أبو القاسم عباس بن فرناس بن ورداس التاكرني هو عالم مخترع موسوعي مسلم أندلسي، ولد في رندة بإسبانيا، في زمن الدولة الأموية في الأندلس، واشتهر بمحاولته الطيران، إضافة إلى كونه شاعرا وعالمًا في الرياضيات والفلك والكيمياء.
نشأته
عاش عباس بن فرناس في عصر الخليفة الأموي الحكم بن هشام وعبد الرحمن الناصر لدين الله ومحمد بن عبد الرحمن الأوسط في القرن التاسع للميلاد، وأسرته أمازيغية، وكانت من عبيد بني أمية الذين حكموا الأندلس، وقد ولد في القرن التاسع الميلادي، وتحديدا سنة 810، بمدينة تاكِرنّا في قرطبة بالأندلس، وفيها درس القرآن وعلوم اللغة والشعر والرياضيات والفلك والكيمياء والفلسفة.
كان لـ عباس بن فرناس اهتمامات في الرياضيات والفلك والكيمياء والفيزياء، اشتهر أكثر ما اشتهر بمحاولته الطيران إذ يعده العرب والمسلمون أول طيار في التاريخ.
الشعر في حياة عباس بن فرناس
عُرف بن فرناس بأنه حاول الطيران من خلال صناعته جناحين، لكنه كان قد برع من قبل في كتابة الشعر، وكان يلقيه أمام الحكام، فكان كثير التردد على مجلس الحاكم عبد الرحمن ثم خليفته محمد.
كان ابن فرناس مقربا تحديدا من الحكم بن هشام وابنه عبد الرحمن وحفيده محمد بن عبد الرحمن بن هشام بن الحكم، وذلك بسبب شِعره، حتى لقّبوه بـ”حكيم الأندلس”، كما برع أيضا في فنون الموسيقى والعزف.
يقدم مقال عن جامعة هيوستن الأميركية أنه كان ضمن الشخصيات المُهندسة للاختراعات، موردا: “لقد التحق بهذا العالم الرائع، شاب مليء بالأفكار، إنه شاب بربري فلكي وشاعر اسمه عباس بن فرناس”.
سفره إلى العراق
جاء ذكر ابن فرناس في المجلد الثاني عشر من الموسوعة العربية، موردة ما يلي: “يذكر المستشرق بروفنسال في دائرة المعارف الإسلامية أن عباس بن فرناس رحل إلى العراق ثم عاد منها إلى الأندلس، وهو يحمل كتاب ‘السند هند’ في الرياضيات، وأتقن الموسيقى وصناعة بعض آلاتها”.
وتتابع الموسوعة عن ابن فرناس: “وأجاد العمل بالرسم الهندسي حتى غدا من المهندسين المعماريين، وبرز بالشعر وقول الموشحات وتلحينها وغنائها مشاركة على آلة العود، إضافةً إلى براعته وإتقانه اللغة اليونانية وترجم بعض كتب الفلسفة والموسيقى عنها إلى العربية”.
اختراعاته العلمية
الميقاتة: كان أول من صنع الميقاتة لمعرفة الأوقات كما جاء في الأعلام.
المنقالة: اشتهر ابن فرناس بصناعة الآلات الهندسية مثل المنقالة -آلة لحساب الزمن-، ونرى نموذج ذلك بالمسجد الكبير بمدينة طنجة، كما اشتهر بصناعة الآلات العلمية الدقيقة.
ذات الحلق: اخترع آلة صنعها بنفسه لأول مرة تشبه الإسطرلاب في رصدها للشمس والقمر والنجوم والكواكب وأفلاكها ومداراتها ترصد حركاتها ومطالعها ومنازلها والتي عرفت بـ”ذات الحلق”.
القبة السماوية: عباس بن فرناس هو المخترع الأول للقبة السماوية، وكان الناس يقصدون منزله لمشاهدة ما اتخذه من رسم جميل بديع في منزله. فقد مثل هيئة السماء بنجومها وغيومها وبروقها ورعودها والشمس والقمر والكواكب ومداراتها.
اختراع الزجاج من الحجارة والرمل: أجمع المؤرخون أن عباس بن فرناس كان أول من استنبط في الأندلس صناعة الزجاج من الحجارة والرمل.
عباس بن فرناس يخترق الهواء
من الواضح أن ابن فرناس لم يقم بتجربته الرائعة بوحي من الخيال، إنما قام بها على أساس من البحث والدرس في ميادين العلم، وبخاصة في الفلك والفيزياء.
وكان كثيرا ما يقوم بشرح نظريته في الطيران لرواد منتديات الخلافة في قرطبة.. نتيجة لدراساته في الرياضيات والفلك، لذلك قام بتجربته الخطرة، أمام جمع غفير من أهالي قرطبة، وفيها ما فيها من إيماءات علمية نادرة، فضلا عن كونها مغامرة بارعة “فاحتال في تطيير جثمانه، وكسا نفسه الريش على الحرير، فتهيأ له أن استطار في الجو ، فحلق فيه حتى وقع على مسافة بعيدة”.
وهذا النص يكفي لتفسير أبعاد هذه التجربة العلمية الفذة، حيث إن ابن فرناس بناها على دراسة فائقة في الفيزياء والفلك. وفي العصر الحديث، نتذكر أمر الطائرات الشراعية، واتخاذ مظلات الهبوط من الحرير.