بالتأكيد سمعت يوما عن ذلك الشاعر الذي كان غارقا في حب “ليلى”، حتى إنه لقب بـ”مجنون ليلى”، إنه قيس بن الملوح، واحد من أشهر شعراء الغزل في تاريخ الأدب العربي، وعلى الرغم من أنه كان عاقلا راشدا، لكنهم لقبوه بالمجنون من كثرة أشعاره التي كتبها في حب ليلى التي كان يعشقها ويهيم بها، إلا أن أهلها رفضوا أن يزوجوها إياه.. تعرف على المزيد من الحقائق حول حياة مجنون ليلى، الشاعر قيس بن الملوح.
نسبه ولقبه
- هو قيس بن الملوح بن مزاحم بن عدس بن ربيعة بن جعده بن كعب بن ربيعة العامري.
- كان يلقب بـ”مجنون ليلى”.
نشأة قيس بن الملوح وحياته
- ولد الشاعر قيس بن الملوح في عام 645 م، 24 هـ، في حي بني عامر الذي كان يقع في وادي الحجاز، وهو واد يقع بين مدينتي مكة المكرمة، والمدينة المنورة.
- كان قيس بن الملوح شاعرا بارزا من أشهر شعراء الغزل في عصره، وفي تاريخ الأدب العربي كاملا، كما كان له تأثير كبير أيضا على الأدب الفارسي.
- تأثر الكثير من الشعراء الفارسيين بشعر قيس بن الملوح وقصته مع معشوقته ليلى، ومنهم الشاعر الفارسي نظامي كنجوي الذي كتب عن قصة قيس وليلى في كتابه الكنوز الخمسة، ومنهم أيضا الشاعر الهندي الفارسي أمير خسرو.
- أتقن مجنون ليلى أنواع الشعر المختلفة، من الرثاء والهجاء والغزل وغيرها، ولكنه كان بارعا في الغزل خاصة؛ حيث كانت أشعاره في الغزل تتميز بالنقاء والطهارة، وكان يبتعد تماما عن الغزل الصريح الفاحش.
- كان الشاعر قيس بن الملوح عاقلا، ولكنه لقب بالمجنون لأن الناس ظنوا أنه من كثرة حبه لليلى كاد يُجن بعد أن رفض أهلها أن يزوجوها إياه، حتى إنه لم يتزوج غيرها وعاش وحيدا على الرغم من أنها تزوجت من غيره.
قصة قيس وليلى
- كانت ليلى بنت سعد العامري ابنة عم قيس بن الملوح، وفي صغرهما كانا يرعيان مواشي أهلهما معا، فيلعبان ويتسليان معا طوال اليوم، فكبرا سويا وكانا رفيقين في الطفولة والصبا وأحب قيس ليلى حبا جما، وأحبته هي الأخرى كذلك.
- عندما كبرت ليلى وأصبحت شابة، حجبها أهلها عن ابن عمها قيس، وكانت تلك هي عادة أهل البادية، فاشتاق إليها قيس واشتد به الشوق حتى إنه كان يقول أشعارا يتذكر فيها أيام الصبا التي عاشها مع ابنة عمه، معبرا عن أمنيته الوحيدة التي يعيش من أجلها وهي أن يتزوج ليلى.
- وبالفعل تقدم قيس لعمه طالبا أن يتزوج ليلى، وعلى الرغم من أنه كان قد جمع لها مهرا كبيرا، وأحضر لها أكثر من 50 ناقة حمراء، ولكن أهلها رفضوا أن يزوجوهما، وعارضوا حبهما بشكل قاس جدا، وأرجعوا الأمر إلى أنهم إذا زوجوا ابنتهم لمن شبب بابنتهم (صرح بحبه لها وكتب الأشعار يتغزل فيها) فستكون تلك فضيحة ووصمة عار في جبينهم، حيث كانت العادة عند العرب رفض تزويج من اشتهر عنهم قصص الحب وذاع صيتهم.
- ثم تقدم لليلى رجل آخر يدعى ورد بن محمد العقيلي، وكان من ثقيف من الطائف، وقدم لها 10 من الإبل فقط مهرا مع راعيها، فانتهز أهلها تلك الفرصة وأرغموها على الزواج منه، فتزوجته ورحلت معه إلى الطائف.
- بعد أن رحلت ليلى مع زوجها، هام قيس على وجهه بعد هذا الحدث المؤلم يتجول في البراري يردد الأشعار والقصائد في حب ليلى، حتى أطلق عليه الناس لقب “مجنون ليلى”، ورفض أن يتزوج بغيرها، فعاش حياته وحيدا إلى أن مات.
وفاة قيس بن الملوح
- في عام 688 م، وجد بعض المارة قيس بن الملوح ملقى على الأرض بين الأحجار، وكان قد مات، فحملوه إلى أهله.
- ويقال إن امرأة من نساء قبيلته كانت تأتيه بالطعام كل يوم في البادية، فتترك له الطعام وترحل، وعندما تعود في اليوم التالي فتجد أن الطعام قد أكل تعلم أنه لا يزال حيا، وفي يوم وجدت الطعام كما هو، فذهبت إلى قومه وأخبرتهم أنه قد مات، فبحثوا عنه حتى وجدوه ملقى بين الصخور.
- عندما توفي قيس بن الملوح، وجد الناس عند رأسه بيتين من الشعر كتبها بأصابعه، وهما:
تَوَسَّدَ أحجارَ المهامِهِ والقفرِ *** وماتَ جريح القلبِ مندملَ الصدرِ
فيا ليت هذا الحِبَّ يعشقُ مرةً *** فيعلمَ ما يلقى المُـحِبُّ من الهـجـرِ
معلقة قيس بن الملوح
- تلك المعلقة هي أبرز قصائد قيس بن الملوح، قصيدة “المؤنسة”، ويطلق عليها معلقة قيس بن الملوح وهي ليست من المعلقات ولكن يطلق عليها ذلك لجمالها، وهي إحدى القصائد الغزلية التي يصف فيها قيس الأيام التي عاشها مع ابنة عمه ليلى في صباهما، وقد كتبها قيس على بحر الطويل، وهذا جزء منها:
تَذَكَّـــرتُ لَيلى وَالســِنينَ الخَوالِيا *** وَأَيّامَ لا نَـــخــشـــى عَلــى اللَــهـوِ نـاهِـيا
بِثَمدَينِ لاحَت نارَ لَيلى وَصَحبَتي *** بِذاتِ الغــــَضا تَزجــــي المَطِـيَّ النَواجيا
فَقالَ بَصــيرُ القَومِ أَلمَحتُ كَوكَبًا *** بَدا في سَـــــوادِ اللَيـــلِ فَـــــردًا يَمــانــِـيا
فَقُلــــتُ لَـــهُ بَل نارَ لَيلـــى تَوَقَّدَتْ *** بِعَليا تَسامى ضَوؤُهــــا فَــبَـــــدا لِــيــــا
أَعِدَّ اللَيالي لَــيـلــَةً بَـعــــدَ لَـيــلــَةٍ *** وَقَـد عِشــتُ دَهـــراً لا أُعِـــدَّ اللَيــالِيــا
ذَكَـــــت نارُ شَــوقي في فُــؤادي *** فَأَصبَحَتْ لَها وَهَجٌ مُستَضرَمٌ في فُؤادِيـــا
وَلا سِــرتُ مـيـلاً مِن دِمَشقَ وَلا بَدا *** سُـهَـيْـــلٌ لِأَهــلِ الشــامِ إِلّا بَــدا لِيـــا
وَلا طَــلَعَ النَجــمُ الَّذي يُهتَدى بِهِ *** وَلا الـبــَرقُ إِلّا هَـــيـــَّــجا ذِكرَهــا لِيـــــا
حَــــــلَفتُ لَإِن لاقَيتُ لَيلى بِخَلوَةٍ *** أَطـــــوفُ بِبَيـــتِ اللَهِ رَجـــلانَ حافِيــــا
شَكــَرتُ لِرَبّـــي إِذ رَأَيتُكِ نَظرَةً *** نَظـــَرتُ بِها لا شَـــكَّ تَشـــفي هُيـامِيـــــا