هل سمعت عن متلازمة ستوكهولم من قبل؟ إنه اضطراب نادر يصيب الإنسان في الظروف الصعبة، ويدفعه إلى التعاطف بدرجة عجيبة مع عدوه، حيث ظهر هذا المصطلح العلمي للمرة الأولى في سبعينيات القرن الماضي، مع تعرض أحد البنوك السويدية لحادث سطو مثير، نكشف الآن عن تفاصيله وعن علاقته بهذا الاضطراب النفسي المعروف باسم متلازمة ستوكهولم.
حادث سطو واحتجاز رهائن
استيقظ سكان العاصمة السويدية ستوكهولم، في صباح الـ23 من أغسطس لعام 1973، على نبأ تعرض بنك كريديتبانكين، لحادث سطو مسلح قام على إثره الجناة باحتجاز 4 رهائن، وهم رجل و3 فتيات، حتى يتم تنفيذ مطالبهم.
قامت الشرطة السويدية بالفعل بتنفيذ مطالب الرجل الأول وراء الحادث، جان إيريك أولسن، وهي المطالب التي تلخصت في الحصول على مبلغ 700 ألف دولار، سيارة للهرب، إضافة إلى إطلاق سراح صديقه المجرم، كلارك، إلا أن السلطات لم توافق على السماح لأولسن ورجاله بترك ساحة بنك كريديتبانكين، بعدما علموا بنية الخاطفين في اصطحاب الرهائن معهم للخارج.
بقي الأمر على حاله إذن بداخل البنك، حيث جلس الخاطفون مع الضحايا الـ4 لنحو 6 أيام متواصلة، أدت إلى حدوث مفاجأة لم يتوقعها الملايين من المتابعين من أبناء السويد ومن رجال وسائل الإعلام، فسرها خبراء علم النفس لاحقا.
متلازمة ستوكهولم
أدرك رجال الشرطة مع مراقبة الجناة والضحايا، أن علاقة صداقة غير متوقعة نشأت بين الفريقين، أو هكذا اعتقدوا، حيث لاحظوا قيام إيريك أولسن، بوضع ردائه على كتفي إحدى الضحايا، بعدما شعرت بالبرد الشديد، فيما قام أحد الخاطفين الآخرين، بتهدئة روع ضحية أخرى، طالبا منها التحدث على الهاتف لأسرتها من أجل طمأنتهم.
وبينما سمح الجناة لأحد المسؤولين بالدخول إلى البنك للاطمئنان على الوضع الصحي للرهائن، فوجئ المسؤول بأن الضحايا يشعرون بالشك والخوف تجاهه، فيما كانوا على العكس من ذلك، ينظرون برضا وتعاطف مع الخاطفين، الأمر الذي استمر لنحو 6 أيام، حتى تمكن رجال الشرطة من إلقاء القبض على الجناة مع استخدام القنابل المسيلة للدموع، إلا أن الدراما لم تتوقف عند هذا الحد.
فوجئ الجميع بقيام الرهائن باحتضان الخاطفين وتوديعهم، بل لاحظوا بكاء بعض الضحايا، قائلين: “أرجوكم لا تقوموا بإيذائهم، فهم لم يضرونا في شيء”!
شعر الكل بغرابة موقف المخطوفين مع الجناة، ما دعى إحدى ضحايا الحادث بعرض نفسها على طبيب نفسي، للاستفسار منه عن سبب تعاطفها المريب معهم، هنا قام الأطباء بالكشف لأول مرة عن متلازمة ستوكهولم، التي فسرت بأنها حالة التعاطف غير الإرادية التي تنتاب الضحية تجاه الجاني في ظروف نادرة، سواء لضمان الأمن الشخصي بعد الإحساس بالصدمة الشديدة، أو لأي من الأسباب النفسية الغامضة التي تدفع شخصا للتعاطف مع من يسيء إليه عكس التوقعات.
في النهاية، حكم على الجناة بالسجن، فيما قام الضحايا بزيارتهم، قبل أن يتم الإفراج عن إيريك أولسن الذي تزوج واحدة من بين الكثير من المعجبات، اللاتي أرسلن له رسائل الحب في سجنه، ليقوم في عام 2009 بكتابة سيرته الذاتية التي حملت عنوان متلازمة ستوكهولم!