القارُّ في الأذهان أنَّ عجائب الدنيا، كما سطَّرها التاريخ، سبع عجائب، ثمَّ جاءت العجيبة الثامنة تترى؛ تلك المتمثلة في الموت الجاثم على صدور العباد، بكافة البلاد: كورونا، ومفرداتها تتدافع بوتيرة متسارعة، على أنغام ضحايا الزلازل، وعواصف وقواصف البراكين، نتلو ما تيسَّر منها:-
1-لقد أكدت تقريرات منظمة الصحة العالمية: (WOH) أن كورونا هذا لا يدنو من الأطفال، ولا من الشباب، ولا أقل من ذلك، إلاَّ أنَّها عادت على ما قالته بالنفي، بعدما ثبت موت أول رضيع بالولايات المتحدة الأمريكية، وحصد العديد من الشباب بدول مثل: إسبانيا، وإيطاليا، والنرويج، ورومانيا.
2-أثبتت الدراسات الطبية أنَّ كورونا ينتقل عبر الهواء والأرض، ثم تراجعت عمَّا قالته آنفًا، مقررة أنَّ انتقاله عبر الهواء، لا يتأتى إلاَّ في أضيق الحدود، ذاك عند تقارب شخصين، أحدهما مُصاب بكورونا، وأخرج رذاذًا، فاستنشقه الطرف الآخر، أمَّا سوى ذلك، فلا.
أمَّا الأرض، فهو فيروس ضعيف، لا تكاد تطؤه الأقدام حتى يهلك على الفور.
3-نشرت الصحة العالمية تقريرًا مفاده: أنَّ كورونا تقتله درجة الحرارة المرتفعة عند 27 بيد أنها نفت القول السالف ذكره؛ موضحةً أنَّ الدرجة التي تؤثر فيه تأثيرًا بالغاً، هي 56 درجة، وما خلا ذلك فإنها تقلل من درجة الإصابة به فحسب.
4-كورونا يصيب الإنسان الذي يهاجمه، فيقضي البعض ويعيش الآخر، هذا التباين في الأثر والتأثير، لغز لم يفلح العلماء في فك غموضه.
5-من البديهي، أنَّ المُصاب الذي يتعافى من أي مرض، يكتسب مناعة أبدية، يمكنها مُجابهة ذاك المرض، تحت أي ظرف، وأي مُسمًى، بيد أنَّ الأمر يتبدل حيال كورونا؛ إذ يُعاود المريض تارة أخرى، وربما أفلح فيما أخفق فيه قبلاً.
6-إلى هذا، توصلت الدراسات العلمية إلى أنَّ فصائل الدم حيال كورونا، ليست على وتيرة واحدة، في الاستجابة له، وأظهرت الدراسات إلى أنَّ: فصيلة الدم A أكثر عرضة للمرض، وأنَّ O هي الأقلُّ، دونما تفسير يطرحه النقاش على طاولة العقل والمنطق.
7-وجود مناطق وبلاد موبوءة بأكملها، ورغمًا عن ذلك، يوجد أناس لا يكاد كورونا يلامسهم، كما إيطاليا؛ حيث ظهر ما يقارب الألف نسمة، يتمتعون بصحة جيدة وهؤلاء هم من سكان قرية «فيريرا إربونوني»، الواقعة في شمال إيطاليا، ولم تظهر فيها حتى الآن أية إصابات بفيروس كورونا، على الرغم من أن القرية تابعة لمنطقة لومبارديا التي بدأ منها تفشي الفيروس، والتي تضررت بشدة. وكما «فيريرا إربونوني»، جبل طارق، الذي لم يشهد حالة وفاة وحيدة، حتى كتابة هذا المقال، وكُلُنا يعلم حجم الخسائر، وكمْ الضحايا التي تجرعتها –ولا تزال– إسبانيا، مُتخطيَّة الصين ذاتها، موطن كورونا، ومعقله، بل في مصرنا الحبيبة، توجد محافظتان، وقد غضَّ الطرف عنهما، وهما، شمال سيناء، البحر الأحمر.
8-العلماء خبط عشواء، بالنسبة لنوعية الحشرات التي تنقل فيروس كورونا، تارة يقولون القطط، ثم يبطلون هذا الزعم، وتارة يقولون الخفافيش، وتارة ..، وتارة ..، وإذا كان هذا الزعم صالحًا للطرح، فلماذا لا يُصاب العالم بأسره؟ وإذا كان هذا الرأي سديدًا، فلماذا لم يتلاشَ كورونا في المناطق التي أقدم أفرادها على اجتثاث تلك الحيوانات؟!!
9-كورونا ..الكبير كبير، من المقطوع به أنَّ المرض يلازم المناطق الأقل فقرًا، فالأقل، وكذا يُداهم المناطق، التي تعانى نقصًا حادًا في الخدمات الصحيَّة والمعيشية، ومرافق الحياة المختلفة، وكذا الأقل تطوُّرًا: علمًيا وحضاريًّا، غير أنَّ الوضع ههنا مختلف، لأشد ما يكون الاختلاف؛ إذ جاءت الدول الأكثر تقدُّمًا في الصدارة مُحققة طفرة؛ قياسًا إلى الدول التي صنَّفتها هي في عِداد المتخلفين؛ بل إنَّ هذه الدول النامية –دول العالم الثالث- مجتمعة بعدد إصاباتها ومتوفيها لا يماثل نسبة، أو تقارب رقمًا يتدنى إليها، سواء إصابةً أو موتًى.
حتى الأنماط المُصابة، تجدها من عِلية القوم وأكابر الملأ، رؤساء ووزراء، ومسئولين من طراز فريد.
10-ذهبت منظمة الصحة العالمية إلى القول بأنَّ: علماء الفيروسات يشكون في فاعلية ارتداء الكمامات ضد الفيروسات المحمولة بالهواء، وقال الدكتور ديفيد كارينجتون من جامعة سانت جورج في لندن لموقع بي بي سي: “الأقنعة الجراحية الروتينية للجمهور لا توفر حماية فعالة ضد الفيروسات أو البكتيريا التي تنقل في الهواء”.
وأضاف: “معظم الفيروسات” تنتقل عن طريق حملها في الهواء، والأقنعة عادة ما تكون فضفاضة وواسعة للغاية، ولا يوجد بها فلتر للهواء وترك العين مكشوفة.
في هذا السياق، ذكر أحد علماء الفيروسات في جامعة “إمبريال كوليدج” في لندن لـ “إندبندنت” أنهم يخشون من أن بعض الأشياء مثل القفازات تمنح “شعوراً زائفاً بالحماية”، وأن غسل اليدين هو إجراء احترازي أفضل بكثير.
11-من المركوز في الطباع، المستقر في الأذهان، أن التدخين ضار بالصحة ويودى بحياة الآلاف سنويًّا؛ بيد أن هنالك دراسة فرنسية، تؤكد أن التدخين، ومادة النيكوتين، على وجه الخصوص، تقى من جائحة كورونا وذلك وفقًا لما نشره بحسب موقع “فرانس 24″، أطلق الدراسة باحثون يعملون في مستشفى “لابتيي سال بتريير” في باريس برفقة مختص في علم البيولوجيا العصبية وعضو في أكاديمية العلوم الفرنسية جان بيير شانجو.
وأظهرت الدراسة أن الأشخاص الذين يدخنون كثيرًا، مثل المعتقلين والمرضى العقليين، لم يصابوا بشكل كبير بجائحة كورونا المستجد، ما قد يعني بأن التدخين يحمي من الإصابة بالفيروس (نقلاً عن جريدة الحرة – في 14-4-2020)
وبقليل من إنعام الفكر وإمعان العقل، يمكن استكناه حقيقة هذا التخبط، الذى وقع فيه العلماء فكانوا، كحاطب بليلِ، يسير على غير هُدىً، ذلك المتراءى في مفاجأة ظهور هذا المرض، وتنامي ضحاياه، ما بين قتيل وجريح، والشلل التام، الذى عصف بالحياة عصفًا، والعجز التام لدن العلماء، تجاه تلك الجائحة النَّائحة، ممَّا فضح العالَم الذى يدَّعى التقدم –وهو على حق في هذا الادَّعاء- وإنْ أسفر خطر كورونا غير ذلك، أضف إلى ذلك رغبة الدول المتقدمة، ذاتها في إثبات ريادتها للعالم، ومتابعة غطرستها وتجبرها على العالم النامي، إنْ هي بلغت حلاً ناجزًا، ودواءً ناجعًا لداهية الدَّواهي تلك، وربما تسرب لها الشك في ذلك، فأتى العلاج الناجز من قِبَل المشرق العربي الإسلامي، حينئذٍ وحينئذٍ فقط؛ راحت راية العلم من الغرب الأوروبي والأمريكي، واستلم قيادتها المشرق، إلى غير رجعة، كل هذا وذاك يدور في خَلَدهم، ولا يعزب ببال خطورة هذه الهواجس، وحدانًا، وزرافات.