هل تشعر بالتعاطف مع الآخرين بسهولة وتبدو قادرًا على حل أزماتهم المعقدة، فيما يتملكك الغضب سريعًا عند التعرض للنقد فلا تقوى على تحمل الضغط؟ ربما تتمتع إذن بمجموعة من صفات الشخصية الحساسة التي نكشف عن سلبياتها وكيفية تحويلها إلى أعظم الإيجابيات.
الشخصية الحساسة
تتمتع الشخصية الحساسة بقدر عالٍ من الخصوصية، حيث تبقى قادرة على فهم الآخرين ومشاعرهم بسهولة شديدة، لكنها سرعان ما تتأثر بالنقد السلبي سواء كان منطقيًا أو لا، لتبدو حائرة بين مميزات وعيوب تلك الشخصية الفريدة من نوعها.
يمكن لأي شخص أن يتأكد من تمتعه بشخصية حساسة للغاية، إن كان يستمع من الأشخاص المقربين إلى عبارات مثل “أنت تأخذ الأمور دومًا بشكل شخصي”، أو “عليك بألا تفكر كثيرًا هكذا”، أو بالطبع “أنت شخص حساس للغاية”، إذ تبدو تلك الكلمات دارجة على مسامع الشخص الحساس متعدد الصفات الإيجابية والسلبية على حد سواء.
صفات الشخصية الحساسة الإيجابية
ما بين عيوب شخصية قد تعرقل النجاح، وقدرات فائقة ربما تصل بصاحبها إلى ما يتمناه سريعًا، تبدو صفات الشخصية الحساسة أشبه بمزيج سحري بين الجيد والسيئ كما نوضح.
تعاطف بلا حدود
يحمل الشخص الحساس بداخله قدرة مثيرة للاندهاش، على الشعور بما يدور في خلجات المحيطين به، إذ يتمتع بالذكاء الاجتماعي اللازم للتواصل مع الآخر والتأثير عليه بالإيجاب وربما إلهامه إن أمكن.
الدعم والمساندة
يعتبر تلقي الشكر والإشادات من الآخرين، بسبب تفهم مشاعرهم أو القدرة على دعمهم أو حتى للتعامل الودي معهم، من العلامات التي تكشف عن الشخصية شديدة الحساسية، والتي تبدو أشبه بمركز للدفء لمن يفهمها جيدًا.
اتخاذ القرارات بتأنٍ
إن كان القلق يعد مصاحبًا للشخص الحساس، خوفا من ارتكاب الأخطاء أو إيذاء الآخرين، فإن القرارات مهما كانت بسيطة تخضع للكثير من البحث والتحري، قبل أن يتخذها المرء وهو لا يزال متخوفًا من احتمالية فشلها، ما يأتي في صالحه في النهاية.
الاستمتاع بأبسط الأشياء
يحظى الشخص الحساس بقدرة خاصة على الاستمتاع بالكثير من الأمور، حيث يمكن لموسيقى هادئة أو لوحة فنية مميزة أو ربما وجبة ساخنة شهية، أن تحسن كثيرًا من مزاج الشخصية الحساسة.
الموهبة الفائقة
توفر صفات الشخصية الحساسة بعض المهارات والمواهب الفائقة لأصحابها، والتي تنتج عن قدراتهم على فهم مشاعر أغلب البشر، وبالتالي توقع كيفية إرضاء كل شخص على حدة، إلى جانب إمكانية الابتكار التي يولد بها الشخص الحساس.
الصفات السلبية للشخصية الحساسة
يعاني أصحاب الشخصية الحساسة على الجانب الآخر، من ردود أفعالهم التي تبدو مبالغة أحيانًا، سواء عند الإحساس بالفرح أو الحزن، ما ينتج عن مشاعرهم المرهفة وكذلك سهولة تأثرهم بما يدور حولهم، وإليكم بعض الصفات السلبية المتمثلة في:
المعاناة تحت الضغط
تعد ملامح أو صفات الشخصية الحساسة شديدة الوضوح عند تراكم المهام في العمل، أو حتى عند مواجهة الأزمات في المنزل، حيث يسيطر القلق على الذهن بمجرد ملاحظة تعدد أو صعوبة الخطوات التي يجب اتخاذها، ليبدو التجمد بلا أي رد فعل من الخيارات الواردة حينها.
كره النقد السلبي
ليس هناك ما هو أسوأ من التعرض لكلمات النقد السلبية، بالنسبة للشخص الحساس، لذا يبذل قصارى جهده دومًا من أجل تجنب سماع أي من عبارات التوبيخ مهما بلغت تفاهتها، ما يزيد الضغوط عليه بعكس المتوقع.
الملاحظة الدقيقة
تعد تلك الصفة تحديدًا من بين صفات الشخصية الحساسة، أشبه بسلاح ذي حدين لمن يتمتع بها، إذ يبدو الحساس قادرًا على ملاحظة الأخطاء وتنبيه من يرتكبها فورا، فيما يعاني كثيرا عند مواجهة الأزمات المؤثرة عليه سلبًا، وحتى إن تمثلت في الضوضاء المرتفعة بالشوارع والطرق.
الشخص الحساس والحب
تحمل الشخصية الحساسة كمًا من المشاعر المرهفة، تدفعها للوقوع في علاقات الحب بكل جوارحها، فيما لا تجد صعوبة فيما بعد في إعطاء الدعم النفسي للحبيب رغم أي ظروف خارجية، حيث يحظى الشخص الحساس بثقة الطرف الآخر في ظل قدرته على فهم مشاعره سريعًا وبلا أي جهد يذكر، علاوة على إمكانية معرفة أوقات فرحه أو حزنه دون أن ينطق بكلمة.
تعني أبسط الأشياء الكثير بالنسبة للشخصية الحساسة، حيث يمكن لقبلة حانية أو كلمة رقيقة أن تمنحها الطاقة اللازمة للقيام بالكثير والكثير، فيما تنقلب الأمور رأسًا على عقب في حال عدم تلقيها ما تحتاجه من مشاعر صادقة متبادلة.
معاناة الشخصية الحساسة
يعد استنتاج عوامل معاناة الشخصية الحساسة من المهام السهلة، في ظل تمتعها بقدر مخيف من رهافة الإحساس، إذ يمكن لأمور عادية مثل الأضواء الساطعة بقوة أو الموسيقى المزعجة بشدة أو حتى ضوضاء السيارات في الطرق أن تصيبها ببعض الألم النفسي.
تبدو معاناة الشخصية الحساسة أكثر قسوة كونها تبقى داخلية في كثير من الأحيان، إذ تمتلئ رأس الشخص الحساس بعالم من الأفكار العميقة والمشاعر المتضاربة، التي أحيانًا ما تدفعها إلى الانعزال رغبة في الهدوء ولا أكثر.
من الوارد أن يؤدي فشل العلاقات بأنواعها، إلى معاناة الشخصية الحساسة من الأزمات النفسية، إذ تتأثر كل من الشهية والنوم بوضوح، قبل أن يتسبب القلق والتوتر في الإصابة بالاكتئاب في بعض الحالات.
علاج الشخصية الحساسة
إن كانت صفات الشخصية الحساسة إيجابية في كثير من الأحيان، فإنها تبقى سلبية في أحيان أخرى، لذا فهي تحتاج لبعض من التقويم عبر اتباع بعض النصائح التالية للخبير والمؤلف تيد زيف.
- معرفة الأشياء التي تزيد من مشاعر التوتر والقلق، إما من أجل التكيف معها أو لتجنبها تمامًا.
- الكشف عن الأمور المزعجة للآخرين بوضوح، والحرص على إخبارهم بطبيعة الشخصية المختلفة لتقليل الضغوط.
- التخطيط قبل اتخاذ الخطوات، كي لا تؤدي نزهة في شوارع المدينة وهي مزدحمة أو مهمة عمل مع شخص سلبي إلى المعاناة.
- تقبل العيوب الشخصية إن فشلت محاولات تعديلها، وسواء كانت صعوبة تحمل الضغط أو التأثر بمصائب الآخرين.
- ممارسة الرياضة وتمرينات اليوجا ولكن قبل النوم بعدد كاف من الساعات حتى لا تؤثر على عمل الجهاز العصبي.
- مكافأة النفس عند تجاوز المهام الصعبة، سواء بالاسترخاء في مكان مفضل أو بالقيام بنشاط ممتع.
- محاولة تقبل كلمات النقد السلبي، عبر تذكير النفس بدورها في تطوير الإنسان بعد معرفة عيوبه.
- تذكر الجوانب الإيجابية للشخصية الحساسة لزيادة مشاعر الامتنان، مثل القدرة على التعاطف والاستمتاع بأبسط الأمور وإمكانية الابتكار وحل الأزمات وحتى الغرق في الحب بكل تفاصيله.
كيفية التعامل مع الشخصية الحساسة
على الجانب الآخر، ينصح عند التعامل مع الشخصية الحساسة بوضع بعض الأمور في الحسبان، كي تصبح العلاقة أقل تعقيدًا، مثل:
- تقبل اختلاف الشخص الحساس عن غيره من البشر، حيث يبدو التكيف مع بعض عيوبه مطلوبًا، إن بدت غير قابلة للتعديل.
- الحرص على عدم إزعاجه بالأمور التي ترهقه نفسيًا، بداية من الأصوات العالية ونهاية بوضع الضغوط على كاهله.
- تحفيزه على اتخاذ بعض الخطوات إن احتاجها وبدا مترددًا، مثل الحصول على الراحة في العمل أو أثناء المذاكرة على سبيل المثال.
- عدم توجيه كلمات النقد السلبي بصورة مباشرة، بل الحرص على وضعها بين أكثر من عبارة مدح امتصاصًا لغضبه.
في الختام، يبقى التعامل مع الشخص الحساس ممتعًا عندما نحظى بالقليل من قدراته على التعاطف، فيما تصبح صفات الشخصية الحساسة مهما كانت سلبية أحيانًا مصدرًا للقوة، حينما يحسن صاحبها استغلالها لصالحه وليس العكس.