لم ينتظر متسلق الجبال المثابر وأستاذ الجغرافيا إلا الموت بعد سقوطه بداخل صدع ثلجي من ارتفاع تجاوز الـ70 قدما، إلا أن موقع التواصل الشهير فيسبوك كان سببا في نهاية أخرى لجون أول!
رحلة أستاذ الجغرافيا
انطلق المغامر وأستاذ الجغرافيا والدراسات البيئية بجامعة كنتاكي الأمريكية، جون أول، في إحدى رحلاته الاستكشافية المعتادة، ولكن هذه المرة بقارة آسيا، وتحديدا بجمال الهيمالايا الشهيرة، حيث تخيل في بادئ الأمر أنها ستكون رحلة مرهقة لكنها ليست بالمستحيلة، قبل أن يتعرض لما دفعه لأن يتوقع الموت في كل لحظة.
بينما كان جون يتسلق الجبال بسلاسة معتادة، قاده الحظ السيئ لأن يخطو بقدميه في شق غير واضح المعالم بالهيمالايا، ليسقط على الفور من ارتفاع يزيد عن 70 قدما بداخل هذا الصدع الثلجي، الذي ابتلعه كما يبتلع الحوت العملاق أصغر الأسماك، لذا كان من البديهي أن يشعر جون باقتراب أجله، إلا أن محاولته الأخيرة هي من أعادت إليه الأمل في الحياة من جديد.
رسالة إنقاذ
بعظام مكسورة، ودماء تسيل دون توقف، استقر جون بداخل الشق الجبلي الذي التهمه، فوجد ضالته في الاستعانة بهاتفه من أجل كتابة منشور عاجل للصفحة الخاصة بالعلماء متسلقي الجبال في موطنه، عبر موقع التواصل الاجتماعي فيسبوك، ومن خلال إنترنت الأقمار الصناعية، يقول فيه: “رجاء اتصلوا بقوات الإنقاذ، لقد سقطت بداخل شق ثلجي بالهيمالايا، وأنا أعاني الآن من نزيف وكسور بالأطراف والضلوع”.
وبالرغم من نجاحه في إرسال المنشور العاجل، إلا أنه كان على علم تام بأن المساعدات ستتأخر كثيرا، لذا قرر جون الاعتماد على نفسه، ومقاومة الآلام الحادة التي واجهته آنذاك، وذلك بأن سعى للخروج من الشق بنفسه، ما تحقق له بالفعل ولكن بعد 6 ساعات كاملة من المثابرة، إضافة إلى 3 ساعات أخرى احتاجها أستاذ الجغرافيا المقاتل، للوصول إلى خيمته، التي أشار لموقعها للمنقذين عبر فيسبوك من جديد.
وصول العون
ليلة كاملة من الخوف والقلق، عاشها جون قبل أن يلمح أخيرا طائرة الإنقاذ وهي تحلق فوق رأسه، حيث أمضى ليلة أخرى بإحدى المستشفيات المحلية، وهو يعاني من كسر بالذراع وخلع بالكتف، إضافة إلى 5 كسور بالضلوع، قبل أن يقرر العودة لموطنه رغم تحذيرات الأطباء وتأكيداتهم على ضرورة البقاء لأسبوع كامل.
يحكي جون عن تلك التجربة المريرة: “أنا محظوظ للغاية، فقد تملكني الشعور بأنني سوف أموت حتما، إذ كنت وحيدا، مصابا ومتألما، لذا علي أن أشكر زملائي من متسلقي الجبال، الذين تابعوا رسائلي عبر فيسبوك، وقاموا على الفور بالتواصل مع رجال الإنقاذ حتى تم تحديد موقعي وإنقاذ حياتي”.
في النهاية، عاد جون لبلاده من أجل استكمال رحلة علاج، بعد مثابرة غير متوقعة في مثل تلك الظروف القاسية، وكذلك بمساعدة فيسبوك الذي أرسل مناشداته من قلب الحدث الكارثي.