عمر الآباء، أصبح عاملا رئيسيا في التأثير على معدل ذكاء الأطفال، خاصة في ظل هذا العصر الذي تأخر فيه الزواج، وأصبح هناك فارق عمر كبير بين الآباء والأبناء، وقد وجدت الدراسات أن متوسط عمر الآباء زاد بشكل ملحوظ خلال السنوات الأخيرة.
ولأسباب مختلفة، يفضل الآباء تأخير الولادة، لرغبات تُعزى إلى الاستعداد المالي أو الرغبة في النمو والتدرج الوظيفي، وعلى الصعيد الآخر اكتشف الخبراء أن معدل ذكاء الطفل يمكن أن يتأثر إذا كانت الأم أو الأب ذوا عمر أكبر، ليثبت العلم أن الأطفال المولودين لآباء أكبر سنًا لديهم مجموعة من المزايا الفريدة.
ويعرض موقع قل ودل بعض الأبحاث المثيرة للاهتمام التي توضح كيف يمكن أن يتأثر الأطفال المولودون لأبوين أكبر سنًا عقليًا وعاطفيًا بالاختلافات العمرية…
دور الآباء في معدل ذكاء أطفالهم
على الرغم من أن 20%- 40% من ذكاء الطفل هو أمر وراثي، يتعلق بالحمض النووي والجينات، أثبت العلم أنه من المحتمل أن يعمل الوالدان الأذكياء على تربية طفل ذكي بمعدلات تتفوق على النسبة الوراثية المحددة، كما كشفت الدراسات الحديثة أن عمر الوالدين له تأثير كبير على الذكاء المعرفي لأطفالهم.
ومن الغريب أن يختلف الأمر بين الرجل والمرأة، فقد تمكن العلم من إثبات أن الزوج والأب الكبير في السن بشكل مبالغ، أي يكون قد تعدى الخمسين، يكون له تأثير سلبي على معدل ذكاء الأطفال، بالإضافة لوجود مخاطر متزايدة على النمو لعقلي، وتعد أبسط الأمثلة لذلك هو رسوب الطفل وانخفاض درجاته وضعف تحصيله العلمي والدراسي.
وعلى النقيض تماما، ثبت علميا، أن الطفل المولود لأم تكبره في السن، يكون لديه احتمالية وفرصة كبيرة للتطور الفكري الجيد والأداء المدرسي المتميز، والتفكير في الأمور بشكل أفضل، ويمكن أن يُعزى معدل الذكاء المرتفع إلى وجود أم أكثر خبرة في الحياة ونجاحًا في العمل والتي يمكن أن تساعد في تحفيز الطفل فكريًا بطريقة إيجابية.
ليصبح ذلك وجود أية مؤشرات لمعدل ذكاء ضعيف ومنخفض، هو نتيجة محتملة للطفرات الجينية التي تحدث عند كبار السن من الرجال.
دور الآباء وتأثير أعمارهم على الصحة الجسدية لأطفالهم
أظهرت دراسات متعددة أن الآباء الأكبر سنًا يمكن أن يكونوا سببًا للمخاطر الصحية والطفرات الجينية الشاذة لدى أطفالهم، مثل الولادات المبكرة واضطرابات النمو، ولكن ظهر مؤخرا العديد من الحالات الطبية المماثلة لأطفال ولدوا لأمهات في سن الشباب، وأمهات دون سن 25 عامًا.
في المقابل، وجد الخبراء، أنه كلما زاد سن الأم، قلت احتمالية تعرض الطفل لإصابات أو دخول المستشفى، وذكرت دراسة أخرى أن الأطفال المولودين لأبوين أكبر سنًا هم أكثر عرضة للعيش حياة أطول وأكثر صحة لأن لديهم طفرات تحمي الحمض النووي، والتي يمكن أن تنتقل إلى الأجيال القادمة أيضًا.
تأثير عمر الوالدين على الصحة العقلية لأطفالهم
وكشفت الأبحاث العلمية، أن هناك فرصة كبيرة لتعامل الأطفال مع فقدان الوالدين المتقدمين في العمر، بشكل أخف ووقع أقل حزنا على قلوبهم وأنفسهم، من أن يفقد الأطفال آباءهم ذوي السن الصغير، وخاصة في حالات الوفاة، الأمر الذي قد يؤثر على صحته العقلية.
ومن أجل غرابة تلك الرؤية، أوضح الخبراء أنه نظرًا لأن الآباء المتقدمين في السن، والذين تتراوح أعمارهم بين أواخر الأربعينات وأوائل الخمسينات، يحيون في جو مستقر في حياتهم إلى حد كبير، وبالتالي فإن أطفالهم سينعمون في نفس الجو من الهدوء والاستقرار، ومن ثم يكونون عرضة لعدد أقل من مشاكل الصحة العقلية.
وتظل تلك النتائج العلمية، التي يقدمها العلم الحديث يوميا، تثبت بدورها أن الطفل المولود لأب شاب في سن مبكر للغاية، يكون له تأثير سلبي على صحة الطفل العقلية، وذلك لعدة أسباب يكون أبرزها عدم قضاء هؤلاء الآباء أوقاتا صحية مع أطفالهم من أجل تنمية عقولهم، نتيجة لانشغالهم الدائم بالعمل، والرغبة في توفير حياة أفضل، والأمل في التدرج الوظيفي، ولتلك الأسباب عدد من التأثيرات السلبة على العلاقة الأسرية وعواطف الطفل.
وبالإضافة إلى ذلك، وجد العلم أن الأطفال المولودين لأبوين مراهقين يواجهون صعوبة متزايدة في التعامل مع عواطفهم وسلوكياتهم ومشاعرهم تجاه الأشياء والمواقف، بسبب أن الآباء أنفسهم، في حقيقة الأمر مراهقون ولم يستقروا بعد في الحياة، كما لم تستقر مشاعرهم.
تأثير عمر الآباء على الحياة الاجتماعية لأطفالهم
الشائع دائما أن الآباء المتقدمين في العمر، يكون لهم التأثير السلبي على حياة أطفالهم وعلاقاتهم الاجتماعية، مما يجعلها أكثر صعوبة وتعقيدا، إلى أن هدم العلم ذلك، موضحا أن أطفال الآباء الأكبر سنًا يتصرفون بشكل أفضل ويفتعلون مشاكل أقل مقارنة بأقرانهم المولودين لآباء مراهقين، كما أن الأطفال المولودين لأبوين متقدمين في العمر هم أقل عرضة لمخالفة القواعد أو افتعال تصرفات عنيفة جسديًا، أو عدوانية.