في عالم الرياضة، يكون من المتوقع أن تفوز أحيانا وتخسر في أحيان أخرى، بينما في الحياة العادية، وبالنسبة لأسطورة الملاكمة الفلبينية، ماني باكياو، يبدو أن الفوز بحب الناس يجب أن يكون هو الحليف دائما، ما أظهره الملاكم الشهير بوضوح، ببناء منازل لإيواء آلاف المساكين في قرى دولته الفقيرة، وكذلك لإلهام الكثير من الرياضيين الآخرين أملا في تقليده.
بطل أسطوري
من رحم الفقر ولد الفلبيني ماني باكياو، في عام 1978، حيث نشأ في ظروف معدمة، لم تمنعه يوما من أن يحلم بتحقيق إنجازات يتحدث عنها الجميع، كما حدث لاحقا بالفعل، بعد أن صار ملاكم الفلبين الأسطوري، الذي طاف العالم لحصد الألقاب، على مدار سنوات طويلة.
تمكن ماني من أن يكتب اسمه بحروف من نور، عندما أحرز بطولة العالم للملاكمة بـ8 فئات مختلفة، ليصبح بعد رحلة طويلة من التعب والاجتهاد، أعلى الملاكمين أجرا في العالم، بل وفي تاريخ تلك الرياضة العنيفة، التي يبدو أنها تبرز أحيانا لاعبين بمشاعر مرهفة مثل ماني، إذ عاد لوطنه من جديد وهو ليس محملا بالميداليات والجوائز في تلك المرة، بل برسالة هي الأكثر إلهاما.
عودة للجذور
خرج ماني من دائرة الفقر منذ سنوات، إلا أن ذلك لم ينسه أهالي بلدته الصغيرة، فعاد إليهم من جديد ليساهم في تمويل بناء أكثر من ألف منزل، إذ قام ماني بشراء الأراضي في مدن كسارانغاني وجنرال سانتوس، لتشهد جميعها بناء منازل صغيرة، يعطيها ماني بعد تجهيزها للفقراء المعدمين في بلاده بلا أي مقابل، في سابقة لم تحدث بتلك الدولة الآسيوية من قبل، جعلت الجميع يقف احتراما لأسطورتها الحية، الذي تفنن في ممارسة الملاكمة، وفي مساعدة غيره من البشر أيضا.
بدأ الأمر في عام 2015، بعد مشاركة ماني في نزال القرن في الملاكمة، أمام المقاتل الشهير فلويد مايويزر، وهو اللقاء الذي وإن خسر فيه ماني أمام فلويد، إلا أنه جعله يفوز في أعين الجميع، بعد أن تبرع بقيمة المشاركة البالغة 100 مليون دولار، لصالح بناء منازل للفقراء في الفلبين.
منذ ذلك الحين، أصبحت مساعدة الفقراء هي الشغل الشاغل لماني، الذي صرح حينئذ: “لا يمكنني أن أنسى المكان الذي أتيت منه، أشعر تماما بمعاناة الناس هناك، لذا لم أبخل يوما عليهم، ما أشكر الله عليه”، الأمر الذي أكده البطل الفولاذي بإنشاء منظمة خيرية تحمل اسمه، ساعدت في تعليم مئات الأطفال وعلاج مئات المرضى، وإيواء آلاف الفقراء، الذين كان ماني باكياو من بينهم يوما منذ عشرات السنين.