة، إلا أنه مع الوقت قبلت الفكرة بعد الانبهار والدهشة التي ظهرت في وجه كل من شاهد المبنى من الخارج وتجول فيه من الداخل، حيث الفراغات والكتل الخرسانية تتشابك فيما بينها في مشهد مبدع وابتكاري.
محطة مترو ستراسبورج
فكر مسؤولو مدينة ستراسبورج في إنشاء محطة للمترو خارج المدينة، يحيط بها مساحة كبيرة فارغة يتم استخدامها كموقف للسيارات حيث يهدف المسؤولون إلى تشجيع المواطنين على إيقاف سياراتهم في تلك المنطقة، لاستخدام هذه المحطة في الوصول إلى بقية محطات المترو على مستوى المدينة.
اختيرت زها حديد عام 1998 للقيام بالتصميم المعماري الخاص بتلك المحطة، وبالفعل أطلقت لموهبتها العنان لتبدع ذلك التصميم الرائع والذي تم الانتهاء منه عام 2001، واستخدمت خطوط التصميم ثلاثية الأبعاد من أجل الوصول إلى هدفها.
دار الأوبرا في غوانزو بالصين
هي ثالث أكبر مسرح في الصين وتكلف ذلك المشروع الذي تم إنشاؤه عام 2010 ما يقرب من 200 مليون دولار، وقد فازت زها حديد بتصميم تلك الدار وأطلقت على التصميم اسم “الحصاة المزدوجة”، نسبة إلى أشكال الحصى التي تقع على جانبي النهر في الوديان.
وقد استخدمت حديد التصميمات الانسيابية، حيث ظهر المبنى وكأنه نحت بفعل حركة الرياح والمياه، وتتسع القاعة إلى 1800 شخص ويوجد بجوارها قاعة أصغر تتسع لـ 400 شخص، ويتميز المبنى بأنك كلما نظرت في أي جهة تجد لمسة زها حد الجمالية.
متحف غوغنهايم والإرميتاج
افتتح هذا المشروع الثقافي الكبير في عام 2013، وهو مركز ثقافي أوروبي تتشارك فيه الحكومة الليتوانية المقام على أرضها، ومتحف الإرميتاج بروسيا، ومتحف غوغنهايم بالولايات المتحدة الأمريكية، وقد حصلت زها حديد على جائزة من مركز بريتزكر للإبداع نتيجة تصميمها الرائع.
يتميز المجمع الثقافي الأوروبي بالانسيابية في التصميم، فيظهر وكأنه كبسولة فضائية أو كائن حي يطفو فوق سطح الماء عندما تنظر إلى هذا المبنى تشعر أنه ضد قوانين الجاذبية، وأنه سوف ينفصل عن الأرض ويتركها، للمبنى خطوط منحنية في التصميم تظهر بشكل أكثر من رائع.
مكتبة جامعة التجارة والاقتصاد بفيينا
مبنى رائع عبارة عن كتلة مضلعة منشأة على مساحة 28 ألف متر مربع في منتصف الحرم الجامعي، بجامعة التجارة والاقتصاد بمدينة فيينا، وهو مجمع كبير مكون من فصول تعليمية ومكاتب ومتجر لبيع الكتب، ومطاعم وقاعة مؤتمرات وكافتيريا وقاعة اجتماعات ومختبر لغوي.
يتكون المبنى من كتلتين رئيسيتين، إحداهما عبارة عن مكعب وكأنه موضوع على قاعدة أخرى، وتظهر الحواف المنحنية تارة والمستقيمة تارة أخرى في ذلك التصميم، سواء من الداخل أو الخارج، ويوجد فيه منافذ للنور الطبيعي الذي يدخل المبنى من جهات عدة.
الاستاد الوطني باليابان
منافسة قوية خاضتها زها حديد للفوز بتصميم ذلك الاستاد المسمى “بالجوهرة”، حيث تقدم للفوز بحق التصميم 46 مهندسا معماريا من داخل وخارج اليابان، وتم تصفيتهم إلى 11 مهندسا فقط،ثم اختيرت حديد للقيام بذلك التصميم وهو ما أثار غضب العديد من المعماريين اليابانيين.
وقد دفعهم ذلك لعقد ندوة فيما بينهم واعترضوا بشكل كبير على فوز حديد بتصميم الاستاد، حيث زعموا أن التصميم الذي وضعته غير ملائم للثقافة اليابانية، كما أن تكلفته باهظة، إلا أن المسؤولين عن البناء لم يلتفتوا لاعتراضاتهم، وقرروا إكمال المشروع إلا أنه يواجه في الفترة الحالية مشكلات مالية متعلقة بالتمويل.
يوجد للمعمارية المبدعة زها حديد ما يقرب من 43 تصميما معماريا رائعا على مستوى العالم في العديد من الدول، تتميز بالإبهار والطرق الإبداعية في التصميم والبناء، وهو ما جعلها واحدة من أبرز وأهم المعماريين على مر التاريخ إن لم تكن أبرزهم على الإطلاق.