إذا قيل لك صف عملك بكلمة واحدة، فغالبا ستكون إجابتك: ممل، رتيب، كئيب، وهذا أمر شائع، فقليلون مَن يربطون بين المتعة والعمل، فإن كنت تشعر بالملل والرتابة أثناء عملك، أو تعاني فقدان الشغف، أو بات الذهاب إلى العمل أمرًا ثقيلًا وشاقًا على نفسك، فأنت إذن بحاجة إلى معرفة كيف تحول العمل إلى متعة ومصدر للسعادة.
أهمية الاستمتاع بالعمل
رغم تعدد اهتماماتك ومهامك ما بين هوايات ومسؤوليات تجاه عائلتك وأصدقائك، يشغل العمل وضغوطاته -سواء أكنت تحبه أم لا- حيزًا كبيرًا من يومك، بل من عُمرك ككل، لذا فإن الأفراد الذين لا يستمتعون بما يقومون به يواجهون ضغطًا متواصلًا، ليس في إطار العمل فحسب، بل يمتد أثره السلبي إلى مختلف علاقاتهم والجوانب الحياتية الأخرى، حيث يكونون في حالة مزاجية سيئة على الدوام تتسم بالتوتر والملل وعدم الراحة، مما يؤثر على صحتهم النفسية والذهنية والبدنية.
هذا إلى جانب ضعف الإنتاجية وفقدان الشغف نحو العمل، فقد توصل الباحثون في هذا الإطار إلى أن بيئة العمل الممتعة من شأنها رفع إنتاجية الأفراد داخل مؤسسات العمل على اختلاف أنواعها حتى 50%، وإجمالًا يمكن تلخيص أهمية تحويل العمل إلى متعة في النقاط التالية:
- تعزيز المعنويات: فالعمل في مناخ مفعم بالسعادة يرفع من معنوياتك ويحسن حالتك المزاجية والنفسية.
- تقليل الإرهاق: إذا كان عملك ممتعًا فبإمكانك العمل لوقت أطول دون أن تشعر بتعب العمل المعتاد، فأصل الإرهاق ذهني قبل أن يكون جسديا.
- رفع مستوى الإبداع: بيئة العمل الممتعة تحفزك على التفكير خارج الصندوق وتنشط ذهنك، وتلهمك الإبداع في مجالك.
- التعاون بين زملاء العمل وتحسين العلاقات فيما بينهم، وبالتالي يحقق فريق العمل نتائج أكثر إيجابية.
شاهد أيضًا: 15 طريقة لإعادة اكتشاف نفسك في سن الأربعين
كيف تحول العمل إلى متعة؟
أول طرق تحويل العمل إلى متعة تتمثل في أن تعمل في مجال يتوافق مع أهدافك المهنية، فإذا كان عملك الحالي لا يحقق شغفك فسرعان ما سيتسرب إلى نفسك عدم الرضا والإحباط والسآمة، لذا لا تتردد في البحث عن عمل يتماشى مع طموحاتك واهتماماتك، بالإضافة إلى تطبيق الإستراتيجيات والنصائح التالية، فهي الفعالة في تعزيز استمتاعك بعملك، وهي أيضًا نافعة في حال ما إذا كنت تعمل في عمل لا تحبه وليس بإمكانك البحث عن غيره أو تغييره في الوقت الراهن.
ضع أهدافًا ملموسة
أحد أساليب تحويل العمل إلى متعة تتمثل في تحديد أهداف طويلة المدى وأكثر شمولية بدلًا من الأهداف قصيرة المدى والتي هي في الأصل مقاييس وليست أهدافا، فمثلًا بدلًا من أن تستهدف كتابة عدد معين من المقالات أو التقارير خلال أسبوع، اجعل هدفك تطوير قدرتك على كتابة مقال أو تقرير أكثر شمولًا وأعلى جودة، فالأهداف طويلة المدى تتسم بأنها ذات مغزى يتعدى تحطيم الأرقام وتجعلك تستمتع أكثر بالقيام بعملك.
شاهد أيضًا: رفض الترقي.. وأغرب أسرار النجاح في العمل
كن أكثر إيجابية
اعتاد الناس الشكوى الدائمة من العمل وضغوطاته، ولكن إن كنت ترغب في تحويل عملك إلى متعة فعليك أن تكون إيجابيًا أكثر من خلال الحديث عن الأمور الإيجابية كأن تثني على زميلك المتعاون، أو تسرد المواقف المضحكة التي تحدث بينك وبين زملائك، بدلًا من الانغماس في دوامة الشكوى المستمرة التي لن تجني منها شيئًا سوى المزيد من الضجر.
لا بأس ببعض المرح
لكي تستمتع بعملك يجب أن تتوقف عن الاعتقاد بأنك لا بد أن تكون جادّا طوال الوقت، فلا بأس بوقت مستقطع من المرح كأن تتبادل بعض النكات المضحكة مع زملائك لدقائق معدودة، أو قراءة قصة فكاهية قصيرة تكسر بها الحدة التي تكتسي بها ملامحك وفكرك جراء الانغماس في العمل بجدية لساعات متواصلة.
لا تبالغ في تحصيل المتعة
رغم أهمية تحويل العمل إلى متعة إلا أن بعض الأبحاث أظهرت أنه كلما حاول الفرد جاهدًا أن يحصل على المتعة فإن هذا يجعله بائسًا أكثر، فليس من الطبيعي أن تجبر نفسك على الابتسام والتظاهر بالسعادة طوال الوقت خاصةً إذا كنت تواجه يومًا صعبًا، فهذا لا شك يسبب لك التوتر والمزيد من الضغط.
اجعل مكان العمل أكثر متعة
يمكن أن يساعدك تغيير ديكور مكتبك على الاستمتاع بالعمل أكثر -إذا كان مسموحًا لك بذلك- فيمكنك تعليق بعض الصور التذكارية أو العبارات التحفيزية، أو تزيين مكتبك بالورود الطبيعية، أو تبخير المكان وتعطيره بعطرك المفضل، فهذا الجهد الذي تبذله في تجميل مكان العمل وجعله أكثر بهجة ومتعة سيحدث في نفسك فارقًا ملموسًا.
شاهد أيضًا: الشخصية الإدمانية.. عندما تأتي فرص النجاح من رحم المعاناة
لا بأس بالقليل من الراحة
أمر آخر لا بد من العناية به إذا كنت تريد تحويل العمل إلى متعة، ألا وهو أخذ فترات راحة قصيرة لا تتجاوز 15 دقيقة كل ساعة أو ساعتين من العمل الجاد، فهذا من شأنه أن يساعدك على إراحة عقلك وجسدك، واحرص خلال هذه الدقائق على ممارسة أنشطة بسيطة تساعدك على الاسترخاء واستعادة الهدوء كي تتمكن من العودة إلى العمل مرة أخرى بذهن صافٍ.
وهكذا نكون أجبنا سؤالك: كيف نحول العمل إلى متعة، وخلاصة الأمر أنه لا بد أن تتوقف عن رؤية عملك مصدرًا للتعب وأنه يتنافى مع المتعة، فالعمل والمرح لا يتعارضان، بل ينبغي ألا يكون عملك بمثابة زنزانتك التي تعزلك عن الاستمتاع بالحياة.