تعتبر القهوة أحد أهم وأشهر المشروبات الساخنة لدى الكثير من شعوب العالم المختلفة، وتتنوع القهوة وتختلف طريقة إعدادها وتحضيرها من بلد لآخر، فهناك القهوة العربية، وهناك القهوة التركية والبرازيلية، وهناك قهوة “كوبي لواك” الإندونيسية الأغلى والأندر في العالم بل والأغرب أيضا من حيث طريقة تحضيرها، والتي ربما تسمع عنها لأول مرة.
الجذور
تمتد جذور قهوة الـ “كوبي لواك” في إندونيسيا إلى ما قبل قرنين من الزمان، وخلال الحقبة الاستعمارية تحديدا، حيث أنشأ الجيش الهولندي المستعمر مزارع تجارية لإنتاج القهوة العربية الآتية من اليمن في جزيرتي سومطرة وجاوة المحتلتين، وذلك مطلع القرن الثامن عشر.
خلال الفترة الممتدة من 1830- 1870، أجبر المستعمر الهولندي المزارعين الإندونيسيين والسكان المحليين على زراعة القهوة، وإمعانا في النكاية بهم حظر عليهم حصاد ثمارها بل ومنعهم من تذوقها.
بديل من الفضلات!
أصر المزارعون على تذوق ما تجنيه أيديهم من حبوب القهوة، وما لبثوا أن لاحظوا نوعا معينا من القطط يعرف بقط “الزباد” يتناول بذور شجرة البن، لكنه لا يستطيع هضم تلك البذور، ما يؤدي إلى خروجها كاملة مع الفضلات، لذا لجأ السكان المحليون إلى جمع فضلات قط الزباد، وانتقاء بذور القهوة وغسلها وتنظيفها بعناية، ومن ثم تحميصها جيدا وبطريقة خاصة قبل طحنها واستخدامها في إعداد مشروب القهوة.
قط الزباد
يعيش قط الزباد كما يطلق عليه في العربية في مناطق معينة جنوب آسيا وخاصة في إندونيسيا والفلبين وماليزيا، كما يتواجد في غابات شرق أفريقيا، ولديه ذيل طويل شبيه بالقرد، ويمتلك وجها شبيها بحيوان الراكون، ويكثر تواجده حول مزارع القهوة، ما جعل من بذورها طعاما مستساغا له.
تظل بذور القهوة سليمة في بطن الزباد، ورغم أنها تختلط ببعض الأحماض المعوية وإفرازات المعدة، إلا أنها تحتفظ بقوامها وهيئتها داخل جهازه الهضمي، قبل أن تخرج على شكل كتل سليمة دون أن يصل إليها أي تلوث أو ضرر.
كوبي لواك
ذاعت شهرة هذه القهوة العجيبة، ووصلت رائحتها النفاذة إلى المستعمرين الهولنديين من ملاك المزارع، الذين أعجبهم مذاقها القوي ورائحتها المميزة، فأصبحت المشروب المفضل لديهم، إلا أن الطريقة الاستثنائية غير المألوفة التي تستخرج بها تلك البذور، أدت إلى ندرتها وعدم توفرها بسهولة، ما جعل منها مشروبا باهظ الثمن.
يبلغ إنتاج إندونيسيا الدولة الأم لقهوة كوبي لواك حوالي 500 كيلوغرام سنويا، ويتراوح سعر الكيلو الواحد بين 100- 700 دولار أمريكي، وتقدم في المحلات الفاخرة والمطاعم الفخمة وبعض المناسبات الخاصة، ويتعدى سعر فنجان قهوة كوبي لواك في بعض البلدان الـ100 دولار، ما يجعل منها القهوة الأغلى والأثمن في العالم.