رغم اعتبار غيرة الزوجة تعبيرًا صادقًا عن الحب، إلا أن الإفراط فيها تسبب في الكثير من المشكلات، وهدمت الغيرة العديد من البيوت، فهي حالة نفسية تشعر خلالها المرأة بالخوف والغضب والقلق، يصاحبه ضعف في الثقة بشريك الخياة، الزوج، ويدفعها إلى ارتكاب أفعال تغضب الزوج، وتصل في النهاية بالحياة الزوجية إلى طريق مسدود.
في السطور التالية.. نتناول أنواع الغيرة، وطريق التخلص منها.
أنواع الغيرة
المرأة غيورة بطبعها، فهي ذات مشاعر رقيقة ومركبة، وعاطفية أكثر من الرجل، ولذا ليست غيرتها في محلها دائمًا، وللغيرة أنواع:
1- غيرة طييعية: أحد مظاهر الحب، وهي ألم قليل، وقلق يبعث على اليقظة والانتباه، وشعور صحي يدفع إلى الاهتمام من أجل الاحتفاظ بالزوج الحبيب أو بالحب
2- غيرة سلبية: تنطوي على الخوف والقلق الشديدين خشية وقوع الخيانة، وترتبط بمشاعر سلبية كالوسواس والخوف والتهديد، وتبدو فيها المبالغة أو تكبير الأشياء التافهة، وغيرة المرأة من أقارب الزوج من النساء، أو حتى الحيوانات، أو الهوايات، أو من اهتمام شخص ما بالزوج، أو من طبيعة عمله.
3- الغيرة المَرَضِية: تعكس مرضًا أكثر من كونه حبًا واهتمامًا، وأساسها حب التملك، أي الحب الزائف، والشك هو الأساس في هذه الغيرة، حيث يعتقد المريض أن الخيانة قد وقعت أو في طريقها إلى الوقوع، وتنطوي على القسوة أو الرغبة في تدمير الزوج، وقد ترفض المرأه الاعتراف بهذه الغيرة؛ لأن إظهارها يزيد من شعورها بالمهانة والتقصير؛ فتكبت مشاعرها الحقيقية كالحسد والبغض والكراهية في بعض الأحيان، مما يعرضها للإصابة ببعض الأمراض النفسية أو الجسمية المزمنة.
والرسول –صلى الله عليه وسلم- قال في حديثه: “إن من الغيرة مايحبه الله، ومنها ما يبغضه الله، فأما الغيرة التي يحبها الله فالغيرة في الريبة، والغيرة التي يبغضها الله فالغيرة في غير ريبة”.
وعند سؤالهن عن أسباب غيرتهن المرضية قلن: “الخوف من رؤية من هي أجمل”، إن المرأة التي لا يمتلكها الرجل عادة ما تلفت انتباهه ويتمناها، وأن عمل الزوج في أماكن لها علاقة بالمجال النسائي أو الرجالي والنسائي معًا يؤدي إلى عدم اهتمامه بزوجته، وكثرة خروجه من المنزل, وعدم إطراء الزوج لزوجته، أو اهتمامه بمشاعرها وضعف اهتمامه العاطفي بها, وكثرة حديث الزوج عن النساء الأخريات، أو الزواج المتعدد, كثرة انتقاد الزوج لزوجته، وإظهار سلبياتها وعيوبها.
أسباب الغيرة
هناك أسباب متعلقة بالزوجة نفسها، كأن تكون غير واثقة من نفسها، أو لديها بعض العيوب الخُلقية أو الخَلقية، أو النقص في أمور تتعلق بها وبأسرتها؛ بأن تكون مضطربة في الشخصية أو في تفكيرها، أو ذات شخصية متشائمة، أو متخوفة، أو لديها سوء ظن، أو يكون وراء الغيرة محاولة من الزوجة لإذلال زوجها ومحاربته، وإسقاط ما بها عليه من باب الدفاع عن النفس، أو التهرب من مسئولياتها، أو الرغبة في استبداله.
ومن صفات المرأه المريضة بالغيرة المفرطة:
1- الشعور بالنقص: ويتمحور حول لوم الذات، والهجوم عليها، ولعل جذور المشكلة ترجع لطفولتها بأن تكون تعرضت للنبذ أو الإنكار، ولذلك تهاجم نفسها لأنها لم تحصل على حب الرجل الكافي، أو اهتمامه الكامل، وتهاجم نفسها مره أخرى لأنها لاتستحق هذا الحب وليست جديرة بأي اهتمام، لذلك فهي تحتاج إلى من يؤكد حبه ويدعم اهتمامه بها، وتحتاج إلى جرعات مركزة زائدة من الحب، ومن يحبها يظل بجوارها طوال الوقت، ويجب أن يقدم الدليل في كل وقت على حبه واهتمامه، ويجب أن يخضع لسيطرتها الكاملة، ويجب أن لا يعطي أي اهتمام لأي إنسان أو حيوان أو نبات، أو جماد سواها.
2- حب السيطرة: وتكون هذه المرأه كثيرة الصراخ، وتتحدث بلا خجل أو حياء في أكثر الموضوعات حساسية، واذا شعرت بإهمال زوجها أثناء الحوار تندفع في ثورة حادة وتحطم كل شيء حولها، وهي غير مرنة، لا تعطي الفرصة لأي نقاش أو حوار، وتتصور أن رأيها هو الأصوب، وليس من السهل إقناعها بالعكس.
3- المرأه الأنانية: وهي تريد كل شيء لنفسها بطريقتها، وتتجاهل رغبات الآخرين واحتياجاتهم.
4- الخوف: هو مثل خوف الأطفال، تخاف من أي شيء بسيط لا يخاف منه إنسان طبيعي، وتخاف من كل إنسان حتى ولو أمها، وتبعدها الأفكار إلى أبعد من المعقول والمنطقي.
5- الشعور بالاضطهاد: وهو شعور يدفعها للحزن على نفسها، ويجعلها دائمًا في حالة من الضيق والسخط، وتتساءل لماذا يهاجمني الناس؟ ولماذا يريدون أن يحطموا سعادتي ويدمروا حبي ويختطفوا زوجي؟.
6- عدم تحمل المسئولية: وهنا يقف الزوج حائرًا إذا ظهرت له إحدى ملامح هذه الشخصيات، ولا يعرف كيف يتصرف؟.
طرق العلاج
الغيرة غير العادية تعني وجود خلل في شخصية المرأة، أو في العلاقة الزوجية، ولتخفيف حدتها -بعد التعرف على أسبابها يكون بالأتي:
أولا: نزع المفاهيم الخاطئة التي أدت إلى هذه الغيرة الزائدة واستبدالها بمفاهيم صحيحة ونصائح مفيدة مثل:
1- أن تَقبَل تلك المرأة نفسها أولًا وحبها، فإن أحبت نفسها واحترمتها وقدرتها فسوف تحب الآخرين، بل ستحمي نفسها من أوهام عدم قبول الآخرين لها.
2- يجب أن تعرف أنه ليس من حق أي إنسان أن يمتلك إنسانًا آخرًا، حتى وإن كان مسؤلًا عن طعامه وشرابه، وأن علاقة الحب اتفاق بين اثنين ليحقق كل منهما رغبات الآخر واحتياجاته، لذلك الرجل ليس مسجونًا أو أسيرًا للمرأة التي تحبه.
3- لا يوجد إنسان كاملًا، فلا بد من التخلص من الصورة الخيالية في ذهن المرأة، وأن تتعامل مع زوجها كإنسان وليس ملاك، يصيب ويخطئ، ومن حقه أن يهتم بنفسه في بعض الأحيان، وعليها عدم كراهية ضعفها، بل تقبل الضعف البشري وتحترمه.
4- عدم أخذ كل أمر على أنه شخصي وموجه لشخص الزوجة بالذات، أو ضدها، فهي كالمرأة الاضطهادية، تحيل كل شيء إلى نفسها، ولديها حساسية بالغة وإسقاط اللوم على الآخرين إلى الحد الذي تجرح معه مشاعرهم، بل لابد من تقبل عيوبهم، ولا تجعل خيالها يصور لها الأشياء على غير الحقيقة.
5- ومن أهم أسباب العلاج تقوية العلاقة بينها وبين الله، والاستعانة به، والتوكل عليه، والإكثار من الدعاء، وقراءة الأذكار والقرآن: “أَلاَ بِذِكْرِ اللَّهِ تَطْمَئِنُّ الْقُلُوبُ”، فهي بذلك تولد الاطمئنان في النفس، والشعور بالأمان، وتبعد الخوف والحزن عنها.
6- يجب أن تقوي ثقتها بنفسها، وعدم إلقاء اللوم على نفسها، فلوم النفس يؤدي إلى الغضب والكراهية، أو أن تنظر إلى نفسها بأنها مهزومة، أو مغلوبة على أمرها، بل تحافظ على سلامة وهدوء أعصابها.
7- الكف عن الشكوى وانتقاد الزوج بصفة مستمرة، وعدم التعليق على كل سلوك وكل لفتة، ولا بد لها أن تتجاوز عن بعض الأمور والسلوكيات، وعدم الإفصاح عن جميع الخواطر، لأن بعضها في حقيقة الأمر خطأ، ومبالغ فيه.
8- إعطاء الزوج مزيدًا من الحرية في غير معصية الله، وهو أمر يدل على الثقة والاحترام والتقدير، بل إن في ابتعاد الرجل قليلًا عن زوجته يجعله يشعر بمشاعرها الرائعة، ويحن إليها باستمرار ويشعره بثقتها فيه.
9- تعويض نفسها عن أوجه القصور الحقيقية في الشخصية، فمثلًا إن كانت متوسطة الجمال أو متوسطة التعليم فبإمكانها التحلي بروح المرح والنكتة، والنظافة والاهتمام بالملبس والمكان وبالطعام، كطرقه وعمله وتقديمه بالشكل الجذاب، فكل هذه الأساليب وغيرها تميزها عن غيرها، وتكمل الناقص في شخصيتها بفضل الله، بل وتزيدها جاذبية وشعورا بالثقة.
10- أن تثق بأن كل شيء في هذا الكون مقدر ومكتوب، وأن القلق وزيادة الحرص يجلب التعب النفسي والشقاء، وربما يعقد المشكلة ولا يحلها.
11- محاولة الابتسامة دائمًا حتى في الظروف الصعبة، والاحتفاظ بالهدوء وعدم عبوس الوجه، والحذر من التلفظ بالكلمات النابية أو الجارحة، فالرجل عادة يحب ويقدر المرأة المتزنة والصلبة، وخاصة أمام المواقف الصعبة، كما عليها أن تشغل نفسها بموضوعات مفيدة، كما عليها التخلص من المشاعر السلبية الحبيسة داخل نفسها، من خلال ممارسة الرياضة أو الاسترخاء أو تعلم مهارات يدوية مثلًا، أو ممارسة بعض الهوايات الجميلة.
وأخيرًا نوجه كلمة إلى الزوج بأن يصبر على غيرة زوجته، وله الأجر جزاء ذلك، وليكن له في رسول الله –صلى الله عليه وسلم- قدوة حسنة، عندما قال: “غارت أمكم”، ومحاولة تعديل سلوك زوجته، وذلك بمدح الجانب الطيب فيها، وعدم إثارة ما يؤجج مشاعرها، والتقرب منها، والحوار معها، وإبداء الحب لها، وعدم تعمد إثارة غيرتها، أو وضع نفسه موضع الشكوك كالحديث بصوت هامس أمامها، أو إشعارها بأن ثمة أمور خفية لا يرغب في إطلاعها عليها، أو بكثرة الكذب والتبريرات.
وفي حال كون الغيرة دليلًا على إصابة المرأة بمرض نفسي فلا بد من العلاج النفسي الطبي المناسب من خلال الجلسات النفسية، وهو الحل الوحيد بعد الله عزوجل.