يبادر السائحون عند زيارة إيطاليا بالذهاب إلى برج بيزا المائل أو الكولوسيوم وكثير من الأماكن التاريخية الإيطالية التي شهدت حقبة من أكثر حقب التاريخ إثارة، عصر الإمبراطورية الرومانية، لكن من يذهب إلى إيطاليا ولا يزور مدينة “ماتيرا” فقد فاته الكثير.
تقع مدينة ماتيرا الأثرية في إقليم بازيليكاتا جنوب إيطاليا وهي منحوتة بالكامل على جانب تل وعر، مدينة ذات تاريخ عريق يعود أصلها إلى العصر الحجري القديم، وقد أسسها الرومان في القرن الثالث قبل الميلاد، لكن المدينة التي تعد أحد واجهات السياحة الإيطالية اليوم كانت فيما مضى مدينة سيئة السمعة، ووصمت بالعار.
ماتيرا وصمة عار!
كانت المدينة منبعا للأوبئة، بسبب القذارة التي ملأت بيوت سكانها وشوارعها، حيث كان السكان يبنون منازلهم في مناطق منعدمة التهوية ولا تتعرض للشمس، مناطق داخل كهوف استخدمها أجدادهم منذ ما يزيد على 9 آلاف عام، ولم تكن المنازل المبنية في المناطق المظلمة هي السبب الأوحد لانتشار الأمراض في ماتيرا، بل لأن السكان كانوا يربون حيوانات الحظائر داخل المنازل، ويتقاسمون معهم أماكن النوم، فازداد معدل الوفيات فيها.
في خمسينيات القرن الماضي، بدأت الحكومة الإيطالية في تهجير السكان قسرا من المدينة، ثم بدأت في ترميم المدينة والاهتمام بكهوفها التاريخية، وخلال عدة عقود تغيرت المدينة كثيرا، وفي الأعوام القليلة الماضية تحولت من وصمة عار وطنية إلى كنز أثري ثمين، وبقعة جاذبة للسياحة تزخر بالمطاعم والفنادق الحديثة.
في عام 1903، صنفت منظمة اليونيسكو مدينة ماتيرا مركز للتراث العالمي، كما تم تعيينها مركز للثقافة الأوروبية لعام 2019، وقد ألهمت المدينة المصور الفوتوجرافي الإيطالي فيدريكو سكارشيلي فحمل عدسته وطار إلى هناك ليلتقط بعض الصور المميزة.
ويقول سكارشيلي في حديث مع شبكة “سي إن إن” الأمريكية: “أحاول استكشاف الحجارة التي بنيت منها جدران المدينة، وقد وجدت أمرا ملهما حقا في ماتيرا”.
“الكنائس الحجرية هناك مليئة بالفن، تتزين جدارنها بلوحات جدارية ملهمة، ومن خلال التصوير يمكنني استكشاف كل ما أريد استكشافه”.
يقدم سكارشيلي نصيحة إلى زوار إيطاليا، بالذهاب إلى ماتيرا، والاستمتاع برؤية المشهد البانورامي للمدينة من تلة مورجيا المقابلة للوادي الذي بنيت عليه.
ويضيف: “إنها مدينة رائعة لكل محب للتاريخ، وأي شيء مختلف، هي فريدة حقا”.