الصلاة أمرها عظيم وشأنها كبير، وهي أعظم فريضة، وأهم فريضة بعد الشهادتين، وقد أكثر الله من ذكرها في كتابه المبين تعظيما لشأنها وحثا للأمة على القيام بها والعناية بها والمحافظة عليها، ومن هذا قوله سبحانه: “حَافِظُوا عَلَى الصَّلَوَاتِ وَالصَّلَاةِ الْوُسْطَى وَقُومُوا لِلَّهِ قَانِتِينَ”، وقوله: “وَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ وَآتُوا الزَّكَاةَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ”، وقد أثنى على من حافظ عليها وخشع فيها وجعل ذلك من أوصاف المؤمنين الموعودين بالجنة، فقال سبحانه: قَدْ أَفْلَحَ الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ هُمْ فِي صَلَاتِهِمْ خَاشِعُونَ”.
إن للصلاة منزلة كبيرة في الإسلام، لا تصل إليها أية عبادة أخرى، ويدل على ذلك هذا الحديث: وفي الحديث الذي رواه معاذ بن جبل رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: “ألا أخبرك برأس الأمر كله وعموده، وذروة سنامه؟ قلت: بلى يا رسول الله، قال: رأس الأمر الإسلام، وعموده الصلاة وذروة سنامه الجهاد” رواه الترمذي وصححه الألباني.
موقف القرآن والسنة من تقسيم الصلاة
ولا يوجد في الكتاب والسنة تقسيم عبادة الصلاة إلى أركان وواجبات وسنن، وإنما هذا التقسيم استخلصه العلماء بتتبعهم للنصوص ليقرِّبوا العلم لطالب العلم، وهو أدعى للفهم، والأركانُ: جمعُ ركن، والركن في اللغة: جانب الشيء الأقوى، واصطلاحا أركان العبادة: ما تتركب منه العبادة ولا تصح بدونها، فأركان الصلاة: ما تتركب منه ماهيَّة الصلاة.
الأركان والواجبات والسنن
الأركان لا تسقط لا عمدا ولا سهوا، فلا بد من الإتيان بها ولا تجبر بسجود السهو.
وأما الواجبات فتسقط سهوا وتجبر بسجود السهو، وتركها عمدا يبطل الصلاة.
وأما السنن فلا تبطل الصلاة بتركها عمدا ولا سهوا، ولكن يستحب أن يسجد إن سها في سنَّةٍ من عادته الإتيان بها كما سيأتي بإذن الله تعالى.
أركان الصلاة
هي أربعة عشر ركنا، كما يلي:
1- أولها القيام في الفرض على القادر.
2- تكبيرة الإحرام وهي الله أكبر.
3- قراءة الفاتحة.
4- الركوع، وأقله أن ينحني بحيث يمكنه مس ركبتيه بكفيه، وأكمله أن يمد ظهره مستويا ويجعل رأسه حياله.
5- الرفع منه.
6- الاعتدال قائما.
7- السجود، وأكمله تمكين جبهته وأنفه وكفيه وركبتيه وأطراف أصابع قدميه من محل سجوده، وأقله وضع جزء من كل عضو.
8- الرفع من السجود.
9- الجلوس بين السجدتين. وكيف جلس كفى، والسنة أن يجلس مفترشا على رجله اليسرى وينصب اليمنى ويوجهها إلى القبلة.
10- الطمأنينة وهي السكون في كل ركن فعلي.
11- التشهد الأخير.
12- الجلوس له وللتسليمتين.
13- التسليمتان، وهو أن يقول مرتين: السلام عليكم ورحمة الله، ويكفي في النفل تسليمة واحدة، وكذا في الجنازة.
14- ترتيب الأركان كما ذكرنا، فلو سجد مثلا قبل ركوعه عمدا بطلت، وسهوا لزمه الرجوع ليركع ثم يسجد.
واجبات الصلاة
التي يجبرها سجود السهو وتسقط بالنسيان.
1- تكبيرات الانتقال بين هيئات الصلاة.
2- قول: «سبحان ربي العظيم» في الركوع.
3- قول: «سمع الله لمن حمده» للإِمام والمنفرد، وليست مشروعة للمأموم.
4- قول: «ربنا ولك الحمد» في الاعتدال من الركوع.
5- قول: «سبحان ربي الأعلى» في السجود.
6- قول: «رب اغفر لي» بين السجدتين.
7- الجلوس للتشهد الأول.
8- التشهد الأول.
سنن الصلاة
1- قوله بعد تكبيرة الإحرام: “سبحانك اللهم وبحمدك، وتبارك اسمك، وتعالى جدك، ولا إله غيرك” ويسمى دعاء الاستفتاح.
2- التعوذ.
3- البسملة.
4- قول: آمين.
5- قراءة السورة بعد الفاتحة.
6- الجهر بالقراءة للإمام.
7- قول غير المأموم بعد التحميد: ملء السماوات، وملء الأرض، وملء ما شئت من شيء بعد. (والصحيح أنه سنة للمأموم أيضا).
8- ما زاد على المرة في تسبيح الركوع. أي التسبيحة الثانية والثالثة وما زاد على ذلك.
9- ما زاد على المرة في تسبيح السجود.
10- ما زاد على المرة في قوله بين السجدتين: رب اغفر لي.
11- الصلاة في التشهد الأخير على آله عليهم السلام، والبركة عليه وعليهم، والدعاء بعده.
سنن الصلاة الفعلية
1- رفع اليدين مع تكبيرة الإِحرام، وعند الركوع، وعند الرفع منه، وعند القيام إِلى الركعة الثالثة.
2- وضع اليد اليمنى على اليسرى أثناء القيام قبل الركوع وبعده.
3- النظر إِلى موضع السجود.
4- مباعدة اليدين عن البطن والجنب أثناء السجود.
5- الافتراش: وهو الجلوس ناصبًا القدم اليمنى وجاعلا أصابعها للقبلة، مفترشًا الرجل اليسرى جالسًا عليها. ويسن في جميع جلسات الصلاة إِلا في التشهد الأخير من صلاة تزيد على ركعتين.
6- التورك: وهو الجلوس ناصبًا القدم اليمنى جاعلا أصابعها للقبلة، وجعل القدم اليسرى تحت ساق اليمنى وإِخراجها من جهة اليمين، والجلوس على المقعدة معتمدًا على الورك الأيسر، ويسن هذا الجلوس للتشهد الأخير من صلاة تزيد على ركعتين.
مكروهات الصلاة
1- السدل، وأقرب الأقوال للصواب في تعريفه: هو أن يطرح المصلي ثوبا على كتفيه، ولا يرد أحد طرفيه على الكتف الأخرى.
2- اشتمال الصماء، وهي: أن يتجلل الرجل بثوبه، ولا يرفع منه جانبا، ويدخل يديه من داخل فيركع ويسجد وهو كذلك، وإنما قيل لها صماء، لأنه يسد على يديه ورجليه المنافذ كلها كالصخرة الصماء التي ليس فيها خرق ولا صدع.
3- التلثم: وهو تغطية الفم بثوب ونحوه.
4- كف الشعر والثوب، أي ضمهما وجمعهما احترازا من الانتشار أو التراب.
5- التشبه بالكفار، كوضع اليدين على الخاصرة، أو شد الوسط كالزنار، ونحو ذلك.
6- التشبه بالحيوان، كإقعاء الكلب في جلوس التشهد وهو: إلصاق الإليتين بالأرض، ونصب الساقين، ووضع اليدين على الأرض. وانبساط الكلب في السجود وهو: أن يلصق ذراعيه بالأرض وهو ساجد، وكالتفات الثعلب عند السلام، ونحو ذلك.
7- الحركة القليلة لغير حاجة، ومن ذلك الالتفات بالوجه أو العبث باليد في الثوب، أو اللحية، ونحو ذلك.
8- إلصاق البطن بالفخذين حال السجود.
9- الصلاة في ثوب أو مكان مُلهٍ، وغير ذلك.