لجأت السلطات السويسرية إلى حيلة غريبة داخل زنازين السجون، بهدف الحد من السلوك العدواني للنزلاء، في خطوة اعتمدتها دول أوروبية عدة خلال السنوات الأخيرة، وقد بدأت سويسرا تعتمد نهجًا جديدًا يتعلَّق بالسجون، من خلال طلاء الزنانين بلون وردي يُسمى “Cool Down Pink”، السجون الوردية كوسيلة للحد من السلوك العدواني للسجناء، وعلى الرغم من أن هذا الإجراء اعتمدته عدة دول أوروبية أخرى في السنوات السابقة، إلا أن هناك من وجد أن هذا الإجراء مُهين للسجناء!.
سجون وردية
حقيقة معروفة أن الألوان تلعب دورًا بارزًا بالتحكم في مزاجنا. يُقال أن اللون الأحمر يُمكن أن يُحفّز الشهية، ولهذا يُشاع استخدامه بكثرة في المطاعم، بدلًا من اللون الأزرق الذي قد يسُد الشهية. إذ يرتبط كل لون بعاطفة معيّنة يُمكن أن تُؤثر على مزاجنا ككل.
وعلى سبيل المثال، يرتبط اللون الوردي بالسعادة والرحمة، لكنه مرتبط منذ الأزل بالأنثوية والضعف كذلك.
هذا ما جعل هذه الخطوة التي اتّخذتها إدارة السجون في سويسرا جريئة ومثيرة للجدل. فقد جادل علماء النفس منذ فترة طويلة بتأثير اللون الوردي على الأعصاب وتهدئة الناس، لكن استخدامه في نظام العقوبات وُصف بأنه مُهين بسبب النظرة النمطية للألوان وارتباطها بالتمييز الجنسي بين ذكر أو أنثى.
كان الباحث “ألكسندر شاوس” أول من نادى باستخدام اللون الوردي في السجون للحد من عدوان السجناء وعنفهم، والذي أجرى سلسلة من التجارب في أواخر السبعينيات من القرن الماضي لإظهار قوة اللون على سلوك الإنسان.
في إحدى دراساته المُثيرة للجدل، كان يعرض خلفية وردية اللون على رجال مسلّحين، والذين قاموا بخفض أسلحتهم عند رؤية اللون، في حين كان اللون الأزرق بمثابة تحفيز لهم على رفع السلاح وكأن قوّتهم قد عادت.
بعد هذه التجارب، أُعجب ضابطي البحرية الأمريكية جين بيكر ورون ميلر بالنتائج التي توصّل إليها شاوس، وقاموا بتلوين الزنازين في قواعدهم البحرية بلون وردي فاتح وأبلغوا عقب ذلك عن تغيير جذري في سلوك السجناء. على ما يبدو أنهم أصبحوا جميعًا أقل عدوانية إلى حدٍ كبير! وأصبح هذا اللون يُعرف فيها بعد باسم “Baker-Miller Pink”، وشاع استخدامه من قِبل العديد من حراس السجون طوال فترة الثمانينيات.
وبعد عدة سنوات، أجرى عالم النفس “أوليفر جينشو” المزيد من التجارب على لون “بيكر ميلر بينك” ليتأكد من فعاليته في تقليل عنف السجناء، لكنه أثبت العكس! فقد اتضّح أن اللون لم يُخفف من السلوك العدواني على الإطلاق، كونه لونا زاهيا وساخنا وقد يُحفّز مشاعر الغضب والقوة. وفي عام 2011، قررت عالمة النفس السويسرية “دانييلا سبات” إجراء تجربتها الخاص مع ظل آخر من اللون الوردي أكثر شحوبًا وبرودة من النسخة السابقة أسمتها “Cool Down Pink”.
تطبيق اللون في جميع السجون
تم تطبيق اللون الجديد في زنازين 10 سجون سويسرية، وعلى مدار أربع سنوات، أبلغ موظفو السجن عن تسجيل سلوك أقل عدوانية لدى السجناء الذين وُضعوا في زنازين وردية مقارنةً بغيرهم. وأصبح هذا اللون شائع الاستخدام في السجون السويسرية، وكذلك السجون الألمانية الموجودة في دروتموند، هاغن، كليف، وأتيندورن، وبعض سجون هولندا.
وعلى الرغم من النتائج الإيجابية، لكن يبدو أن السجناء أنفسهم ليسوا سعداء باحتجازهم في غرفة تبدو كأنه “غرفة نوم فتاة صغيرة” على حد تعبير أحدهم، واعتبارهم أن الأمر مُهين لهم، بسبب نظرية ارتباطه بالاهتمامات الأنثوية.