يعد وجود تشابه واضح بين ملامح الأبناء والأبوين منطقيا بالنسبة للجميع، إلا أن ذلك قد لا يتحقق في بعض الأوقات، حيث نلاحظ أحيانا وجود اختلاف بين شكل الطفل الصغير وملامح الأب والأم، ما يدفعنا لكشف سر هذا الاختلاف غير المتوقع.
عوامل غير وراثية
بينما تعد العوامل الوراثية هي سر تشابه ملامح الأبناء مع الأبوين، فإن هناك بعض العوامل الخارجية الأخرى، التي يمكنها أن تفرق في الشكل بين الابن أو الابنة وبين الأب والأم، إذ يمكن للنظام الغذائي الخاص بالأم خلال فترة الحمل، وتحديدا إن كان غير صحي ويشمل تناول الكثير من الوجبات السريعة، أن يتسبب في إنجاب طفل يعاني عاجلا أم آجلا من السمنة.
كذلك يؤدي تعرض الأبوين إلى الشمس لفترات طويلة، إلى تبدل ملامحهما يوما بعد الآخر، حيث يصبح لون الجلد داكنا بصورة أكثر وضوحا، فيما يمكن للون الشعر أن يتحول إلى لون أفتح، علاوة على زيادة فرص ظهور النمش على البشرة، وهي الأمور التي تتسبب في النهاية في وجود اختلاف واضح بين ملامح الأبناء من ناحية والأبوين من ناحية أخرى.
اختلافات جينية
على الرغم من أن الجينات والعوامل الوراثية هي سر التشابه بين ملامح أغلب الأبناء وأشكال الأبوين، إلا أن تلك الجينات هي نفسها ما يتسبب أحيانا في ظهور الاختلافات الشكلية بينهما، والسر في كيفية تأثير تلك العوامل الوراثية على بعضها البعض قبل ظهور النتيجة الواضحة على ملامح الطفل.
يرى العلماء أن جينات الأب والأم أحيانا ما تتحد سويا حتى تقوي من عامل وراثي معين، فيما تتحد في أحيان أخرى حتى تؤثر بالسلب على فرص ظهور عامل آخر أو تعمل حتى على إخفاء ملامحه من الأساس، ليصبح توقع شكل الطفل قبل ولادته مستحيلا، وتزداد احتمالية وجود فوارق شكلية تدعو للاندهاش بين الابن والأب والأم.
مرحلة ما قبل التحولات الهرمونية
تتعدد الجينات التي تحدد لون وشكل الشعر الخاص بالطفل بعد الولادة، حيث نرى أن درجة إنتاج خلايا الميلاتونين على سبيل المثال لها الدور الأبرز في تحديد لون الشعر علاوة على لون العين، لذا يمكن للأطفال دائما أن يكتسبوا إما لون شعر الأب أو الأم أو لون مقارب لهما، إلا أن ذلك لا يعد من الثوابت أيضا في بعض الأوقات.
من الوارد أن يولد الطفل بلون شعر مخالف بصورة واضحة للون شعر الأبوين، قبل أن يبدأ في التغير بمرور الوقت، تأثرا بالتحولات الهرمونية التي يخوضها في السنوات التالية، لذا فهو أمر لا يدعو للقلق، وربما يتطلب النظر إلى شكل ولون شعر الأبوين في سن الطفولة، لملاحظة التشابه الواضح مع شعر الطفل في نفس العمر.
الحالة الصحية
يرى الأطباء أن طول الطفل قد يتحدد وفقا لطول كل من الأب والأم، ولكن في 80% من الحالات فقط، حيث يلاحظ أن نسبة 20% من الأبناء لا تطبق عليها تلك القاعدة، بسبب بعض العوامل الخارجية.
تؤدي المعاناة من الأمراض وربما التعرض إلى سوء التغذية في مرحلة الطفولة، إلى ظهور اختلاف واضح أحيانا بين طول الابن وطول الأبوين، إلا أنه في أغلب الأحيان يمكن توقع طول الابن فيما بعد، عبر عملية حسابية بسيطة، تشمل جمع طول الأب والأم، وإضافة 13 سم للذكور أو خصم نفس الرقم بالنسبة للإناث، قبل قسمة الناتج على 2، لنتوصل إلى الطول المتوقع للأبناء بتلك الحيلة.
خصوصية لون العين
يتمتع لون العين لدى الأبناء بخصوصية واضحة، فيما يتعلق بوراثة لون عين الأب والأم، فبينما كان يعتقد الكثيرون أنه يجب أن يكون مشابها للون عين أحد الأبوين، فإنه بدا مؤكدا أن ذلك قد لا يتحقق أحيانا، وبدرجة تصل إلى إنجاب الأبوين أصحاب لون العين الزرقاء لطفل بعيون بنية.
كذلك يجب أن يوضع في الاعتبار دوما أن لون عين الطفل المولود حديثا يتغير أحيانا بمرور الوقت، وخاصة قبل بلوغ عامه الأول من الولادة، لتبدو ملاحظة الاختلاف بين ألوان عيون الأبناء والآباء واردة للغاية لأشهر عدة بعد الإنجاب.
في الختام، يبدو تشابه ملامح الأبناء مع الأبوين مشبعا لرغبات الكثيرين، إلا أن ما يمكن التحكم فيه بشكل أكثر وضوحا، يتمثل في وراثة الصفات والسمات الشخصية الإيجابية وخاصة مع دعمها منذ الطفولة وحتى النضوج من قبل الأب والأم على حد سواء، ليصبح ذلك هو التحدي الحقيقي للأبوين.