تعتبر لوحة الصرخة من أشهر اللوحات الفنية في تاريخ الفن بعد لوحة الموناليزا، قام برسامها الرسام النرويجي إدوارد مونش في عام 1893، وهي تعد تجسيدًا لأزمة الإنسان المعاصر الذي يواجه ضغوط الحياة، ووصفها النقاد بأنها بداية لحركة فنية جديدة، ورمزًا فنيًا لقلق الإنسان الحديث، وقد ابتكر الفنان مونش 4 إصدارات من هذا العمل الفني، لكن النسخة الأكثر شهرة، هي نسخة 1895 المزخرفة بألوان الباستيل، فقد بيعت برقم قياسي يعتبر أغلى عمل فني يُباع في مزاد سوثبي للفن الانطباعي والحديث، حيث بيعت بأكثر من 106.5 مليون دولار أمريكي في مايو 2012.
قصة اللوحة
تُعتبر لوحة الصرخة سيرة ذاتية حيث عبر فيها مونش عن حالاته النفسية وأفكاره وشعوره الدائم بالقلق من خلال الألوان، فاللوحة تعد تجربة نفسية مر بها، ولم يكن يتوقع وقتها أنها ستكون واحدة من أشهر اللوحات الفنية، ويقول مونش عن قصة اللوحة: كنت أمشي في الطريق بصحبة صديقين، وكانت الشمس تميل للغروب، ففاجأني شعور بالكآبة، وفجأة أظلمت الدنيا في عيوني وأصبحت السماء لونها أحمر والبحر تغير لونه، توقفت وأسندت ظهري إلى القضبان الحديدية من فرط إحساسي بالإنهاك والتعب، وقد استمر صديقاي في المشي، لكنني ارتعدت من الخوف الذي لا أدري سببه أو مصدره ، ثم سمعت صرخة مدوية من الطبيعة تردد صداها طويلاً بلا نهاية، ويكمل مونش فيقول: إنها تجربة شبيهة بالحلم تشعر أنك تعيش بين الحلم والحقيقة والخيال أنت أنت، وليس أنت والمكان ليس المكان وفجأة تسمع صرخة مروعة تخترق الطبيعة، ويقال إن المكان الذي ظهرت فيه معالم اللوحة، هو خليج أوسلفورد الواقع في أوسلو جنوب شرقيّ النرويج.
نسخ لوحة الصرخة
رسم إدوارد مونش 4 نسخ من لوحة الصرخة، نسختين بالألوان ونسختين بالباستيل، وضعت نسخة في المتحف الوطني للنرويج في أوسلو، ونسختان بالألوان في متحف مونش، وأحد النسختين المرسومة بالباستيل- تم بيعها في 2012 في مزاد علني بمبلغ 120 مليون دولار تقريبا، لرجل الأعمال ومالك نادي تشيلسي رومان أبراموفيتش، وهو يعد أعلى سعر مدفوع للفن في مزاد علني.
للأسف لم تسلم هذه التحفة الفنية من السرقات، فلقد تم سرقتها مرتين المرة الأولى عام 1994 عندما عُرضت اللوحة في المعرض الوطني في أوسلو ولحسن الحظ ، تم القبض على اللصوص وتم حفظ اللوحة بعد 3 أشهر، والمرة الثانية كانت عام 2004 عندما اقتحم مسلحون متحف مونش سرق اللصوص نسخة أخرى من الصرخة، و لم يتم العثور عليها إلا بعد عامين فقط في عام 2006.
تفاصيل اللوحة
الوجه الصارخ في اللوحة هو لإدوارد مونش، مما جعل هذه اللوحة مشهورة، اختار إدوارد مونش أن يصور نفسه وهو عديم الملامح بوجه يشعر بالقلق والخوف، وبسبب هذا الوجه غير المحدد الملامح ، تم استخدام اللوحة كمثل يحتذى في ثقافة الفن الحديث، والغريب أن الكثير من نقاد الفن الحديث رأوا أن إدوارد مونش على حق في رسمه هذه اللوحة التعبيرية، فهي تعد تجسيداً حديثاً للقلق، يمكننا جميعًا التعرف على أنفسنا في هذا التعبير الصارخ، ويقول يورون كريستوفرسن الناطق باسم متحف مونش إن لوحة الصرخة عمل فني لا يقدر بثمن وهي تمثل رجلاً يعكس وجهه مشاعر الرعب واقفاً على جسر وهو يمسك رأسه بيديه ويطلق صرخة، على خلفية من الأشكال المموجة واللون الأحمر الصارخة.
يرجع الكثير من المهتمين بالفن الحديث السبب وراء شهرة اللوحة، هو التجسيد الدقيق للحالة النفسية التي مر بها مونش فالسماء الحمراء الكئيبة، والبحر الأسود الغاضب والوجه المربع بالملامح الخائفة غير الواضحة الذي يشبه جمجمة بعد الموت، واليدان اللتان تغطيان الأذن والتموج في الصورة، كل ذلك يعطي لمن يشاهد اللوحة حالة من القلق، وشخصان يقفان في نهاية الجسر لا يلقيان بالًا لمن يصرخ، وقد حاول العديد من الرسامين محاكاة اللوحة، كما كانت عنوانًا للكثير من الأعمال الأدبية، واستخدمت كأغلفة للعديد من الكتب والعديد من الأعمال الأدبية التي تناولت تفاصيل معاناة الإنسان.